مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الجمعة، 27 نوفمبر 2020

تضحية ‏العشاق ‏بقلم ‏سلمى ‏العزوزي

يحكى أن فراشة ... آية في الحسن و الجمال تشع جاذبية ورونقا ..بهشاشة حركتها...امتزاج ألوانها 
خفة ظلها ، كل جزء منها بنبض نضجا وأنوثة ...
حدث أن فتحت مقلتيها على ضوء لفت انتباهها 
فما فتئت أن تشبثت به متتبعة خطاه 
لم تتسابق عقارب الساعة فيما بينها لمدة طويلة إلى أن كانت في قبضةضيائه السالب لإرادتها فبقيت برفقته ..
تعيش يومها في التجوال بين الزهور والبساتين في كد وجد من زهرة لأخرى إلى أن يسدل الغروب خماره
القاتم على الأجواء فتحن إلى الضوء  ..
كلما تابعت الدوران والتحليق بأجنحتها  كلما هاجت عاطفتها واشتدت رغبتها بالإقتراب, تارة تلتهب وتبعد وتارة تقترب برضاها لتحترق ..
في إحدى الأمسيات الروتينية ذابت الشمعة ...
التهبت الفتيلة برمتها وانتحر الضوء, سبح الكل في سبات  عميق فشاءت الأقدار أن لا يفك  أسره وأن لا ينير من جديد ..
قبعت الفراشة في عتمة سجنها بين جمود مميت وسكون بارد يسري الرجفة في جوارحها معتقلا نبض الحياة وممزقا لحبل الوريد ..
كان بجانبها يرقات يجبرنها على التجوال في فضاء الدهاليز ..فيلوح شبحها عليلا ،ثقيل الخطوات ،يرسم 
ابتسامة سطحية تخفي سخط عمقها متعودا ضحكا هستيريا يمزق الحزن المكبوت ..
تئن من تثاقل أنفاسها فأوشكت على الوداع من جراء ما تعرضت له من ندبات وحروق بأجنحتها كل ليلة ورغم ذلك أستمرت الحياة بصوتها المبحوح المدوي  بمغارة أفكارها  وآلامها ..
وشاء القدر ان يفاجئها بصيص متثائب من النور .. 
ثاقت بكل جوارحها للإرتماء بين أحضانه لإنارة
حلكة ليلها بدفئه وحنانه ..
ودت لو ألقت بنفسها في لهبه وارتشفت من حرارته لتذيب صقيع أغوارها ..لو احترقت فيه لتكون رمادا وجزءا منه ..
لكن أوجاع ما ضيها وتعفن حروقها جعلها تتذكر أن الضوء كان نارا وليس نورا ..
لم تكن لديها القوة لتكون تلك الفراشة المحبة شهيدة الحب والعشق المضحية بعقلانيتها من أجل سعادة تختطفها من بين براثين الواقع المر ..
وعادت تجر اذيال خيبتها وضعفها لتزرعها بذرة في سردابها الشحيح الكابي خوفا  من اعتقادها بأن كل ضوء هو نار محرقة....
بقلمي سلوى العزوزي

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق