السماء لا تمطر حبا....
لازال الوجع يمض فؤاده و أنفاسه مليئة بأشيائها وذكرياتها، تجاوز اعماقه الحبلي بمشاهد كثيرة وفي غيابها احتلت مشاعرها صمت الروح... كان يحتضن اوجاعه من حين الي اخر ويرتق بعضا من نتوءات احزانه التي طالت به... لم يكن قد اخرج همه بعد فالذكري أثارت كل حواسه، امتطي غيوم الحلم وارتحل محلقا في نيران الشوق والوجد... كان يشتاق ويحن إليها كلما تذكر ملامح وجهها ،فتخرج كلماته متقطعة... ينظر في الفراغ فيراها وكأنها تقف أمامه،... فهي مازالت حية في عروقه تنبض عشقا وكأنها نبيا لا يوحي أليه... فيسوده الاضطراب من جديد وتتداعي الصور أمام عينيه فكلماتها تملأ قلبه و صوتها يقترب من فمه وكلما حاول تذوقه تلفظه شفاهها..... سار خطوات كثيرة باتجاه تلك السنين المرة، فتلاشي مع الاقتراب ووجد نفسه لا يملك من الدنيا الا حطامها.... لقد وضع نفسه في مأزق لا يمكنه الخروج منه وهي تمتطي عشرين سنة بعيدة عنه.... كان رحيلها موجعا و غيابها يحرق الأنفاس.... منذ سنين مضت فارقته في رحلة أخرى فهو ليس الأول ولا الاخير من عبث به القدر، حاول احصاء خيباته فلم ينجح، التمس منها بعض الهوى ففتحت له باب القفص وطارت بعيدا..... فلم تترك له سوى نبض الشرايين.... كيف يخمد حرب روحه؟!.... سكن ثوران قلبه ثم تفجرت بداخله رغبات دافئة.... كان مفتونا بعينيها وبدفيء صوتها.... تعاقبت السنين وهو يحمل صورتها بين كفيه... كان يقضي أوقاته في الحديث إليها وأحيانا يحاكيها ويتوسل إليها فترمقه بنظرة جانبية..... فتجعله يتنهد مرة ومرتان.....
بقلم توفيق العرقوبي _تونس _
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق