إهداء
مقدم من إدارة مجلة ضفاف القلوب الثقافية
للكاتبة المبدعة
امل شيخموس شيخموس
مقاربة نقدية على نصكم الجميل وعنوانه
( الكتابة محرقة الكاتب ؛ والكتاب منهله )
..........
ارسل ( فلوبير ) إلى عشيقته رسالة جاء فيها :
( كفى بالمرء حكمة لو عرف نصف دزينة من الكتب )
بمعنى أن ستة كتب كافية لصقل علمنا إذا قرأناها وغصنا في جزئياتها تحليلا ونقدا وتفكيكا .
فالقارئ الجيد هو الذي يمنح النص الحياة ويصنع الكاتب ..
فالتاريخ ..
يحتفظ بالنص أكثر من المؤلف ..
نحن لا يهمنا من كان حلاب نواس ( ابو نواس ) أو ( المتنبي ) ولكن تهمنا ( دع عنك لومي ) و
( عيد بأي حال عدت يا عيد )
والكثير من الكتب وصلتنا دون مؤلف ( جلجامش ) الرائعة مثلا ..
( الف ليلة وليلة ) على سبيل المثال .
الكاتب الجيد قارئ جيد بداخله ناقد جيد متمكن من أدوات التحليل .
والقارئ الذي يقرأ نصا ويقول قرأته هو ذاك الذي يقرأ النص مرات ومرات اقله مرتين .
فنحن ادرى أن القراءة الأولى استثنائية يصاحبها عياء ومجهود كبير وشوق لمعرفة النهاية ..
يقول ( رولان بارت ) :
أن أغلب القراء منحرفون
يميلون للمأساوية أكثر من المتعة ..
واني اصارحك أستاذتي الفاضلة اني حين اقرأ نصا اول مرة .. يشرد ذهني
وتعصف بي رياح سدوم من الأفكار والتوقعات تفسد علي تذوق النص .. لذلك أعيد قراءته باستعمال أسئلة مفاتيح من قبيل
ماذا لو ؟
ولماذا ؟
وهل يمكن ؟
والقارئ الجيد يقابله قارئ سيء .. يهدم النص ..
وأسوأ القراء بتعبير ( نيتشه )
هم اولئك الذين يتبعون طريقة الجنود النهابين ..
يأخذون ما يحتاجونه ويلطخون الباقي ويشتمونه ثم يرغون ويزبدون ضد الكل .. جنود مسلحون ضد نص أعزل .. يدخلون حقول كلماته يغتصبونه ويأخذون ما شاؤوا .. ثم يطلقون أحكامهم حول النص ..
فالقارئ السيء هو الذي تجد عنده احكام جاهزة ...
دائما يستقبلك ب :
( هذا كتاب سيء ونص سيء )
وما أكثر قراء السوء ..
( فلاديمير نابوكوف ) الكاتب الروسي صاحب رائعة ( لوليتا ) في كتابه
( محاضرات في الأدب ) يرى أن القارئ الجيد لا يستطيع قراءة كتاب بل هو من يستطيع إعادة قراءته .
كذلك ( نابوكوف) ينصحنا أن نبتعد عن الكتب الأفضل مبيعا والكتب التي تقول انها ستغير حياتنا والتي تدعي أنها ستوقظ قوانا الداخلية ....
قرأت في رواية ( القارئ )
للكاتب ( برنارد شلبهك ) مقطعا فيه يقول :
أعرف أني وجدته جميلا ..
لكني لا استطيع استحضار جماله مجددا ...
بمعنى أن النص قد يبدو جميلا في القراءة الأولى ..
لكن حين تعود لقراءته بتعمق قد يفقد جماله .
( رولان بارت ) مجددا في كتابه ( لذة النص ) قدم نموذجا رائعا للقارئ الناقد الذي يعتبر النص كحبيبته
يتغزل به ويحبه ويجعله شيقا .. بالتعبير الفرويدي .
والقارئ الجيد له حس فني
وذاكرة قوية .. يعرف كيف يعري النص .. ويجد نفسه في شخصيات النص ... لذلك
نحن نحتاج للجرأة لكي نعترف أننا لا نعرف كيف نقرأ جيدا ..
أننا نظلم النص لأننا لا نعطيه قيمته ووقته ..
الدكتور ( عبد الله العزامي ) واحد من اروع النقاد العرب
إن لم يكن أفضلهم - بالنسبة لي _ يقول :
الناقد قارئ والمترجم قارئ والمحقق اللغوي قارئ إذا كان سيئا سيفسد النص وإذا كان جيدا سيصنع النص ..
القارئ الجيد يصنع الكاتب الجيد .. ويحدث ثورة فكرية
ولولا القارئ الجيد لما كان هنالك كاتب وفكر .
أستاذتي الفاضلة إذا امعنا القراءة في نصكم ندرك الانغماس في روح النص ..
وإذا آثرنا مواكبة البعد المحوري للتصورات ومساحة قوة الموهبة الظاهرة وآلية التماهي في مياه النص ..
ترفع لحضرتك القبعات .
قبعتي أستاذتي الفاضلة .
بقلمي .
محمد إبراهيم .
احترامي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق