- العاقبة لك و لرمزي و لم ينته قصفهما المدمر إلا بعد ساعتين فقد نكأتا القروح بكوميديةٍ ساخرة و غادرتا بعد أن طرقتني رتيبة بكلماتٍ كالقرميد قائلةً :
- هذا هو انتصاري ، فما تراك تفعلين ؟
فتردُ أمها ناهرةً إياها :
- إن وداد تساوي جرة جواهر نفيسة .
فرحت أرددُ في سريرتي :
- صدري اقحوانةٌ بيضاء متلألئة الأوراق تأبى الخضوع للأحقاد ، و سرعان ما شعرت بحرقةٍ في عيني تودان سكب العبرات و قد ترددت الصرخات في أعماقي :
- لِمَ يا أم رمزي ؟ . . طفلةً صغيرةً كنت لِمَ غدرت بي ؟
أحسستُ أن الكون قد أوصد نوافذه و أطفأ أنوارهُ حتى ازدرد الظلام كل شيء أمامي مع أنه وقت عزِّ الظهيرة ، حبيبي لا يدعونني أنعم بالسلام بينهم إنسانيتك غلبت الجميع ، حبكَ مزج دمي برائحة الكاكاو حتى تغلغل في كل مكان .
الصفحة - 127 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
وردَ والدي و زوجته من السفر منهكين و وصلنا خبر من القرية بصدد احتضار جدتي ، وقد صرحت لولو بأن القرويين الحمقى يرغبون في تصيد النظرات من ابنتها ، لكنَّ والدي سافر مساءً و رآها تقاسي سكرات الموت و ما أن أمرنا بالمجيء حتى سلمت جدتي الروح . . وا حزناه ! لن أقول إنها مصيبة لأني مؤمنةٌ بالقضاء و القدر فجعتُ و أخواتي و نحنُ اللواتي أمدتنا الحياة بحرارة المعاناة ، جرحي يتلظى مفرقعاً بألمٍ حادٍ يتجنبه العقل يتدحرج كنزفٍ قويٍّ عبر الأيام الغادرة التي حاولت قمع البياض ، نبضي يتحشرج مجهشاً من القساوة حولي ، أتبطن بتوجسٍ سريٍّ إثر الطعنات العنيفة من أعز المخلوقات و أبهاها في نظرنا لتتبدى صورهم الباطنية الدميمة أمامنا لتقشعر أبداننا من حقيقة أولئك الذين كنا متأهبين لفدائهم ، ها نحن نرتطم بمحاجرهم السوداء ، فبعد انصرام أسبوع على الوفاة وفدَ عمي و عمتي من السفر وقد اتفقا على المثول في النهار ذاته لمشاطرة الإرث لا للعزاء ، وقد ذهلوا جميعاً أمام وصية المرحومة التي أعلنتها أم فضة
الصفحة - 128 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق