مجلة ضفاف القلوب الثقافية

السبت، 22 يناير 2022

مفتاح المعارف بقلم رماز الأعرج

تحية الأمل والفكر والإرادة
الشيفرة الكونية 
 (,مفتاح المعارف,) 
رماز الأعرج ,                  
:قانون  التراكم الكمي يؤدي إلى تغيير نوعي
أن  التراكم قانون هام من قوانين العالم الموضوعي . ويساعدنا على فهم كافة الظواهر وعلل تغيرها وانتقالها
من شكل إلى أخر , ويفسر لنا طبيعة التغير الداخلي للأشياء  بناء على حركتها ذاتها , وليس من خلال تحاليل وتخيلات خارجية وهمية مما يساعدنا على اكتشاف الحقيقة وامتلاكنا لناصية التغير الاجتماعي نحو الأفضل.
ومن ألحظة الأولى لبدايات تشكل الكون وهذا الناموس يفعل فعله بل ولعب دورا هاما و أساسي في تغير وتشكل للأشياء وتجمع الكتل في وحدات معينة , وقد سبق واشرنا أن جميع نواميس الوجود الأساسية هذه ليس من السهل التفريق بينها والحديث من هو الناموس الأول فيها ومن هو الناموس الذي بالضرورة أن يسبق الأخر , ولكن ما بعد ناموس الكتلة والفراغ  الذي شكل أساس و أرضية لها بالتوازي مع الحركة والتوازن أصبحت أكثر وضوح ,  ولكنها جميعها في النهاية لها فعلها المتداخل و الأساسي في تشكيل الكتل الكونية جميعها وكيفية توزعها وانتشارها وكثافتها وكتلتها إلى أخر ما هناك من مؤثرات.
في الواقع هي تفعل فعلها في النهاية بشكل عنقودي , وهذا الحال شبيه تماما بما هو عليه عالم الفلك حول موضوع التشكل الأول للكون , بحيث لا يمكن للعلماء تحديد من هو المؤثر الأول في تشكل الكون المبكر , ويجمعون في النهاية على القول أن جميع العوامل التي تم رصدها حتى الآن تؤثر بشكل متساوي , ولا يمكننا أن نحدد من منها يسبق الأخر أو يسببه وبذلك الصورة عنها حتى  الآن أن فعلها وتأثيرها متداخل و عنقودي الطابع , و الأولوية فيها ليس سوى محاولة  منا لتبسيطها لدماغنا من اجل القدرة  على استيعابها وفهمها عقليا أحيانا.
وتراكم كم كبير من الحرارة في الحيز الصغير سيجعله ينضغط ويتوسع حتما طالما هو في أساسه عبارة عن مادة مظلمة
ورغم أن هذه المادة حتى الآن منقسمة إلى 27% مادة مظلمة لا تتفاعل, و 68% مادة مظلمة تتفاعل ولها طاقة و لكنها مظلمة لأسباب لم نعرفها بعد, و حد علمنا بها أن لها حيز ومساحة ما تشغلها في الزحكان الكوني أي كان الموقع المرصود أو الحيز المرصود وطبيعته .
وبذلك حين ترتفع الحرارة في هذا الحيز المعين , (والحرارة في النهاية هي مادة متحولة) وهذا يعني أن ارتفاع الحرارة يزيد من كمية  المادة المتراكمة في الحيز , وهذا سيؤدي حتما إلى توسع المكان فورا ,  سواء كان تراكمي تدريجي بطيء أو سريع و مفاجئ كما في الحالة الانفجارية وهذا يعتمد على الظروف الممكنة  .
وفي الحالة المتوازنة  التراكمية البطيئة يتغير الحيز بشكل تدريجي , ويتحول هذا الشيء أو الحيز من  حالة إلى حالة نوعية مختلفة بسبب هذا التغير , التراكمي , وفي حال كان هذا التراكم سريع جدا ولم يقوى  الحيز على استيعابه بشكل  تراكمي فحتما سيتغير هذا الواقع بشكل متطرف أي انفجاري , وقد يحدث تغير نوعي مفاجئ في الزحكان والحيز معا
كما يحدث في الانفجارات الفلكية مثل الانهيار ألنجمي وتشكل الثقوب السوداء وغيرها من الحالات الفلكية العنيفة المتطرفة  بالنسبة لنا , مما يتيح الكثير من الاحتمالات اللاحقة التي تساهم حتما في استمرار التشكل و الاحتمالات اللاحقة بما فيها تشكل النجوم و المجرات والكواكب , و الأبراج الفكية لاحقا , وهنا تتشكل لدينا احتمالية  نشوء وتشكل الكواكب القابلة للحياة العضوية أيضا  بما في ذلك المجتمع و الأنواع الذكية مثل الحياة الإنسانية.
وكما بقية النواميس حتما عرف القدماء هذا الناموس منذ بواكير نشؤ الوعي البشري والذكاء الإنسان ي , وبغض النظر عن مستوى هذا الإدراك  فقد لعب هذا الناموس  وفهم التعاطي معه دورا هاما في العمل والإنتاج , فقد ادرك الإنسان  أن تراكم الحفر في الجدار سوف يؤدي إلى تفريغ هذا الجدار من الكتلة  وبذلك يصبح هذا الفراغ المصطنع مأوى له يحتمي به من عوامل الطبيعة  والمناخ و الحيوانات المفترسة , والحيوانات بفطرتها أيضا تتعامل مع هذا الناموس بشكل تلقائي فالطير يراكم تجميع الأغصان والعيدان الصغيرة ويشكل منها وكنه , والثعلب  يواصل الحفر حتى يصنع وكرا و الأمثلة
لا تحصى لكثرتها .
أنتقل فهم هذا الناموس مع تطور الأناسة وحركتها وعصورها المختلفة حتى وصلنا اليوم , وعلينا نحن إعادة  تفسيره وقراءته بناء على  مستوى معارفنا وتصوراتنا العلمية والمعرفية عن الكون والوجود والحياة , فصيغ الفلسفة والكون ومفاهيمه لابد لها أن تواكب تطور العصر العلمي والتقني والفكر وإلا أصبحت بعيدة عن الواقع , ويصبح استعمالها
من قبلنا غير مجدي بل وربما لا تنطبق مع الواقع بشكل أو بأخر , ولهذا يبقى تجديدها دوما مهمة معاصرة لكل عصر ولكل الفلاسفة و العلماء والمفكرين في جميع العصور , ورغم إدراكنا لحجم هذه المهمة ومدى الجهد المطلوب لها إلا أنها تبقى ضرورية  وحتمية من اجل القدرة على السير ومواكبة المعارف الإنسانية  مع حركة الواقع المتحرك المتغير باستمرار أصلا  وبلا توقف . 
و من ميزات هذا القانون أن له فعله الداخلي والخارجي للأشياء , وفي داخل أي ظاهرة من الظواهر يتواصل فعل هذا القانون إلى جانب فعل القوانين الأخرى , ولا يمكن لهذه القوانين أن تعمل منعزلة عن بعضها البعض سواء
في الوجود أو الفعل , و على صعيد الطبيعة مثلاً , فأن البذرة التي تكون في الأرض الجافة تبقى في سبات مؤقت للحياة حتى يأتي المطر وتتحلل التربة وتتفاعل , ويصل كمية من الماء و الرطوبة والحرارة المناسبة لهذه البذرة , وتتفاعل داخلياً حيث يبدأ النمو من خلال تراكم كمي للتفاعلات الحيوية , وما أن يبدأ النمو حتى يبدأ شكل البذرة في التغير
و لكن لا يحصل هذا قبل بدء التفاعل الكيميائي الداخلي , حيث يؤدي تراكم كمية من الماء و الرطوبة والحرارة إلى هذا التفاعل , وهكذا تبدأ كمية جديدة من الخلايا بالنمو و التشكل.
أن تراكم الماء والحرارة والرطوبة بدرجة وكم معين , قد أدى إلى تغير نوعي على البذرة حيث انتقلت من طور السبات إلى طور الحياة والحركة والنمو السريع . 
و بهذا لم يقتصر التغير النوعي على الجوهر بل أنتقل أيضا إلى الشكل الخارجي حيث يبدأ شكل البذرة بالتحول
من الشكل الكروي أو الأسطواني أو غيره إلى شكل جذور و أوراق أولية ثم ساق ثم مزيداً من الجذور و مزيداً من الأغصان و الأوراق و تستمر النبتة حسب نوعها في الحركة والنمو منذ لحظة الأولى لانطلاقتها الجديدة وحتى نهاية عمرها الافتراضي وهي في حالت من التغير الدائم لا يتوقف , و نلاحظ في نفس المثال أن الصراع الأساسي بين الموت و الحياة وغيره من النواميس هي الأساس الذي أدى إلى نمو هذه البذرة.
مثل قانون  صراع البقاء الأزلي , بأزلية الحياة والوجود ولو بحثنا ودققنا فسنجد أن قوانين الواقع الموضوعي تفعل فعلها
في هذه الظاهرة نفسها مثل (بذرة النبات) بأكثر من شكل وفي مراحل مختلفة.
و لو أخذنا مثالاً أخر كوباً من الماء ووضعناه في (البراد) مكان التبريد المنخفض , البرودة ستتراكم داخل الماء تدريجياً وهذا سيؤثر بدوره على تركيب الماء تدريجياً , وحين الوصول إلى درجة تحت الصفر سيتجمد الماء ويتحول من حالته السائلة إلى حالته المتجمدة ,جليد.
أدى تراكم البرودة في داخل الماء إلى تحول الماء من حالة نوعية إلى حالة نوعية أخر رغم أنه بقي محافظاً على تركيبه الداخلي و لم ينفصل أو تنفصل جزيئاته عن بعضها البعض , و في حال أخرجنا هذا الكأس المليء بالجليد إلى خارج البراد و وضعناه في حالة جو الغرفة العادية فخلال ساعة من الزمن أو أقل يكون الجليد قد ذاب ,, ويعود الماء إلى حالته السائلة.
و في حال وضعنا هذا الماء على النار وتركناه حتى يسخن سيبدأ الماء بعد درجة حرارة معينة من التراكم والارتفاع بالتبخر أي التحول من حالة إلى أخرى , من حالة الماء الكيميائية السائلة إلى حالته البخارية , حيث تنفصل جزئيات الماء عن بعضها بسبب تراكم انفلات الروابط بين جزيئات الماء بسبب ارتفاع الحرارة الذي وصل إلى مرحلة نتقل فيها الماء من حالته السائلة إلى البخار.
نلاحظ في هذا المثال أن أساس جميع هذه التغيرات التي حصلنا عليها كانت ناتجة عن تراكمات كمية داخلية لكأس الماء الذي عملنا على إخضاعه للتجربة , و من الجدير الإشارة هنا إلى أن بقاء الماء في حالته السائلة القابلة للاستخدام الحيوي للحياة و مظاهرها , قد نتج عن توازن قائم جعل من الماء في حالته المعروفة لنا للاستعمال أو لتلبية حاجات النباتات والحيوانات وكافة أشكال الحياة على الأرض .
إن إشكالية الواقع في فهمه و تفسيره تكمن في شمولية الترابط بين الظواهر و القوانين و تفاعلها و تأثيرها على بعض , أننا في النهاية قادرين على تفسير الواقع وفهمه رغم حجم وكم التعقيد القائم  وخاصة في حال فهمنا للعلاقات الداخلية للأشياء والظواهر.
أن التراكمات الكمية وتأثيرها على الشيء المعني لا بد لها أن تحدث تأثيراً داخلياً على هذا الشيء.
قد لا يصل هذا التأثير إلى تغير الشكل مثلا ولكنه يغير كثيراً في النوعية التي يراكمها و لنأخذ مثالاً على الإنسان
يذهب الطفل إلى المدرسة في السنة الأولى يراكم كماً من المعلومات.
تؤثر هذه المعلومات على وعيه تدريجيا وفي نهاية الفصل الدراسي تكون هذه المعلومات التي تلقاها قد جعلت وعيه ودماغه يصل إلى المستوى  من الوعي النوعي , بحيث أنتقل من الجهل بالأشياء إلى المعرفة بها , وهذه المعرفة حتماً ستؤدي إلى تغير نوعي في الوعي والسلوك , ومع كل عام و كل فصل دراسي جديد يحدث تحولً وتغيراً جديداً للوعي.
فيتعلم الإنسان اللغات والعلوم والرياضيات وغيرها من المواد المعرفية , وحين بلوغ نهاية التعليم الثانوي يكون الوعي قد وصل إلى تغيراً نوعياً كبيراً عن ما كان عليه عند البداية و كذلك بعد التخرج الجامعي.
أن الطبيب أو المهندس أو الفنان أو غيره لن يصل إلى هذا الاختصاص والقدرة على ممارسته نوعياً سوى عبر هذا التراكم الكمي من المعلومات في اختصاص ما وتجربة وخبرات , فمعلومات الطبيب و تراكمها قد جعل منه طبيباً و كذلك الهندسة , تراكم معلومات الهندسة و تجربتها قد جعلت من هذا الإنسان مهندساً , و الفنان كذلك , أي أن تراكم المعلومات و فهمها هو الذي أوصلنا إلى هذا النوع الجديد من الوعي.
أن التراكم الكمي قانون  داخلياً مطلقاً لا يتوقف ولا يمكن إلغائه وقد يكون إيجابيا و تقدمي و قد يكون رجعياً ومدمراً , فتراكم السلبيات والفساد سيؤدي حتماً إلى انهيار النظام السياسي مثلاً و كذلك تراكم سوء التغذية قد يفقد الإنسان مناعته و يعرضه للأمراض بشكل دائم , وتراكم الدهون في الدم سيؤدي إلى الأمراض حتما.
و كذلك على الصعيد الاجتماعي تراكم الوعي و نضالات العمال أدى إلى تحديد ساعات العمل بثماني ساعات , وكذلك الأمر تراكم نسبة البطالة و ارتفاعها سيؤدي إلى تردي الحالة الاجتماعية للناس وسيؤدي إلى تحول نوعي في المجتمع , وهو الفقر
و العوز المتراكم والمزمن , وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه ستنفجر الأوضاع و تحدث ثورة اجتماعية عارمة .
معادلة الكم والنوع الرياضية المنطقية
أن قانون  الكم والنوع قانون  داخلي وخارجي و يعمل بعلاقة جدلية شاملة مع القوانين الداخلية الأخرى , وله مظاهره الداخلية والخارجية , و تتجلى مظاهره الداخلية في تغير نوعي تراكمي جزئي متواصل على البنية الداخلية للشيء , وفي حالة النبات يتجلى ذلك في أحداث عمليه بناء الخلايا , أو هدمها بشكل سريع أو بطيء سيجعل من نوعية النبتة أما نبتة طبيعية صحية أو نبتة مريضة و ضعيفة النمو.
و خارجياً سينعكس ذلك على شكلها الخارجي من اخضرار الأوراق و حيويتها و نضارتها الخ , أن فعل قانون  التراكم
لا يقل أهمية عن فعل القوانين الأخرى للواقع رغم أولوية فعل القوانين الأخرى أحيانا على هذا القانون .
و على الصعيد الخارجي و تأثير هذا القانون  فيزيائياً و ميكانيكيا مثلاً تراكم تساقط الماء من مرتفع على الصخور سيؤدي إلى تأكل هذه الصخور و إلى تغير في شكلها الخارجي , و كذلك تراكم التراب في حفرة سيؤدي إلى اختفاء هذه الحفر.
أن لهذا الناموس عدة أوجه و أشكال مختلفة يأخذها في فعله , و تختلف من ظاهرة إلى أخرى ومن ظرف إلى اَخر.
ويمكن تكثيف ناموس التراكم الكمي والتغير النوعي في معادلة مفادها 
تراكم  كمي = تغير نوعي
ت ك  = ت ن 
 وهذه قاعدة ثابتة , أي تراكم كمي بمقدار معين سيؤدي إلى تغير حتمي جوهري , وقدمنا الكثير من الأمثلة أعلاه , وهذا من السنن البسيطة والمعقدة أيضا في كافة أحواله .
سديم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق