كان الحقد الأسود يشتد نباحاً في صدري و صوتٌ منبعثٌ من أعماقي يرتفع :
- هنا اقضي عليها إنها لا تستحق الشفقة . .
أفرغت الرصاص في صدرها الخائنة . . فهوت مضرجةً بالدماء . أنهى الضابط حديثه ورمزي يهزني " وداد " و كأنه يجذبني من غيبوبةٍ لم أفق منها بعد . حدقتاي متجمدتان بثباتٍ إلى الأرض . . أبو رمزي يقول :
- شدي حيلك
غدا المخفر أمامي علبةً سوداء و المصباح الكهربائي بدا فانوساً متأرجحاً وسط السقف ، إنه لا يكف عن التأرجح كل شيءٍ ينبئ بالفشل الذريع لأسطورة الحياة ، أما الستائر الشفافة التي كنت أسدلها على الكون الرخيم فقد تمزقت و بدأت تتحرك أمامي بقوةٍ من شدة العاصفة التي هدرت بي ، المرايا تتكسر و الجرذان تملأ المكان و أعتقد أني غبت عن الوعي نهائياً . بعد لحظاتٍ بلغت المنزل برفقة رمزي الذي هرع لمساعدة أبيه لإخراج الجثة و مواراتها . ضجَّ الحي ، البلدُ برمته لهذه الجريمة الشنعاء و أعلنت الجرائد إعدام القاتل شنقاً . مرت سنوات
الصفحة - 163 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
و أنا متقوقعةً عن متابعة الحياة الطبيعية لا ألوي على شيء سوى التفرغ لأشجاني و مرافقة نجاح أخواتي ، فأختي التي تصغرني حازت دبلوم اختصاصي في الحقوق ، و الأخرى لم يبقَ لها سوى سنة لتتخرج من دار المعلمات و قد تمت خطبتها على شابٍ صيدلانيٍّ سيزفها غبَّ أشهرٍ ، أما أختايَ الصغيرتان فما تزالان تشقان طريقهما الدراسي بهمةٍ و كأنَّ لهما ثاراً مع الحياة . . متكئةً على أنغام روحي الحزينة أسيرُ على الدروب الموحلة بطين الذكريات العنيدة ، أعزف سيمفونية البقاء . بدأت أشعر و كأنَّ قلبي لا يزال موجوداً يتقلص للأعلى تارةً و للأسفل تارةً أخرى ، أدركت أني لا أزال أحيا وسط المقبرة المظلمة بخشخشة الموت المرعب كسرسخةٍ تعيش بلا ضوءٍ و لا روح . . روح متمردة تأقلمت مع ما صادفها من عُسرٍ متعثرٍ في امتصاص الأملاح الصخرية و البحرية ، أو كنبتةٍ تحدت الصخور حين عاشت على وهج الدموع و الذكريات و خيوط الأمل المنسوجة في العتمة حتى امتدت شعابها شيئاً فشيئاً لتطفئ كل الظلم و كل القسر فينقشع الظلام على صرخات الأنغام الموسيقية
الصفحة - 164 -
الروائية أمل شيخموس
رواية ابنة الشمس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق