مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 20 فبراير 2022

التطور الفكري والثقافي في الدول النامية المحاضرة 3 بقلم رماز الأعرج

 تحية الأمل والفكر و الإرادة

التطور الفكري  والثقافي في الدول النامية , إشكاليات جذور وحلول

 (المحاضرة 3 )

رماز الأعرج 

ه  هجرة العقول و الأدمغة الفاعلة والمبدعة 

تشكل هجرة العقول وتشتتها أحد ابرز المخاطر على تدهور الحضارات , وإحدى مظاهر التخلف الفكري والمجتمعي بكافة أبعاده , وذلك يدل على أن المجتمع غير قادر ولا قابل لاستيعاب هذه الطاقات , في الوقت الذي هي طاقاته في الأصل رغم كل ما يعانيه من تخلف وضعف , وهو بأمس الحاجة إلى هذه الخبرات , وكان من الأجدى أن تكون محسوبة ومنظمة لتصب في النهاية في تطور البلاد , بدل استيراد الخبرات من اجل التغير وتطوير البنية في المنطقة المرصودة .


و  غياب الدعم الحقيقي لكل ما هو مفيد فعلا   

إن طبيعة البنية التحتية والفوقية القائمة في هذه البلدان لا تسمح بدمج واستيعاب هذه الطاقات وذلك كونها بنية اقتصادية وسياسية مشوهة ومعقدة البنية والعلاقات , بحيث هي ليس نظام صناعي حديث , ولا نظام قديم كما كان عليه الحال , وطبيعة العلاقات الاقتصادية الموروثة متداخلة بين بقايا النظام الإقطاعي الزراعي والنظام العشائري القبلي وشيء مشوه من العلاقات الرأسمالية مالية الحديثة  , وهذه العلاقات وطبيعتها لا تستوعب طبيعة التطورات الجديدة وخاصة إذا تعارضت مع مصالح النظام السياسي الحاكم أو مقطعه على البلاد سيان والنتيجة واحة .


ولهذا تبقى هذه الطاقات في النهاية على هامش البنية والنشاط الفعلي المجدي والمثمر , فتصبح عبارة عن جهود فردية مبعثرة وغير مجدية كما يجب , بحكم وجودها خارج المنظور التعليمي او الصناعي أو الثقافي أحيانا , عدى عن طبيعة الظروف التي تعيشها هذه البلدان منذ القرن الماضي والحرب الباردة الأولى والحرب الباردة الجديدة الآن وتحول لعالم إلى عالم متعدد الأقطاب والأنظمة .


لهذا تتبعثر الخبرات والطاقات وتضيع بدون جدوى لا لأصحابها ولا لثقافاتهم التي نشئوا بها , ويقضي الكثيرين منهم بقية حياتهم مشردين بعيدين عن مشاربهم وثقافاتهم الأصلية التي كان من الأجدى بها أن تستفيد منهم هي بالدرجة الأولى .


أضف إلى أن القليل منهم أيضا من يتمكن من تحقيق النجاحات الكبيرة رغم كل ما لديه من طاقات , وذلك بسب  التشرد والحجرة بعمر كبير , مما يسبب الصدمة المعروفة , (صدمة تغير المكان المفاجئ أو فقدانه) , التي تختلف أثرها ووقعها من شخص لآخر ولكنها في النهاية تصيب جميع الناس الذين يهجرون أوطانهم  كبار في السن ما فوق الخامسة العشرين من العمر تقريبا , وكلما كان الإنسان اكبر في السن كلما كانت المعانات والصدمة اكبر واشد وطائه عليه مما يسبب معيق له في الإنتاج والإبداع الفكري الحقيقي والمثمر , هذا لا ينفي وجود حالات  ولو قليلة تطورت و أبدعت  و أنتجت الكثير والمثمر والراقي في الكثير من المجالات والعلوم بما فقيها المجالات الإستراتيجية والفلسفية غيرها .


ز  طرق التعليم التقليدية وأدواته العقيمة غير مجدية 

تشكل طرق التعليم وأدواته البشرية و الوجستية والتقنية أهم مظهر من مظاهر التطور التعليمي ومن الواضح اليوم أن دخول التقنيات الحديثة على التعليم والنشاط العلمي والإبداعي والفكري ساهم بشكل أساسي في إحداث ثورة في تناقل المعلومات , وأصبح لدى البشرية خزان هائل من المعلومات النظرية العلمية الموثوقة المثبتة  وفي جميع المجالات وتنوعها , ويشكل هذا الخزان الهائل من العلوم مصدرا ومنهلا لا ينضب , وهذا الكم متوفر بسرعة خيالية لم تكن تخطر على بالنا يوما.


أصبح من الواضح أن التعليم بالضرورة إعادة النظر في جميع أدواته و هيكليته , بما في ذلك التجمعات والمباني , وبالضرورة إن نبدأ بالتمرين وتجهيز البنية التحتية للتعليم عن بعد , وتحول الكثير من المواد والوقت إلى تعليم عن بعد , وطرق التعليم يجب إن تتحول إلى طابع بحثي وليس مجرد معرفة وحفظ معلومات . والمباني تصبح للأعمال التطبيقية والمختبرات والتجارب والورش الحقيقية للعمل والتطبيق لما يتعلمه الطالب في التعليم النظري عن بعد , أو بما يخص المعلومات الضرورية له التي يمكنه الحصول عليها من المصادر الموثوقة المعروفة والمدققة .


قد يقول قائل إن علم النفس والبحث الاجتماعي الحديث  يؤكد أن التجمع مفيد اجتماعيا للطلاب والنشأة , نقول له نعم هذا صحيح 100% ونتفق معه , ونحن لا نطرح أن نعزل الناس عن التواصل المباشر , ولكن علينا تقسيم الوقت وتفعيل التواصل بطرق جديدة إبداعية تناسب العصر والتطور الحاصل وتخضعه لنا ولحاجاتنا الضرورية بدل أن يسيطر هو علينا , بالضرورة أن نبدع ونبتكر في استعماله وكيفية إدخاله في البنية التعليمية ليحقق لنا انقلابات نوعية وثورية حقيقية في الإبداع والتعليم والنشاط الفكري والعلمي والاقتصادي والاجتماعي معا .


ح  طريقة البحث ومنهجيته 

تشكل طريقة البحوث أساس في الفكر والمعرفة الإبداعية والإنتاج الفكري النظري المتجدد , واعتاد الناس دوما في البحوث على أن يكون البحث بالعادة يحتوي على مواد ورؤية لما يقوله الآخرين , وتقديم رؤيتهم وتحليل لما يناقشوه من أفكار , ونجد أن هذه الأفكار والمواد تبتلع ما يوازي 80% من مادة البحث , وفي النهاية لا يبقى لرؤية الباحث مساحة تزيد عن 10% في بعض الأحيان , وهذا يعتبر طبيعي وعادي جدا , وهنا يبرز السؤال التالي ,

 

ما هي الفائدة من البحث كله إذا كان الهدف هو فقط ما يراه الآخرين وما يحللونه وما يفكرون به , أين الرؤية الذاتية الفردية للباحث المجتهد ؟ 


بالضرورة قلب النسبة وان تصبح نسبة الغالبية المطروحة من المادة ليس رؤية الآخرين , بل بالضرورة أن تكون المادة غالبيتها مخصصة لرؤية  الباحث وليس لرؤية غيره , وليس المطلوب منه تكرار ما يروه , بل المطلوب أن يقدم رؤيته هو وما يراه من حقائق , ومدى دقتها وشموليتها وتجديدها وتناسب معلوماتها مع العصر , وغيرها الكثير .


التوجه في البحث نحو التحليل العميق وإعادة صياغة العصر بلغته ومستواه بكل معنا الكلمة .


 حقيقة بالضرورة فهمها بعمق , دماغنا جهاز حاسوب حيوي وهو بذلك أكثر تعقيدا بألف مرة من الحاسوب الآلي , وإن لم نجدده باستمرار سيعجز عن فهم العصر وعلاج قضاياه الملحة ,,

 رماز الأعرج



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق