مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 13 مارس 2022

هذه لغتي وأنا أتقعر بها بقلم عمر عبود

" هــذه لغـتي وأنـا أتقـعـّـر بها " .. 
ليست هـذه مقـالة لأحد المشـاهير أو مثلا أرسله أحد أبطال الحكـايات المتواترة عـبر التاريخ العربي .. لكنهــا جمـلة تعتريك في لحظة مـا بين الشعور واللاشعور .. تـتنـاهى إلى خلد دقّـات هــادئة لقـلب لا يـنوء بكـوامـنه .. وإذا كانت الجـمـل والكلمات قـادرة على أن ترسـم وتجسد كامل الصـورة المـترامـية عـلى امتـداد الإحســاس .. فــلا ريب أنها لم تـجـد براحـا يسع كل ما تـجيـش بـه .. أو أنها لم تفلـح فـي إيصال كامـل المفــردات إلى قلـب الشبــاك .. لحـظتـها يحق لك أن ترمـي على هدفك عنـدما تكون متـوثـّـبــا .. هنـا نقف أمام لوحـة ضـاجّــــة بالأشيـاء الغـامضـة الحـاملة بين طيـات غموضها خيـطا مضــيـئـا يبقي على شعاع يقود بعـد حـيـن نـحـو بـؤرة النـور .. فتعرف حـيـنهـا طريقـا للخلاص والولوج إلى عوالم قادرة أن تعي وتـحوي كل مدارك الكوامن.... فكان كـافيـا أن يـدون كـل بدايـات الـشعر التي لم يكن ليتخلى عنها ويـجعلها مداميك لتجربة غاص فيها الشـاعر آنفا وسبح في أمواج متلاطمة معتمـدا على شطارته في السباحـة .. تتـلألأ مـسجات طيـــرّهــــا عـبـر رذاذ الأمواج في صفـحـات لا مـتـناغمة .. تروي حكايا وملابـسات رافقت كل مشهد من الـحكـاية .. تتخذ من التراث الشعري واللغوي منطلقـا للتجربـة .. فـلا بأس أن يؤتي بـأشياء أخرى مـن هـاتيك العـصور .. فتكون البـدايـة بتسديدة رمح تومض دمعـتين تنزلان بردا وسلاما على جرح جاف .. فيبرأ وهو يسـتقـبل بسمات الصبـاح .. وفي حضرة الشعر تجف الأنهار وتحتبس الغيوم.. وحين يـحضر القصيد ينهـمر المطـر وتطفح الأنهار فتفيض بالخير .. والشعر..! وفي قصص العشق يـداهم الغدر زوايـاها المعتمـة .. يطل فيعزف جوقة شعرية على أنغام عـود ويغرز في كبد الشعر رمحا .. فتنـهمر السوسنة .. يشدو الشاعر بأعلى ما في حلقه ..
ويحلو له في هذا الزخم أن يلقي بنص يرسمه لوحة في قلب عاشق ما بين الأزهار في حديقة غـنّـاء ترقص الفراشات حول أزهـارهـا .. وإذا كانت الحياة هي المغنى الذي تـنشده العـصـافـيـر المحـبة لهذه الحياة .... فـإن النهاية لا تمنع استمرار هذا الحـب .. يكون الموت أكثر الأشياء تعبيرا عن الحيـاة .. فبعد الطوفان غرقت سفن أخرى ... وظلت تبعث رسائـل غرام للعيون الكحيلة والأهداب الرقيقة .. تتهادى العرائس المجتـمعـة في عرس شعبي في الشارع العـتـيق .. ولا يتوقف الشاعـر عن الصراخ .. فيعلن أنه لن يتوب عن الشعـر .. حتـى و إن اتهموه بالزندقة ونصبـوا لـه المشنـقة .. لكنه لا يصل لمرحلة العصيان والتمرد .. تسيـر قوافل السطور فلا تتوقف إلا تحـت ظـل ريحـانـة تدلت أغصانهـا وورف ظلـها .. يبـدّد السكون المزعـج .. فلا يبـوح بأكثر من فكرة.. لكن التفـكيـر يقود نحو عنـاق أزلي يبـرئ خدوش الروح ويطفئ شوق الانتظـار ... لـيكون السقوط بعد مسيرة عشــق داميـة ... لا تذر من باقيـة .. ولا يــســمــع إلا صهـيل جـياد تمـتـطـيـهـا لابسة البراقـع على حين غفلة من سعدها الذي ما رآها .. يكرر ما فعل سابقه وسط زغاريد النساء .. ليعود كما بـدأ وحيدا . .
.......................................
عمر عبود . ليبيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق