مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الجمعة، 15 أبريل 2022

البصمة الكونية المحاضرة 2 بقلم رماز الأعرج

 البصمة الكونية  (المحاضرة 2 )

رماز الأعرج 

 1  البصمة الكونية في النبات

 النبات من أنواع الحياة الأولية , والتي لا تحتوي على جهاز عصبي ولا تحتاج له , هذا حد علمنا حتى الآن , وهي خاضعة بشكل مباشر لقوانين الطبيعة الأولية المحيطة , و النبات ثابتا في مكانه بحكم حاجته لجذور في الأرض ليستمد غذائه ويتمكن من البقاء .

لذلك يخضع النبات لقوانين الطبيعة والظروف المحيطة و المناخ والتربة وغيرها من العوامل الكثيرة , ولهذا يحتاج النبات إلى ظروف معينة ليتمكن من العيش والحياة بها , ولكل نوع من هذه الأنواع ظروف خاصة وبيئة يمكنه التعايش معها والتأقلم والنمو والازدهار .

والنبات مثلا , في حال تم نقل الشجرة الكبيرة البالغة  من مكانها وظروفها البيئية التي نشأت بها وهي مهيأة أصلا للتعايش معها , في غالب الأحيان تموت ولا تستطيع التأقلم , ورغم وجود التفاوت بين هذه الأنواع في هذه القدرة ولكنها في النهاية تخضع لنفس القوانين العامة المذكورة بشكل عام , وهناك الكثير من الشواذ أو الفروع الممكنة والمحتملة , التي لها خصائص معينة تمكنها من التأقلم ولكن ليس بنفس القدرة والمستوى الذي هي عليه في ضل بقائها في ظروفها الطبيعية ومناخها وبيئتها الحاضنة.

لو أخذنا أشجار الزيتون مثلا كأشجار مثمرة قديمة عرفها الإنسان واستأنسها لخيرها وجودة منتجوها الغذائي و الطاقي أيضا وغيره , و اعتبرتها الكثير من الأمم شجرة مثمرة مباركة ومقدسة , ومن النوع الذي استخدمه الإنسان كرمز للسلام والمحبة والرخاء والخير والبركة , شجرة الزيتون مثلا قادرة على التأقلم حتى لو نقلت وهي في عمر يصل إلى مئات السنين , والتجربة أثبتت ذلك , ولكن شرط أن لا تكون الفوارق كبيرة في التغير المناخي , , وشرط أن يتوفر لها الرعاية الخاصة في البداية مثل  الري بنظام خاص في السنوات الأولى للنقل , ويتم الحفر والاقتلاع بطريقة خاصة طبعا بحيث لا يكشف عن جذورها الصغيرة بالكامل وتبقى محمية مع كمية من التربة التي تترك متكتلة حول الجذور لحمايتها من التعرض للهواء والجفاف .

ولكن شجرة الزيتون أيضا حين تزرع في مناخ بارد مثلا في شمال أوروبا , مثل دول اسكندينافيا , شجرة الزيتون لا تثمر ولا تنمو بشكل طبيعي , بل تعيش ولكن في حالة من التقزم وعدم القدرة على الإثمار الطبيعي كما هو الحال في المناطق الحارة وشبه الجافة التي تناسب هذا النوع من الأشجار أكثر من غيره .

لكي لا نطيل النبات بشكل عام من الأنواع التي تخضع لقوانين الطبيعة المباشرة , وهي حساسة أكثر من غيرها ولا تمتلك قدرة كبيرة على التأقلم مع الظروف المحيطة , وطبيعتها التي تفرض عليها البقاء في مكانها مرتبطة بجذور في الأرض وإلا فقدت حياتها وهذا يعني أنها ستكون خاضعة لتأثير مباشر أكثر منا , ومن الحيوانات والطيور وغيرها من الكائنات التي بإمكانها الحركة والتنقل والبحث عن الغذاء والمكان الأفضل لها للحياة , وحين بدأنا البحث الأولي في النبات كان ذلك بحثا بسبب تكرار ملفت للشكل الحلزوني في النبات , بداية من الثمار وصولا إلى النمو ذاته في غالبية الأنواع تقريبا , بعد التدقيق .

وذلك نجده ليس في شكل نمو الثمار ونظامها في الشكل , بل ونجده أيضا في نظام توزيع الجذوع لأي شجرة كانت تقريبا أو نبتة معينة تنمو إلى الأعلى باتجاه أشعة الشمس.

ولو نظرنا إلى مسار نمو الأغصان الصغيرة الفروع وكيفية نموها  من الأصل سنكتشف شيء مدهش , وهو أن الفروع  تنمو بطريقة متصاعدة من الأسفل إلى الأعلى بشكل لولبي , وتدور حول محور وهو الجذع الأصل الذي يشكل الثابت بالنسبة لها واصل نموها .

ولو بحثنا عن الشكل اللولبي الظاهر مباشرة في النبات سنجد منه آلاف الأشكال التي لم نكن نتخيل وجودها قبل البدء بهذه الرحلة الشيقة من المعرفة والاكتشاف في تتبع اثر بصمة اللولب الكوني التي نستهدفها في بحثنا هذا .

ولو نظرنا حولنا بشكل سريع مباشر يمكننا استحضار أمثلة كثيرة من النباتات التي نرى حركة اللولب ظاهر عليه بكل وضوح ومباشرة في شكلها ومسار حركتها في النمو والشكل العام , مثل الصبار ونجد هذا الشكل به منتشر في الكثير من أنواعه , والكثير من النبات المتنوع من الثمار إلى الكثير من النباتات وحركة النمو للأغصان في غالبية أنوع الشجر , والنخيل كيف ينموا أيضا , وغيره ما لا يعد ولا يحصى من الأشكال الظاهرة مباشرة أمام رصدنا الحي .

إن تأثير قانون الجاذبية على الأشياء الثابتة له أثر مباشر أكثر منه على الأشياء المتحركة , وهذا ما تعلمناه من قوانين المنطق الفلسفية وسنن الكون , ومن ضمنها وأهمها قانون الجفر , قانون الجذب والنفر الفلسفي المزدوج والمتداخل بين الجذب والنفر .

يشكل هذا القانون أساس هام في فهم طبيعة هذه الحركة , وذلك كون أصل الجاذبية كما يثبت لنا النظام الكوني هو الحركة والطاقة المتحولة , وبما أن الحركة هي المصدر الأساس لطاقة الجاذبية بكل أشكالها الظاهرة والخفية , أصبح من الضروري والواجب علينا تحقيق فهم عميق لهذه العلاقة ومدى شموليتها وتأثيرها واختلافه بين ظاهرة وأخرى وشيء وآخر .

وهنا نحن نبحث في مسار الحدود المعرفية على كوكب الأرض وفي نطاق الحياة وأشكالها القادرين على رصدها بشكل محسوس مباشر , والنبات من الأشكال الحية الثابتة الهامة على كوكب الأرض , فهي أول الأشكال للحياة على كوكب الأرض وأقدمها , على صعيد تصنيف مراحل التطور والكائنات الحية ووجودها , والنباتات سابقة في وجودها على العالم الحيواني بشكل عام رغم تداخلها وتقاربها ووجود تشابك بينها , مثل محار البحر مثلا الذي يعيش وتربطه جذور في الأرض أو الصخور يتغذى منها ويمتص الكثير من المواد من الصخور والأماكن التي تضرب جذوره بها وترتبط عميقا , وفي حال انقطاع هذه الجذور سيكون مصير هذه الحيوانات المائية الموت الحتمي , وهذه من الكائنات التي يشترك بها ويتداخل عالم النبات والحيوان معا.

نرى بوضوح الآن كيف أن النباتات هي أكثر خضوع للطبيعة وتحتوي على نظام داخلي أكثر ارتباطا بقوانين الطبيعة المصرفة , الغير مدركة والتي تقل مساحة تطورها حتى عن وجود الاستشعار الذي تتمتع به الكائنات الحية الأخرى , مثل الجراثيم الأولية كالأميبات والبكتيريا وغيرها من الواليات الحية الأخرى .

لذلك نجد الشكل اللولبي وتأثيره العميق يتجلى في النباتات بوضوح اكبر لكونها في حركة مستدامة مرنة قابلة للتشكل والتأقلم مع الظروف المحيطة والعميقة معا , بما فيها قانون الحركة والجاذبية الناتجة عن حركة الكون العميقة (الجفر الكوني) التي لها أثرها العميق على جوهر الأشياء من الداخل , ويصل هذا الشكل في النباتات إلى ذروة تأثيره على الكائنات الحية بحيث يصل إلى تحديد طبيعة هيكلها و الشكل والخارجي لحركتها في النمو وتطورها وتماسكها بالشكل التي هي عليه .

إن لقوانين الكون تأثير متعدد الأبعاد واحد هذه الأبعاد الخفية والظاهرة معا هو بعد جاذبية الحركة الكونية اللولبية التي تشمل كل شيء موجود وهي مثبتة أمامنا وها نحن نسير ونقتفي أثرها هوينا لكي لا نضيع متعة الاكتشاف بسرعة المسير الغير متأمل في عمق الحقائق في موطنها الأصلي . 

رماز 

هناك الكثير من الصور حول النبات  ولو بحثنا عنها هي بالآلاف , التي توضح لنا وجود هذا الشكل من الحزمة اللولبية في النبات بشكل عام  في الكثير من المظاهر الخارجية و الداخلية ,,




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق