مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الجمعة، 20 مايو 2022

الوزير المظلوم

الوزير المظلوم .. 

قصة من قصص البتراء المثيرة 

( سلاي ) وزير مملكة الأنباط .. هل كان انقلابي خائن يطمع بالحكم أم كان بطل وطني و قومي أنقذ مملكته من أطماع الرومان !!

قصة سلاي المظلوم :

- سلاي أو سلايوس syllaeus هو وزير للملك النبطي عبادة الثالث (٣٠-٩) قبل الميلاد وبرأيي أن سلاي هو أشهر وزير بتاريخ المملكة النبطية وامتدت يده ليكون تأثيره أقوى من الملك نفسه .

- كان لهذا الوزير طموحات كبيرة وأحلام واسعة كان يسعى لتحقيقها وربما قوة شخصيته هي من دعمته لإشباع هذا الطموح وكان تأثيره طاغيا على الملك عبادة الثالث الذي على ما يبدو لم يكن بقوة شخصية الوزير سلاي .

- هناك قطع نقدية تم صكها وتحمل صورة  سلاي وما هذا إلا دليل على نفوذ هذا الوزير الذي على ما يبدو حكم كملك لفترة زمنية وجيزة مما مكنته من صك بعض العملات بعد وفاة الملك عبادة الثالث ولكن أحلام هذا الوزير لم تتكلل بالانتصار فقد خلف عبادة الثالث شخص قوي جدا هو الحارثة الرابع والذي أصبح أقوى ملك نبطي على مر التاريخ النبطي وقضى على أحلام هذا الوزير الطامح .

- للأسف دائما ما يصور الوزير سلاي على أنه شخص سلبي وذو صورة سيئة ويراه البعض غاصبا للحكم ونقطة تحول للتاريخ النبطي ولكن هذا غير دقيق تماما فهناك وجه آخر لكل قصة .

- مصدران تاريخيان ذكرا سلاي وهما المؤرخ سترابو وفلافوس يوسفوس وهما المصدران القريبان زمنيا منه .

- الامبراطور اغسطس أمر الحاكم الروماني على مصر ايليوس غالوس أن يستكشف الطريق الذي يتبعه الأنباط خلال رحلتهم التجارية من اليمن حتى وصول غزة ومصر وما قد يساهم في تخليص الرومان من دفع الكثير من الأموال والضرائب للأنباط نتيجة التبادل التجاري فالأنباط وحدهم يعلمون المنافذ البرية والبحرية الأكثر أمنا عبر مسار الرحلة وهم الأخبر في مخازن المياه وأماكن تواجدها عبر هذه الرحلة الطويلة لذلك لو تم اكتشاف مسار الرحلة من قبل الرومان سوف يفقد الأنباط امتيازاتهم وثروتهم التي يحصلونها بالأصل من فرض الرسوم والضرائب على التجارة .

- الوزير سلاي أدرك خطة الرومان الخبيثة وقد قاد بنفسه الرحلة ليوهم الرومان أنه سيدلهم على الطريق الذي يسلكه الأنباط ولكن هيهات فحنكة سلاي ووطنيته جعله يضلل الرومان وجعلهم يسلكون طرق وعرة ومضللة وشاقة عليهم حتى فقد الرومان الكثير من رجالهم نتيجة المشقة التي تكبدوها بمسلك طريق غير معتادين عليه وهو طريق وعر وليس الطريق الأصلي الذي يسلكه الأنباط عادة للوصول لليمن .

- للأسف يقال أن سلاي قد تم اعدامه لاحقا بكونه اعتبر خائنا ومتآمرا ولكن سلاي بالرغم من التشويه الذي حصل بحقه هو شخصية وطنية ذات ولاء وانتماء صادق للدولة النبطية فقد أنقذ المملكة النبطية من فقدان أهم مقوم لثرائها وخاطر بحياته من أجل أن يحمي المنظومة التجارية النبطية وهو يستحق فعلا أن يحكم كملك نبطي فبفضله مد عمر المملكة النبطية عقود أخرى وأنا أرى أن شهرة وأهمية سلاي لا تقل عن الملك الحارثة الرابع فشهرة سلاي كانت سياسية بالدرجة الأولى .
ابو ياغي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق