فلسفة البناء
رماز الأعرج (في , حقائق عن الديمقراطية)
بينما يتصارع الأقوياء فقط ويتنافسون على الفوز في اللعبة, ونيل مكاسب السلطة, إن طبيعة السلطة السياسية من أساسها هي استمرار للمصالح الطبقية للقوى المتصارعة على الملكية الخاصة والسيطرة على أكبر مقدار منها, وكل ما حقق المنافس ملكية أكبر حقق مساحة أكبر من الحرية ومن القرار والسلطة.
وبذلك يصبح الصراع هنا في الحقيقة بين الأقوياء فقط ولا مكان للضعيف في هذه المعركة, والكباش الذي تخوضه فحول قوية ذات قرون ضخمة ومدربة ومجربة في القتال ولا يمكن امتلاكها إلا من قبل الفحول الكبيرة, ومن لا يمتلك القوة والقرون الكافية لا يمكنه الوقوف في وسط هذه الحلبة, بل عليه أن يبقى على الهوامش بعيدا عن وسط اللجة, وإلا ضاع في غبار المعركة بين الأرجل, فلا مكان للضعفاء في الديمقراطية.
ولا متسع لوجودهم سوى تكملة لصراع الكبار المحتدم, بل هم في النهاية خارج اللعبة بكاملها إذا ما كانوا ليس من الملاك والمستثمرين, فهؤلاء هم أصحاب اللعبة الحقيقيين, أما البقية فهم ليس سوى جمهور يصفق للرابح في اللعبة وهو ليس من بينهم طبعا, فهم صاحب اللعبة الحقيقي, وقد يهزم أو يربح اللعبة أي كان من الملاك.
أما الفقراء فهم الوحيدين دوماً خارج اللعبة, أي هم مجرد أدوات مكملة, يتم إشراكهم في اللعبة فقط لتشريع النظام السياسي, و إسكاتهم ووضعهم تحت طائلة القانون والعقاب لو خالفوا قوانين اللعبة فيما بعد, طالما وافقوا على الدخول بها بغض النظر عن أي شيء آخر.
و الديمقراطية تعبر عن الصراع الطبقي ليس بين طبقتين متناحرتين أساسيتين وحسب بين مالك ومعدم الملكية, هذا هو الأساس والقاعدة الأساسية للانقسام الطبقي الاجتماعي الاقتصادي والذي بناء عليه ينقسم المجتمع إلى طبقات متناحرة ومتناقضة و متعارضة, تتصارع فليما بينها على شيء واحد يسعى الجميع إلى تحقيقه والاستحواذ على أكبر قدر ممكن منه ليمرر سيطرته وقوته ونفوذه, إنها نزعة مريضيه متوارثة أصبحت قانون وعرف بل وسلوك وأخلاق وحلم دائم يطارد الغالبية من البشر بحكم الموروث الثقافي ليس إلا.
ويحتدم الصراع بين الملاك على تقاسم الثروات, بينما يرضخ بقية الشعب تحت طائلة الفقر والعوز, والجوع, حيث الأغنياء لا يجوعون حتى في أقصى ظروف الحروب, فهم أصحاب البيت, وفي يدهم كل شيء, في النهاية, أما الفقراء فهم من يجوع دوما, فهم أصلا لا يمتلكون أكثر من ما يكفيهم للعيش أو بالكاد, ولا فائض لديهم من أي شيء, لا نقدي ولا عيني, خاصة أحوال المدن, حيث لا تخزين غذاء طبيعي ولا من يحزنون.
إنها الحياة المروعة للفقراء في المدن, حيث لا يمكن لأحد الحصول على كوب ماء نظيف يسد به عطشه دون مقابل, من المال, هؤلاء الجياع, يكفيهم القليل ليسد حاجتهم ويكفل سكوتهم ورضاهم, فمجرد فرصة عمل ستشغلهم لسنوات طويلة في عمل متواصل لاهث لا مجال للتفكير في أي شيء آخر فيه, وهم قانعين بذلك خاضعين للقانون والأعراف والقيم والأخلاق الخ,, ما هناك من ضوابط اجتماعية و اقتصادية وسياسية وغيرها, هم الأساسين في الصراع, فهم الطبقة المحرومة من وسائل الإنتاج وملكيتها, وبالتالي من حقهم في المنتوج الاجتماعي ومن حقهم في العيش الطبيعي أيضا.
بينا يخوض الصراع الحقيقي ويتصارع على الملكية بشراسة هم الملاك وليس الفقراء, وكلا يسعى لزيادة ملكيته, وتوسيعها, على حساب الآخرين, ومساحة السوق و اليابسة أصالاً محدودة, ولا يمكن مضاعفتها حسب طموح الربح والصراع على الملكية, ولهذا تنشب الحروب, والصراعات العنيفة, من أجل إعادة تقاسم الملكية الكبيرة وموارد الطبيعة, والتي هي في النهاية محدودة, بينما جنون الربح والسيطرة لا حدود له, ويسعى دوما لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح.
(نظام الملكية أصل الداء)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق