مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الاثنين، 27 يونيو 2022

شبح الطريق بقلم فلاح الكناني



 ق. ق. ج.

شبح الطريق...

وصلني اتصال في المساء ويجب أن اخرج بسيارتي لأيصال الدواء الى بيت اختي الذي يبعد عن المدينة حوالي 70 كلم في قرية تقع بين مدينتين. على نهر الفرات الممتد وسط البلاد. وبجانبة جدول صغير نوعا ما يغذي القرى والمزارع على الضفة التي اسير عليها. وبجانب النهر الصغير طريق زراعي معبد. فهناك شجيرات على جانب النهر وبعض البيوت المتناثرة على طول الطريق. أشتريت الدواء وخرجت من المدينة مسرعاً فالجو ملبد بالغيوم ينذر بسقوط ألامطار. أجتزت نصف المسافة ودخلت الطريق الزراعي آنف الذكر. بدأ المطر يتساقط بزخات بسيطة مع برودة محببة وظلام حالك . ولمحت تحت الشجرة بنت واقفة فلوحت بيدها لضوء السيارة. يا إلهي ماذا تفعل بنت بهذا الوقت والأجواء الممطرة.؟ فتوقفت عندها وركبت معي. لو سمحت اريدك ان توصلني لبيت أهلي فبيتنا على الطريق أمامك. تفضلي بكل سرور. فبادرتها بالقول: عفواً ما الذي اخرجك بهذا الجو .؟ كنت عند مُدَرِّسَة الأحياء الخصوصية آخذ درسي والمفروض اخي يأتي ويقلني للبيت لكن سيارته تعطلت. فقلت لا بأس بذلك سأوصلك لبيتك. وبدأتُ أسترق النظر اليها بالمرآة. فهي فتاة بمقتبل العمل . وعمرها يناسب دراستها بآخر سنة بكلوريا.والذي لفت نظري تلك الوحمة بجانب خدها على شكل ثمرة كمثري بارزة. فتحاول أن تخفيها كلما نظرت أليها. ودفعاً لتطور الموقف بادرتني بالقول. انا دعاء بنت الحاج عبد الهادي. بيتنا قرب الجسر وابي شخص معروف.. اهلاً وسهلاً بك يابنت الحاج. فأنا اعرف مكان بيتكم بجانب محل لتصليح العجلات . نعم هو جارنا. وبعد عشر دقائق من المسير وصلت للجسر وعند بيت أهلها. توقفت لكي تنزل. ألتفت للوراء فلم ارى شيئاً. اين ذهبت البنت ؟.! ؟ كأنها تبخرت مع الضوء. فترجلت من السيارة ونظرت بكل أتجاه لاشيء غير الظلام الحالك وبدأ تساقط المطر يشتد. ياربي مالذي ورطت نفسي به. ؟ رجعت للسيارة وأنا أنظر يمينا ويسار فلم ارى أي أثر لها .وأكملت طريقي .فوصلت لبيت أختي قبيل منتصف الليل. محبط مذهول وملامح الصدمة ظاهرة على وجهي. استقبلوني على اكمل وجه فبت ليلتي عندهم .وفي الصباح استأذنت منهم راجعاً لمدينتي. بنفس الطريق الزراعي. وعندما وصلت للجسر عند محل التصليح قرب بيت الحاج عبد الهادي. رايت تجمع بعض الناس منهم من يدخل ومنهم من يخرج. فأنتابني الفضول فتوقفت عند المحل لفحص ضغط الهواء في العجلات. وأثناء الفحص قلت لصاحب المحل وكأني احد ابناء المنطقة: ماذا في بيت الحاج عبد الهادي ولما هذا التجمع ؟.. فقال اليوم هي الذكرى السنوية لوفاة أبنته الكبرى دعاء.. عفواً دعاء متوفيه؟ .. قال نعم السنة الماضية رمت نفسها من فوق الجسر وأنتحرت. ولماذا أنتحرت ؟ لأنها قوبلت برفض وتنمر المجتمع لوحمتها البارزة على خدها. علماً كانت متفوقة دراسياً. فلم تحتمل نظرة زميلاتها والمجتمع لها. وهنا تسمرت بمكاني ولم استطع أن انبس ببنت شفة. يا ألهي هل اوصلت بطريقي شبح ؟. وأقسمت أن لا اسلك ذلك الطريق ليلاً.. فقال صاحب المحل مازحاً .مابك مصدوماً وكأنك رأيت شبحاً.؟ واردف على العموم أذا رأيت شبحها ليلاً فلا تتوقف له فهي تحب ان تركب مع الغرباء. فكم شخص ادعى انه اوصلها لبيت ابيها ليلاً.. وهنا أيقنت من ركب معي... سأدعو لك يادعاء أن تسكن وتهدأ روحك.. 


خريف الزمن 

18 مايو 2022  





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق