دروبي الغابرة
عُودي إليَّ أيا دروبي الغابرةْ // فالشوق يقتلني وعيني الساهرةْ
ذهبَ الزمانُ بنشوتي متبسماً // من غير حولٍ للنفوسِ الزاهرةْ
وتتابعتْ خطواتُ لصٍ واقفٍ // يُجري الخرابَ بكل كفٍ جائرةْ
لم يكترثْ بنقاءِ عِطري والرؤى // وزهور روحي والأيادي الطَّاهرةْ
سَحَقَ الخريفُ نجائبي حتى غدتْ // ورقاً تناثر في السواقي الخائرةْ
فَعَدَتْ مِياهي في حقولٍ أُذبلتْ // من غير هادٍ كالدُّموعِ العابرة
لم تحتضرْ فيَّ المعاولُ والمُنى // بقيَ الربيعُ ستائري والدائرة
فتنادتِ الأضواء ترجو عودتي // فبدأت أمشي في ليالٍ عاثرةْ
لم يثنني وهْنٌ ولا صوت الصدى // حتى ولا نزفُ الجراحِ الغائرةْ
فتلاعبتْ فيَّ الرياحُ وأشرعتْ // كي ما أسيرَ إلى طريقِ القاهرةْ
لكنَّ نفسي كالجوادِ تروحُ بي // نحو العلا بعيونِ ليثٍ ثائرة
تأبى الرُّضوخَ للزمان وما جرى // وتنيرُ أصقاعَ الهدى وعمائرهْ
بطموحها بطلاقةٍ تروي الدُّنا // بلسانِ صدقٍ واثقٍ ومصابرةْ
فأنا عتيقٌ كالزمانِ بلا أنا // ولصيق دهرٍ ناهضٍ بمفاخَرَة
فتأملوا وقعي على سبلِ الهُدى // وتوقعوا زحفي لأروي الذَّاكرةْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق