مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الجمعة، 24 فبراير 2023

أنا وأنا بقلم: ماهر اللطيف

أنا وأنا 

بقلم: ماهر اللطيف

بسطت كفَّي وأطلقت يدَاي ورفعت رأسي عاليا ودمع العين ينسكب مدرارا وزلزال جسدي قد تجاوز كل درجات ريختر إلى أن انهارت كل مبانيه ومكوناته ولم يبق غير القلب نابضا نبضا مكثفا وسريعا يفوق سرعة الريح وقلت "يا رب، يا رحمن يا رحيم، يا من قلت أدعوني استجب لكم، ها إني استنجد بك وأرجوك أن تقف إلى جانبي..."

وما زلت أتأهب للدعاء حتى قاطعني صوت خشن أربكني وزاد من تدمير كياني وذاتي وهو يقول بصوته العالي" ادخل في صلب الموضوع وكفاك مقدمات"، ثم صمت.

فالتفت في جميع الاتجاهات ولم أجد أحدا غيري وبعض الكلاب السائبة في هذا الحقل الشاسع الممتد في أطراف بلدتي القروية الموجودة في أعماق وطني.

فاستعذت من الشيطان الرجيم وتلوت المعوذتين قبل أن ألقى نظرة أخرى في كل مكان للتأكد من خلوه من كل مخلوق، فإذا بالصوت يعود فجأة وهو يقهقه ويسخر مني ومن خوفي ويقول بكل ثقة وثبات:

- أنا هنا أيها الجبان في انتظار فحوى دعائك، انطق

- (بعد أن كدت أشل من الخوف والرهبة والبحث عن مصدر الصوت دون الوصول إلى نتيجة وصاحب الصوت يقهقه ويسخر مني كالعادة، فقلت بصوت خافت ومتقطع يكاد لا يسمع) من أنت؟ من أنت؟ بسم الله الرحمن الله (والصوت يقهقه) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (والصوت يقهقه) اظهر لأراك، فكيف أخاطب شبحا؟

- (ضاحكا ومستهزئا بي) لا أظهر للضعفاء والجبناء وفاقدي الشخصية والكرامة

- (مقاطعا بشدة) لست كما تقول، أنا أقوى مما تتصور، أنا أهرب من الناس ومن كل من ظلمني شاكيه إلى الله الذي أجد معه الراحة والسكينة والطاقة للنهوض بعد كل سقوط لأصنع من الفشل نجاحا ومن الضعف قوة (والصوت يقهقه) أشحن ما ضعف مني وأقويه بذكر الله والإيمان والتقوى والورع ومهابة المعاصي والمساوئ....

وواصلنا الحديث والصوت يحاول دائما الحط مني ومن معنوياتي وقدراتي، يصفني بأبشع الصفات و يتعمد إهانتي والنيل مني، يستهزئ بي وبحالتي الرثة....

فتسلحت بالتجلد والصبر والعزيمة والتحدي وتوكلت على الله بعدما دعوته كثيرا، وكفكفت دموعي وبسملت وانطلقت أشيد أسوار النجاح من جديد على أنقاض الفشل و الألم والدموع والجراح....

وبرهنت بالتالي لمخاطبي - وكان كان ضميري في الحقيقة - بطلان ادعاءاته وظنونه ومحدودية فهمه لذاتي وقدراتها التي لا تؤمن بالمستحيل مادام سلاحها ومرجعها وقوتها الله ودينه الحنيف...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق