الشاعر إبراهيم العمر
أنتَ مثل الشموع؛
تشتعل وتسيل منها الدموع,
لا تتواجد إلاّ في الظلمة,
ولا يطلبك الناس إلاّ عند الحاجة,
ولا تنير إلاّ عندما تشتعل,
تذوب, يوما بعد يوم, تحت اللهب,
مثل الشموع عندما تنير.
لا أحد يكترث لنور شمعة في عز النهار,
لا أحد يكترث لقارورة دواء في عز الصحة والعافية,
لا أحد يكترث لكسرة خبز في عز الشبع والتخمة.
أنت مثل الحاجة في عهد الإهمال واللامبالاة والبطر,
أنت مثل النصيحة في عهد الجهل والفخفخة والكبرياء,
أنت مثل الإستجابة لإنذار خاطئ,
ومثل الساعة الثمينة في معصم المقامر المفلس.
أنت شعلة ضئيلة على فوهة بركان,
لا يمكنك أن تسال كم تمنح من الحرارة والدفء.
أنت نسمة هواء وسط إعصار قوي,
لا يمكنك أن تسأل كم تعطي من الإنتعاش والحيوية.
أنت بقايا سائل فاتر, وسط الفيضان,
تفتش عمن يشتكي من العطش.
أنت حفنة من الرمال في قبضة يد ضعيفة ترتجف,
تبحث عن كلمات تمننّ بها الصحراء.
تضّحي لتجد نفسك, وحيدا, في زاوية غرفة مظلمة,
رأسك بين ركبتيك,
تبكي من الجوع والعطش,
مثل طفل بعيد عن كل الأمهات,
تبكي من الوحشة والظلم والغربة,
مثل لاجئ هارب من القتل,
تبكي من البعد والغدر والحرمان,
مثل عاشق يئس من الوعود الكاذبة والمجيء والإنتظار,
تبكي من الخضوع والإنصياع والإندحار,
مثل ورقة خريف نحيلة يابسة,
ملّت المواجهة والصمود والتصدي؛
العواصف لا تهدأ,
لا بد أن تنحني,
وتمشي مع الريح
وتنجرف مع التيار.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق