مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الثلاثاء، 14 فبراير 2023

ذات الصدع بقلم سيدة بن جازية

قصة قصيرة
                              ذات الصدع 

كانت تخاف أن تتصدع الأرض فأنّت و توجعت منتفضة كالمحموم ثم ركنت لنومة السنين غير آبهة بما يحدث على سطحها من دنس و قيء و غثيان. صوت محموم في صدر مكلوم موشى بالنكبات. 
عاودها الأنين و اشتكت لولب قلبها المعطل إلى حين، 
فزمجرت و ارتدت حتى تهاوت المباني الشاهقات و خرّت ساجدة خاشعة في موكب مهيب فثار من حولها الغبار عاصفا مكفهرا كثبانا هوجاء... تعالت الأصوات في نحيب متقطع الله أكبر، الله أكبر... حتى غاب الصدى ما من منقذ وقد أظلم المكان و ضاق بين الصخور و الركام لم يع قاسم ما حدث بصيص نور لاح من بين الثقوب بين الزوايا المنحرفة بدا له شكل امرأة شبه عارية وتحت القدمين صدى صوت رضيع باك في إجهاد حاول أن يرفع صوته،أن ينبهها لكن لا مجيب،و من تحت الأنقاض مناديافي حشرجة حزينة مكتبئة يا الله، ساعدنا ، يا الله، يا مريم ..تلامست الاطراف والقلوب متوجسة في هلع ، تأكد من غياب الأم عن وعيها حاول حماية الوليد من المتناثرات فجذبه إليه بيد شبه مشلولة وقلب محترق بالكاد ينبض، لكن عاقه أمر ما،تنبه أنه لا يزال مشدودا إلى الحبل السري،بكى لهول الأمر و رحمة السماء، عجز عن المساعدة حتى قضى نحبه مهموما مستسلما للقضاء وقد أوجعه مصير الحي بين الأموات ، ثم تعالى صياح الرضيع المتصاعد فأفزع المنقذين ليومين و ليلتين ما باليد حيلة، بكت عيون السماء لهول المصاب في مشارق الأرض و مغاربها و خيم حزن مرير على كل أصقاع الدنيا و كل من يملك نفسا إنسانيا ، حين شاءت الأقدار وصلت إليها يد المنقذ العراقي الجسور فبعثت فيها الأمل من جديد. و تهافتت الأيدي مرتفعة متسابقة من يحمل المشعل من يرعى رسالة الرحمان، هاقد كتب لها عمر جديد بينما انتهت قصة أمها والجار مفقودين تحت الأنقاذ لا قبر يحميهما و لا كفن ولا صلاة. يا الله يد الأردن ولبنان والجزائر والمغرب وتونس وفلسطين و اليمن و الكويت و مصر و ليبيا و....تمتد لنصرتك سوريا المنكوبة من جديد. 
كلما أتذكر هذه الحادثة يقشعر بدني و تنتابني نوبة توتر و هيجان، أحاول فهم كنه الأمور لكن دون جدوى، ستكبر هذه الصغيرة و تخط قدرها كما تشاء ولن يحميها اسمها المختار من غفلة الزمن "رحمة "رحم الله أهلا عبثوا بكل الرسائل و الوصايا فدفنوا تحت الأنقاض. سارعت يميني تخط بعض الخربشات، تنظم الأحداث وتؤلفها من جديد لكن الارتدادات لازالت ترسم أقدارا عبثية يشتهيها الزلزال الذي تعنت نهما و 
نشب أنيابه الضارية في الوهاد ، فتألم السطح لحد الانتفاض، فالمخاض الأليم، أخرجت بعض أثقالها،اهتزت بألم، كم احتاجت الأوكسجين و الدماء وبعض المشاعر ، فتحت معابرها ، التهمت حشوها و ما في الأحشاء ثم اعتذرت من المعدمين و البؤساء، كل مرة يخطئ الهدف، كل مرة نفس الوجوه و الأنفس الوهنة، أية تعويذة احتمى بها أبناء الأبالسة
صدحت الأصوات من كل مكان، لا تكرريها، كفانا أحزان و فقد و التهام، ما عادت حياتنا تحتمل مخططات و أهداف، سيبقى الأبالسة أشداء إلى يوم يرجعون و نبقى أحفاد الأرض التعساء.

سيدة بن جازية تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق