مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 30 أبريل 2023

إكسير الممات بقلم علاء العتابي

إكسير الممات

سيدي القديم جاهدت آسفًا أن أهديك شمعة صبري في عيد ميلادك الأخير، ذاب جسدي من يدي وعود قدحي أبَى اشتعالًا !
قدحته مرة آخرى بل مرتين وكعادته يبلى من بين بقايا مسحوق كبريته الأصفر !
انطفأت كهرباء المنزل ومازلت أقدح وأقدح ؛ حتى 
سرقت حاجة البيت أخر عود كبريت في إنارة فانوسا النفطي المظلم ، ملىء البيت ضوءً خافتًا تغطيه سحابة دخانها الأسود ؛ سقطت مغميًا علي !
ولكن أسمع حركات أقدام أمي محاولة إسعافي ويدي أخواتي تعينانها على صلب جذعي !
وقفت شامخًا جسدًا من غير حركة أترقب عن كثب !
رجعت كهرباء المنزل مجبرة عَلى عملها من قبل مسؤل منطقتنا الحزبية ؛ كي يشمل الجميع رعوية مشاهدة عيد ميلاده الأخير !
فهذه اللحظات لا يحضى فيها إلا ذو حبوه عند سلطان عتيد .
بدأت الإعلانات تظهر ، ترقبوا كيكة ميلاد سيدنا القديم يقطعها بيديه ، سيطل علينا بعد قليل !
تمعنا طبقاتها العشر مِن الكبيرة في قعر السطح إلى الصغيرة تتربع على رأس الهرم !

أمي علينا أن نشارك لا يجب أن نبقى مكتوفي الأيدي قالت اختي الكبرى !
شاركتها نفس الهاجس الصغرى والوسطى إلى أن أستقر الرأي عمل كيكة ثلاثية الطوابق !
كيكة تضاهي صنعتها كيكه سيدي القديم !
عجنت أمي مسحوق طحين الحصة التموينية الأسود ؛ ما أن تقولبه حتى تتهاوى جدران سمك القالب ! 
إعادة عجبنه بوضع بعض بروتينات الفاصوليا والعدس الأصفر ؛ كي تسلحه جيدا !
وأخيرًا أنتظمت طبقاتها الثلاث وجائت مرحلة تزين وجه الكيكه !
هنا سقطت معاذيرنا سيدي القديم !
فلا يوجد عندنا سكر ولا كريمة عمل سطح الكيكه ، كما تعلم نحلي أيامنا بقطع التمر !
سيدي القديم حياتك النعيم وحياتنا مغمسة بالجحيم
عندك سكر تجمل أيامك ، ضوء تنير به قصورك ، ملابس تزين بها جسدك ، خدم يمسحون لك تعب جسدك ، مصرف جيب يعيشك أمير طول سلطان عمرك ولديك إكسير شباب عمرنا تعطي نظارة لوجهك ، وإذا اضطررت لتحمي ملكك ؛ فتضحي بنا كنبات يابس تذره ريح الحروب من كل جانب !
لملمت أمي بقايا صوري وضعت عودي فوق كيكه خواتي ثلاثية الطوابق ، قدحت عودي من بقايا فتيل فانوسنا المظلم تهاوي عودي واسقط بسقوطه أمال مشاهدة تقطيع كيكه ميلاد سيدي القديم !

علاء العتابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق