في شحات
————
رافقني الغيمُ
غداةَ صعدتُ من الوادي
إلى كتفِ الجبلِ
بشحات
أحسستُ
بأنّي عانقتُ أحبتيَ
المرهونينَ بعيداً عنّي
وأنَّ لديَّ جناحينِ
من الريشِ الأبيض
أسبحُ في أجواءٍ حالمةٍ
لا مرئية
تنقُلُني نحوَ
الدارِ الفارهةِ في ( درنة)
تنتظرُني نورٌ بحديقتهِ
وكأنّي في الجنة
أهبطُ مجنوناً
فيها وأعناقُها طيرينِ
ارتفعا خلْفَ السحبِ
توارا عن أشراكِ الصيادين
اختارا عشّا فوقَ ذرى
الجبلِ الأخضر في الواجهة
المشرفة على ( سوسة )
قالتْ : أو تعلمُ أنّا نحيا في
أجواءِ خريفٍ دائم
لن يوقفُهُ إلا الله
فصلٌ هو خريفُ الألفينِ وعشرين
لا يُبْقِي ورداً أو يذرُ إنساناً
الأرضُ كساها اللَّونُ الأصفرُ
والأحمرُ في الوجهِ وفي الداخل
( دعنا نغنمُ من حاضرنا
قبلَ تلاشينا ) وكما نادى
في قورينا اريستيبوس(١)
أنظرْ في عينيَّ مليّا
وتَمَتَّعْ في سحرِهما الغائرِ
بالحاناتِ اليونانيةِ تصْطَفُّ
على نبعِ أبولو
خذْ نخبَكَ وارحلْ بينَ
نهاراتِ محيايَ ونِحري
والليلُ العابقُ في شَعْري
المسدولِ
ولا تأبهْ فيمنْ حكموا بالموتِ
على أنفسهِهم قبل أوانِه
الكلُّ سيمضي لكنْ
ما دمنا
مُتَّحدينَ
بقلبينا
بعواطفِنا
في روحينا
فلنسعدْ في ساعاتِ لقانا
نفترشُ الورقَ الشاحبَ بالحمرة
والصفرة ؟
قلت : نعم
يتساقطُ في قدرَة قادر
أحِبابٌ مثلَ
تساقطِ أوراقِ الأشجارِ من الأغصان ؟
نعم
نحزنُ نبكي لفراقهم ؟
طبعاً
لكنْ ذلك لا يمنعُ
أن ندفعَ نحو حياةٍ
تتصارعُ بتفائلِها
وتواصِلُ رحلتِها
د. محفوظ فرج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق