:
(وانقلاب القيم في العصر الراهن )
:
(أثر الخلاف بين الناس على العلاقات الإنسانية)
:
في الماضي كانت الألفة والمودة بين كل الأهالي والأنس بمثابة الوشاح يدفينا وكل الأشياء الجميلة تجمعنا : إلتفاف حول مائدة الطعام وضحكات تتعالى هنا وهناك ؛ وجلسات القهوة والشاي ورائحتها التي تفوح من البيوت ؛ وأطباق الحلويات بينهم؛ وحكم وعبر والحكايات الشيقة التى تروى من الجد أو الجدة تطرق المسامع فتفيدها ؛ والكلمات الطيبة كسائغ القطر؛ وطعم العطف والحنان وصلة الرحم تشع بين الأقارب نورا وظلال وارفة تغطي النفوس وتبهجها٠ ولمة الآباء والأبناء والأحفاد تلهمها الطمأنينة والإنشراح؛ والإبتسامات كذلك لها شذى طيب يفوح فيعطر الأرجاء٠
وكان هناك تآزر وتعاون وتضامن وتواد بين الأحباب وشوق وحنين للقاء الأعزة ؛
وأشياء جميلة ولطائف تحلي ليالينا وتزهي أيامنا؛٠
وهكذا يحلو ربيع العمر وتصنع السعادة من البساطة وتقدم في أطباق من ذهب كالقلائد مطرزة تشرح الصدور٠
٠ أما في هذا العصر فهيهات لتلك اللحظات أن تعود من جديد ؛ فللأسف مغريات العصر قد لوثت القلوب المريضة وزادتها تعفنا؛ ودنس انقلاب القلاب القيم أصناف البشر أصحاب العقول المستهترة ؛ وتغيرت كل الموازين وغابت الضحكة الحلوة عن البيوت وتشتت الشمل ؛ واختفت العادات والتقاليد الجميلة ؛ ولم تعد الفرحة والبهجة تزين حياتنا ؛ إنها لقساوة الذي قست فيه القلوب وتصلبت كالحجارة ؛ وتوحشت الأرواح الخبيثة مغترة لا تقنع ولا تشبع وتريد تسيطر و تلتهم كل شيء وصار القوي يغالب الضعيف ويطارده ليزيحه بعيدا بسبب الأحقاد والحسد والغيرة والجشع والمكر والمكائد التي تحاك في كل الميادين وحتى في العمل ولم يعد من المحزن الأخ يأمن أخأه و قيمة الإنسانية لم تعد تصان وتحترم وأضحت كرامة الإنسان تداس وتهان من أخيه الإنسان ٠
واستشرى الفساد مع العولمة المعاصرة ؛ والخيانة ؛ وكذلك مشاكل الحياة وغدر الزمن أو بالأحرى تغير طباع البشر التي أغراها الطمع وحب المال والجاه والتكالب على المناصب واللهفة على كل شيء والرغبات والشهوات تكاثرت ٠
ولم تعد الحال هي الحال ؛ ولم يعد أحد يقتدي بأمثال الأجداد؛
فصرنا في زمان تغيرت معه حتى حواسنا : فصرنا نرى بأنوفنا ونشتم بآذاننا ونسمع بأفواهنا ونأكل بأعيبنا ٠
وكأن الواقع مقبرة مظلمة تدفن فيها الضمائر ٠
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق