مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الخميس، 25 أبريل 2024

أجمل عنوان بقلم فتيحة المسعودي

أجمل عنوان

كتبت .. وكتبت .. نعم ، كتبت كثيرا .. تكاثرت علي الحروف .. والكلمات .. والجمل .. تعبت .. بجد تعبت ..لم أعد أقوى على الإنتقاء !.. حتى قلمي من كثرة الكتابة أصيب بإعوجاج نصفي !!،، بعد سنوات من التضحية ، كان مخلصا .. شهما .. يعتمد عليه في السراء والضراء .
أوراقي هي الأخرى سئمت الوضع !!.. تفرقت عن بعضها.. تناثرت على الأرض قبل أن تطير مع الهواء ، وكأنها تنتحر ! .
ذهلت واندهشت لما حدث ؟؟ أصابني الهلع لضياع أغلى ما أملك !!.. قلمي .. أوراقي .. محبرتي ..حتى شمعتي المضيئة من كثرة دموعها المنهمرة على مكتبي ؛؛ جعلته على وشك الإحتراق !! ، أيقضتني من سهوتي رائحة دخان نتيجة احتراق احدى خشبات مكتبي المتواضع القديم كانت ضحية إنتحار شمعة !! ؛؛ ضحت هي الأخرى من أجل كلمات مؤلمة !، من أجل مآسي ومآسي .. وكنت أنا المذنبة .. أنا من تستحق أقصى عقوبة ؟، لم أبالي بجريمتي الا بعد فوات الأوان ، على إثر الآلام والآهات والصراخ !!،، بللت وجهي بالماء البارد .. شربت فنجان قهوتي كالمعتاد .. فبدأت أصحو بعض الشيء .. وعلى منضدة منزوية جلست أفكر .. وأفكر .. بدأت أسترجع وعيي الذي فقدته منذ بداية الكتابة !!! .
وأنا أنظر .. أتذكر .. أتسائل ..؟؟ ما الذي جعل كل أغراضي تنتحر ؟؟ !!.. لماذا يا ترى ؟؟!! .. وأنافي قمة الذهول والتساؤل ، انحنيت على الأرض،، والتقطت ورقة من الأوراق المبعثرة .. حملتها بيدي وأنا أنظر الى سطورها دون شعور مني، بدأت عيناي تغرورق بالدموع ؛؛ بمجرد مارأيت عنوانها المؤلم ؛؛ الذي عشت من خلاله كل القصة!!.. وكل مآسيها في لحظات .. وبين لحظات .. أصبح شعري أبيض اللون .. واكتسحت التجاعيد وجهي ،، وقد تحول صوتي من رنين جميل إلى بحة خشينة !،، أما يدي اليمنى ، فمن شدة ارتعاشها ، بات القلم يسقط من بين أناملي!! وأنا مركزة النظر على عنوان القصة الغريب ؟! ( الجرح المزمن ) .
أدركت حينئذ سبب انتحار أدواتي المخلصة ، وأدركت أنني ارتكبت خطأ لا يغتفر في حقها.. وأنا أتحصر عل ما حصل وأمسح جبيني من العرق .. تذكرت مثل يقول ( الطغيان على اليأس من خصائل الذكاء ) .
فورا بعد تذكره شعلت شمعة أخرى ، ووضعت قلما آخر بين أناملي .. فبدأت أكتب بسرعة بديهية !، وأنا أكتب .. وأكتب .. وأكتب .. استرجعت أملي وتفاؤلي ، مع الكتابة بدأت تجاعيد وجهي تختفي شيئا فشيئا.. واسترجع شعري لونه الأسود .. ازدادت أناملي قوة ورغبة في الكتابة ، بدأت الحروف تتراقص أمامي من الفرحة ، وأغمرت الكلمات بسعادة عارمة ، أما الجمل فقد ترتبت من تلقاء نفسها مع إيقاع موسيقي هادئ وجميل ،!!!.
توقفت لبرهة .. لأستريح .. نظرت حولي .. رمقت قلمي المكافح وهو على أجمل شكل ، لم يعد للإعوجاجه أثر !! .. هاهي أوراقي المبعثرة تجمعت وتنمقت دون أي مساعدة مني ، يا للعجب !!! حتى شمعتي المذابة جمعت دموعها الغزيرة ، نشفتها ودمجتها،، هاقد اعتدلت واستقامت واشتعلت من جديد !.. فزادت مكتبتي نورا على نور .
أدركت حينها المغزى !! ..مررت بنظراتي بين سطور القصة، فأثارت انتباهي ثلاثة أسطر من وسطها ،، ( مع التفاؤل والأمل طرت وحلقت في العلالي والقمم، معهما أدركت أن اليأس مع الحياة مستحيل ) .
انتصف الليل .. وعم الهدوء .. ستائر النوافذ تتراقص مع الهواء العليل .. أطفأت الشمعتين .. ووضعت القلمين فوق المذكرة..استلقيت على أقرب أريكة واستسلمت لنوم عميق .. وأنا على أمل أن تشرق شمس الغد مرفوقة بأجمل وأسعد اللحظات مع بداية كتابة قصة تحمل أجمل عنوان ."

فتيحة المسعودي 
المغرب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق