مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الجمعة، 12 يوليو 2024

لا ينفع الندم بقلم فتيحة المسعودي

لا ينفع الندم 

قصة قصيرة وبسيطة جدا ..
 تتضمن أحداث من الواقع

بقلم الأديبة
فتيحة المسعودي

الجو صاف ، هادئ و جميل .
فاتنة تتراقص بين الأزهار .. يفوح عبيرها في كل أرجاء العلالي..
مفتخرة بأصلها وجذورها العريقة.
تغير الطقس فجأة !.. رياح قوية ..غبار متطايرة .. فقدت بعضا من أوراقها ..أوشك غصنها على الذبول .
ما أقساك يا خريف !! على الكائنات اللطيفة ذات الإحساس المرهف .
مر عابر سبيل ؛؛ .. لكثرة طولها ورشاقتها رمقها من بعيد ، اندهش من سحرها وجمالها ، انقض عليها بكل جرأة!!! .
وقطفها بحجة أنه سيحفظها من كوارث الطبيعة !!.
وضعها في أجمل مزهرية ..سقاها من أعذب المياه .. انتعشت من جديد استعادت اوراقها المفقودة .. ازدادت جمالا ورونقا.
فجأة .. وفي لحظة!.
 تغير عابر السبيل !!!!.. بعدما تأكد أنها أصبحت ملكا له وحده ، لا أحدا يستطيع الوصول اليها، ولا هي قادرة على الخروج من مزهريته .
توقف عن الإعتناء بها أصبحت بالنسبة له كائن عادي خلق ليمتع بصره بجمالهاالخلاب !!.
بدأ اليأس ينتابها.. وأحست ان أغصانها بدأت تتثاقل بسبب الذبول 
نفذ صبرها فقالت : أخرجني من هذه المزهرية أرجوك : واغرسني حيث قطفتني في بستاني الذي يتوفر على الهواء الطلق ، حيث أعيش حياتي الطبيعية .
فتعجب من كلامها وقال : كيف تطلبين العودة إلى البستان رغم الرياح والغبار وقساوة الخريف عليك ؟.
ردت عليه : والحزن باد على محياها الذي بدأ لونه يتحول الى الإصفرار وقالت : اشتقت كثير لغبار يتطاير حولي ويؤنسني حتى لا أشعر بالوحدة المملة ورياح تداعبني وتراقصني لتدخل على قلبي البهجة والفرح .. وبعدها تزورني الشتاء لتنظفني من الغبار وتسقيني بماء طبيعي عذب ، والاجمل عندما يحين الربيع فيزين أغصاني بألوان زاهية،
ويعطيني قوة وحيوية .
أما بيتك ومزهريتك لم يعطياني شيء غير الملل والإختناق المستمر .. أكاد أختنق في مزهريتك الضيقة لقلة الأكسجين لم أعد اقوى على التنفس!!.
لم يبالي عابر السبيل بكلامها ، كان يظن انها ستتأقلم تدريجيا مع المزهرية الضيقة ،
هكذا استهان بكلامها ولم يعرها أي اهتمام.
استيقظ في اليوم التالي .. ذهب اتجاه المزهرية .. ليمتع نظره بالزهرة كعادته كل صباح ؛؛..
ولكن دون جدوى 
لم يجد هذه المرة الزهرة في مكانها !!، بل وجد بقية أوراق ذابلة مبعثرة حول المزهرية ، وساق مائل، على ما يبدو من ضعفه ولونه البني الغامق أنه لفظ انفاسه الأخيرة !!!.
إندهش عابر السبيل ! ، تحرك بسرعة .. غير ماء المزهرية .. إنحنى يجمع الاوراق الذابلة ويلصقها مع الاغصان والساق .
ولكن ما ان استعاد تركيزه حتى عرف انه قد فات الأوان .
ادرك حينئذ انه قد تصرف بأنانية ، تألم كثيرا لخسارة أجمل شيء في بيته ، الشيء الذي كان يريح أعصابه ويعطي لبيته جمالا وبهجة ودفئا .
أحس بالذنب .. بدأ يردد كلمات غريبة كالمجنون .. كسر المزهرية الجميلة ..
ادرك في آخر المطاف أن الأوان قد فات .. لا الحزن ولا الألم يعيدان له زهرته الثمينة .
فكانت عبرة له ولكل شخص يمتلك في بيته زهرة جميلة أصيلة الجذور فيهملها ولا يعطيها حقها من العناية الكافية عليه إعادة النظر في ذلك والا سيفقدها ..
 ولا ينفعه الندم .

فتيحة المسعودي .
المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق