مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الجمعة، 16 أغسطس 2024

أنا البطل بقلم رضا الحسيني

.. .. { حكايات رضا }
.. كل يوم حكاية .. ( أنا البطل ) / رضا الحسيني
زمان كانت الجميلة تُعاكَس بكلمة القمر ، ومن بعد ذلك صارت تُعاكَس بكلمة المُزة ، وهذه الأيام تُعاكَس بكلمة البطل
والبطل لقب أصبح يطلق على المرأة شديدة الجمال والأنوثة ، وكل منطقة فيها بطل أكيد , وتظل هذه البطل تسيطر تمام السيطرة بجمالها وأنوثتها في كل أنحاء منطقتها ، والكل يعرف أنها البطل ، حتى يطيح بها بطل اخر أكثر منها جمالا وأنوثة ، هكذا يكون الحال في أوساط الشباب عادة ، ولذلك كثيرون لايفهمون مثل هذه اللغة :
- _البطل النهارده كان واكل الجو
_البطل شفته من شوية بالحتة الزِّفْرَة
_أنا شُفت البطل في بلكونته آخر مزاج
وهكذا يكون البطل حديث المنطقة ليل نهار ، ويكون للبطل أنصار ومؤيدين وعشاق حتى وإن ظهر بطل آخر ، يظل هو بطلهم باستمرار ، حتى وإن تحول البعض للبطل الجديد
وكانت شقتي أول بلكونة في بيت يرى الحياة من ثقب إبرة ، لكن كنت بذات الوقت كالنجمة في ليلة مظلمة ، وكانت كل الأنظار تترقبني حين أهبط من سمائي لدنيا البشر ، لذلك كنت أحب كثيرا شقتي هذه
ومن حظه كثيرا صاحب المحل الذي ينال شرف دخول البطل عنده ، يكاد الكل بالمنطقة يتمنى لو كان عنده محل يدخله البطل فينال سعادة الحكي معه عن قرب والتمتع بضحكاتها- _البطل يؤمر بإيه
_ أنا عاوزة ...
_اللي يعوزه البطل يحرم على كل الناس
ومنذ جئت إلى هنا من خمسة أعوام وأنا أعيش كل حواديت البطل ، فأنا هنا بطل الأبطال، هكذا أسمعهم يقولونها لي ذهابا وإيابا ، أي أجمل مَنْ أخذتْ لقب بطل بالمنطقة من قبل ، ولذلك كنت أنا أول من يقال لها هذا اللقب المميز الجديد
استمر الحال هكذا فترة طويلة حتى أن خطواتي صارت محسوبة والكل صار يعرف متى أخرج ولاين اذهب ومتى ساعود ، وكانت جل مخاوفي حين اكون مع زوجي ، فالعيون هي التي كانت تتكلم وأنا أسمعها بمنتهى الوضوح ولكن بحذر شديد ، وكنت أشعر بكثير من الأمان وأنا هكذا بطل الابطال ، فالجميع مستعد لأن يفعل أي شيء من أجل أن أكون في أمان ، فقط الأمر لا يتجاوز تعليقاتهم لي
ذات صباح اضطررت لأول مرة لأن أستخدم مايسمونه التوكتوك ، يومها شعرت بكل الخوف والرعب وزال عني ماكنت أعيشه من أمان في منطقتي بين محبي بطل الأبطال :
؟ _النهارده نهارنا فُل .. صح يا بطل
قررت ألا أنطق و كأنني لم أسمع شيئا
_أنابكلمك يابطلنا ، مُعجب والله من زمان
استمريت في عدم الرد وكأن الكلام ليس لي ، فلا شيء رسمي من الدولة يقول أنني البطل ولا بطل الأبطال
_ لا كده بقى غلط بحقي والله
وتوقف الرجل بالتكتوك وأخرج سلاحه الأبيض ، وهنا انطلقت صرخاتي تهز المنطقة بكاملها ، وكان يوما فارقا بحياتي ، يومها علم زوجي أنني بطل المنطقة فكان طلاقي وابتعادي عن بناتي ،وعشت عاما من أسوأ أعوامي ، وحين عادت المياه لمجاريها مع زوجي عشنا في بيت آخر بلكونته تعلو عن الشارع ستة أدوار في شارع مزدحم لايهتم فيه الناس بالبطل !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق