مجلة ضفاف القلوب الثقافية

السبت، 3 أغسطس 2024

عند الغسق بقلم فتيحة المسعودي

عند الغسق
 
الساعة تشير الى منتصف الليل اكتفيت بعدة صفحات من الكتابة وضعت قلمي 
على المكتب استرخيت على فراشي أغمضت عيناي وأنا أحاول الخلود  
الى النوم لوهلة قصيرة 
سمعت صوت خافت يردد الأقلام المبدعة لا تنام بل تحتضن الأنامل لكي تضعنا أمام صور لا منتهية صور حزينة ومؤلمة ذات ألوان غامقة جوانبها مرتعشة من كثرة الذعر الذي والألم
كما ترسم صور الجمال والسعادة جمال الفرح 
والإنتعاش والسرور جمال الطبيعة الخلابة بوديانها وأنهارها ثم تغريدة وزقزقة العصافير 
زهور بألوانها الزاهية أغصان بلون أخضر يانع
ما هذا الجمال الرهيب أترى ما أراه يا قلمي
 عجبا لأجوبة قلمي غير المباشرة 
لقد ازدادت سرعته في الكتابة وأناملي تتابع معه كل حرف وكلمة أما عيناي المتعبتان لا تنفك تقرأ بشوق ولهفة شفتايا تردد بصوت خافت لقد تهت نعم تهت 
توهان وغرق غرقت في بحر الحروف بحر 
الكلمات يا ألهي 
أين المفر يا ترى أهناك مخرج
هجوم غير متوقع 
أحاطتني الأبجدية 
من كل الجوانب 
على أسلحتي الآن الإستمرار حتى النھاية
 لا عودة للوراء لقد تعبت نعم تعبت أحتاج لإستراحة 
حتى أستعيد قوايا 
أسلحتي تناقضني الرأي
لا لا وقت للإستراحة علينا الإستمرار وإلا خسرنا المعركة 
إنه الليل والغسق وقت اكتساب القوة 
القوة الخارقة هيا يا بطل علينا الإستمرار الى النهاية 
سنبدأ الآن 
الزمن دجى مساء وغيهب
والمكان واحة خضراء
منظر خلاب 
رفعت أسلحتي الراية البيضاء سبحنا معا في 
عالم السلام 
استرخينا فوق موج متحرك ما أحلى التمختر أثناء مده وجزره غصنا في أجواف البحار إنبهرنا  
بتوهج الأحجار الكريمة
رأينا عجائب وغرائب 
سبحنا في عالم رهيب
الى أن رمانا الموج على شاطئ بعيد  
حيث عشنا لحظات مرعبة لا يوجد شيء 
غير الغابة المتوحشة 
والحيوانات المفترسة 
لولا رؤيتنا لتوهج إنارة  
ضعيفة على بعد أميال 
كلمترات خرجنا نمشي على جوانب الشاطئ بخطوات ثقيلة ما بين الذعر والإرتعاش
حلت سحابة كبيرة 
حجبت علينا ضوء القمر 
لتزداد حلكة الظلام ويعم السواد بكل تفاصيله 
لم أعد أرى شيئا غير العتمة كاد قلبي أن يتوقف من كثر خفقانه 
أغمى علي حينها ولم استفيق إلا وعلى صوت
صفير قوي وطائر كبير 
يعلو شيئا فشيئا رأيته 
فورا بعد فتح أعيني  
لأعرف حينها أنه الطائر 
الذي أنقذني وحملني من على الشاطئ ليضعني أمام قصر ساحر 
دخلت الباب الخرافي الجميل الذي رصع بحروف ذهبية 
زخرفت بأجمل التصاميم 
كل الحروف متلئلئة وجميلة في غاية الجمال وما زادني اندهاشا أنني أرى على يميني ثلاث كلمات ينبعث منها شعاع الكرم والضيافة ثبتت على الجانب الأيمن خصيصا 
لإستقبالي بمعناها العربي الجميل أهلا وسهلا ومرحبا خالية من خدوش وشوائب اللغة الأجنبية وإلا أفسدت أصالتها وعراقتها وحتى معناها الذي إن دل على شيء 
ف يدل على الرقي والترحيب وسعة الصدر
بعد ذلك وأنا لا أتمالك نفسي من الغبطة والسرور إذ رأيت عدة حروف جميلة تقدم لي تحية سلام تليق بأصالتي وعراقتي 
 وقد رصعت على جوانب باب صالة 
الإستقبال على شكل طبق تراثي من التمر وكؤوس بديعة من الحليب 
ما كان علي إلا أن أتبع 
التعليمات وأدخل القصر 
من باب قاعة الإستقبال
وما خطوت عدة خطوات حتى هاجمتني 
الحروف وبدأت الكلمات 
تتساقط علي كالأمطار 
ما أجملها كلها من ذهب 
وفضة وألماس انبهرت 
بالموقف الجميل وتابعت 
طريقي الى الأمام كل ما خطوت خطوة تساقطت أمامي آلاف الكلمات 
 نظمت لإستقبالي استعراضا جميلا 
 من شدة ترتيبه 
وتنميقه قرأت كل كلماته وجمله لأستنتج قصة من أجمل ما قرأت 
تتوفر على عنوانها الجميل الذي يرمز الى لغة من أجمل اللغات 
لغتنا العربية الأصيلة التي ورثت أبا عن جد 
وأنا أتابعها شوقا ولهفة 
لأصل الى نقطة النهاية الا وقد ھل الفجر بضوئه المتسرب وهوائه العليل الذي يراقص الستائر 
بحركة لا إرادية سقط القلم من بين أناملي 
وخارجا عن الإرادة  
استلقيت على فراشي 
وبدأ النوم يداهمني 
أغمضت عينايا دون علم 
مني وسرقني نوم عميق
مع أحلامه المتأملة الى 
ليلة قادمة بأشعة حروفها وقصصها الفريدة من نوعها 
استسلمت للنوم حينها
مع تقديم تحية خفيفة 
الى اللقاء مع الإلهام
عند الغسق 

فتيحة المسعودي 
المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق