مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الاثنين، 30 سبتمبر 2024

المشاهير و وهم الشهرة 4 بقلم علوي القاضي

 المشاهير ووهم الشهرة 4

دراسة وتحليل : د/ علوي القاضي

... المشكلة الأساسية التي تواجه المشاهير أو الباحثين عن الشهرة هي العجلة والتسرع في هذا الأمر ، وهذا يضعهم في حرج شديد ومواقف لايحسدون عليها ، وقد تكون على حساب كرامتهم أو شرفهم أو سمعتهم ، والأكثر من ذلك أنهم من السهل فقدان مايحصلون عليه ويكتسبوه ، بنفس سرعة حصولهم عليه ، مثلهم كمثل الكرة إذا قذفناها بقوة تصل للحائط وتصطدم بنفس القوة وترتد للبداية بنفس القوة والسرعة ، أما لو أخذ الأمر بهدوء ليأخذ فرصته ووقته لما إصطدم ولما عاد لبدايته ، وأقول لمثل هؤلاء ، حينما تكون حريصا على شئ وتكون متعجلا على طلبه ، وتبذل كل المحاولات لأن تصل إليه بأسرع وقت ، فهذا ليس منطقيا ، ولاتكون  سعيدا بهذا الشئ مهما وصلت إليه بسرعة وستفقده  بنفس السرعة وكأن شيئا لم يكن ، وشغفك له سيضمحل مع الوقت وسينتهي سريعا

... بناء على ماتقدم من سرد للمفاهيم والمواقف والأحداث والتي مفادها أن معظم النجوم والمشاهير ليسوا على مستوى القدوة لمعجبيهم وجماهيرهم وبالأخص الشباب ، يجب أن نسأل أنفسنا ، من القدوة إذن ؟! ، وأين نجده ؟! ، وماهي معايير الشخص القدوة ؟! ، وعند البحث عن الإجابة إصطدمنا بفكر (الحداثة الغربي) ، ووجدنا أن فكر الحداثة ومابعدها كان وبالا" على مجتمعاتنا العربية ، لأننا تمسكنا بها وطبقناها بأساليب تناقض فلسفتها ، فوقعنا في الفخ المنصوب لنا من الغرب ، فالباحث في فكر وفلسفة مابعد الحداثة ، التي نجد صداها في مجتمعاتنا ، (قصدا أو من دون قصد) على وسائل التواصل الإجتماعي ، فكرة معاداة العقل الواعي وإضعافه ، وبالتالى ربط التفكير العقلاني المنطقي بإثبات فشله ، وليتم ذلك ، كان هدفهم الأول إبراز التافهين وجعلهم نجوما ومشاهير على حساب الجادين المفكرين والمثقفين والعلماء والمبدعين والموهوبين الحقيقيين في كل الإختصاصات وذوي الإنجازات القيمة في الحياة ، فكانت النتيجة ، (ضياع الحقيقة) ، وجعل الرويبضة التافهين والمهرجين قدوة ، ومن ثم تفكيك المجتمعات ، فعندما يجد الطفل أوالشاب أنه للوصول إلى الشهرة وكسب الأموال ليس من الضروري أن يمر ب (الجد والإجتهاد والعمل والمثابرة والدراسة والبحث العلمي) وهذا هو منطق (العقل والتفكير العلمي المنطقي الطبيعي) ، الذي تحاربه مابعد (الحداثة) بهدف تفكيك كل المنظومات الشمولية والكليات المعرفية والأبحاث العلمية التي تعارفنا عليها وآمنا والتزمنا بها ، ولتأكيد ذلك يتم تفكيك أهم مؤسستين تربويتين وتعليميتين (المدرسة والأسرة) ، لنصل إلى نتيجة أن كثيرا من الأطفال والشباب يجدون في هاتين المؤسستين (بدون وعي منهم) عدوا لهم ، فيحاولون التمرد عليهما والإنفكاك من قوانينهما وعدم الإنصياع لهما ، وتصبح شلة أصدقاء السوء في (العالم الواقعي) وحتى الإلكتروني (العالم الإفتراضي) على وسائل التواصل بديلا عن مفهوم المدرسة والأسرة ، ولذلك ف ( الأسرة والمدرسة) من المعاقل الحصينة التي يجب علينا حمايتها من موجة التفكيك التي أشاعتها فلسفة مابعد الحداثة عمدا من الغرب ونطبقها دون وعي في الشرق ، ونلاحظ أن بعض البرامج المعروفة والممولة غربيا وبمساعدة الخونة من الخارج والداخل تحاول إشاعة تلك الأفكار لتأكيد وجعل الرويبضة والتافهين والمشاهير قدوة للشباب ، وعلى عكس مايفترضه العلم والعقل والمنطق والفكر السليم ، كما علمنا المعلمون في المدرسة والوالدان في البيت 

... وأقرب نموذج ومثال لذلك ، (مطربة) نشأت في قاع المجتمع وصعدت منه لقمة هرم النجومية والشهرة والنجاح والمال والرفاهية ، بنت مجهولة كانت تعمل شغالة عند أسيادها ، إكتشفها مكوجى كان يبادلها الإعجاب والأداء والغناء ، وصعدا الإثنان لقمة جبل الشهرة ، بدأت تغنى بالأفراح الشعبية ، يتبناها مخرج كليبات من اللاشئ ، ويقدمها لمصر كلها ، ويصنع منها نجمة كبيرة مشهورة ، تخيل أنك تعيش حياتك في منطقة شعبية بسيطة وسط ظروف سيئة وصعبة مع أناس بسطاء مثلك ، فجأة تجد نفسك تعيش حياة الفيللات والكومباوندات ، جارا لأسيادك القدامى (مخدومينك) بثقافة ومستوى مختلف ، وتسافر جيئة وذهابا ، وتستطيع أن تفعل ماتشاء ، لأنك أصبحت تمتلك كل شئ ، والدنيا كلها تلتف من حولك ، والأضواء مسلطة عليك ، لكن مشكلة (التدني الأخلاقي والتربية المتواضعة) مازالت باقية لأنها متأصلة في الباطن والجينات ، وتوالت تداعيات تلك النقلة غير المحسوبة والغير متوقعة فكانت النتائج :

.. في البداية يتم الزواج من موزع موسيقي وتنتهى بالفشل والإنفصال ، مثل زيجة من قبل من عازف كمان ، ثم زوجها الثالث كان مريضا ، ويقال إنها مقبلة على زواج رابع 

.. حصلت على النجومية والشهرة عن قصد وبترتيب ممنهج ضمن منظومة الهدم للمجتمع 

.. والكل كان يتعاطف معها ويحبها لأن صوتها لاغبار عليه وكما وصفها الإعلام (صاحبة أقوى إحساس في الوطن العربى) 

.. لكن قد تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن ، شتان الفارق بين الأمس واليوم ،  إنفض الجميع من حولها ، وأصبح الكل يشفق عليها والبعض يسخر منها (فما بنى على باطل فهو باطل) ويهزأ بها في كل مرة يسمع كلامها ويشعر بالإشمئزاز من سيرتها 

.. لدرجة أن جمهورها يراها مجرد حوار ماسخ الهدف منه إشغال وتلهية الشعوب العربية 

.. زيجاتها تحولت إلى مشاكل للطرفين وزادت الخلافات والطلاق والخيانة وأصبحت فجة ومقززة ، ومشروع تكوين أسرة فقد كتيرا من قيمته ومعناه 

.. تحولت من إنسانة طبيعية إلى مدمنة وأصبحت سليطة اللسان مما سبب لها كثير من الأزمات 

.. فقدت شعبيتها ونجوميتها وشهرتها ، لأنها كان يجب عليها أن تتعلم (حتى لو لم تكن مشهورة) أن تتكلم بلباقة وحنكة وتدير أحوالها بعقلانية وتتعامل بطريقة جيدة مع كل من حولها ، وتتحكم في زلات لسانها ولايغلب عليها الغباء والبجاحة وقلة الذوق ، فما بالك وهي (نجمة ومشهورة) ومسؤوله أمام المجتمع 

.. ولكنها لم تكن مؤهلة لكل هذه الضجة والشهرة لأنها صناعة (الحداثة) والفكر الغربى ، وسليلة الرويبضة ، ومن أخوات التافهات 

.. وكان ينبغي أن تعي قبل أن تكون مطربة ونجمة مشهورة أنها إنسانة حتى لاتصطدم (الإنسانة بالمطربة) وتهدم المطربة لأن الطبع سيغلب التطبع 

.. كذلك كان ينبغي أن تفهم يعنى إيه فنانه ونجمة مشهورة ، ويعنى إيه نجومية ومسؤوليتها نحو جمهورها ومحبيها 

.. وللأسف رغم أن الله أعطاها كل شئ ولكنها تمردت وتنمردت على كل شئ ، وشوهت صورتها بنفسها ، وقضت على أجمل مافيها ، وعلى الجانب الٱخر ممكن أحدهم يعطيه الله أقل منها بكثير ويعيش حياة بمنتهى السعادة والإحترام والعقلانية والإستقرار ، وهي لاتزال على نفس الحال من الجهل والسطحية والتفاهة ولاتغيير 

.. كثير من النجوم المشاهير غيرها حياتهم الأسرية فسدت ورغم ذلك إحترموا أنفسهم ، ولم يفضحوا حياتهم على الميديا بهذا القبح ، حتى الإعلاميين من كانوا متعاطفين معها  بمداخلاتها في البرامج أحجموا عن ذلك 

.. فالمشكلة لم تكن (إدمان) ولكنها (عقلية ووعى ونشأة وتربية وبيئة) 

.. والتحليل النفسي لسلوكها الغير منضبط أنها مريضة وتعاني من إضطرابات نفسية ، ولم تسير في طريق العلاج السليم 

.. وزوجها النجم المشهور (....) لم يظهر أي رد فعل رجولي وعقلاني ، بالرغم من نجوميته وشهرته لايتمتع بأي رجولة ، ولاكرامة ولاتربية ، ولاتعليم ، ولاإعتزاز بالنفس ولابالأسرة وأهل بيته ، ويتصف بالدياثة لأنه لايغار على نفسه ولاأهله

... هل هذه النماذج التافهة من الرويبضة تصلح أن تكون قدوة لشبابنا وبناتنا ويعتمد عليها في توعية الشباب والمجتمع لبناء مجتمع قوي تحت مسمى النجومية والشهرة ؟! ، بالطبع لا !!!

... وهذا ما يريده بنا أعداءنا سواء في الخارج أو في الداخل

... وإلى لقاء في الجزء الخامس إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة

... تحياتى ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق