مجلة ضفاف القلوب الثقافية

السبت، 28 سبتمبر 2024

المشاهير ووهم الشهرة«(5)»بقلم علوي القاضي

«(5)»المشاهير ووهم الشهرة«(5)»
دراسة وتحليل : د/علوي القاضي.
... كثير من نجوم الفن والمشاهير من ندموا على نجوميتهم وشهرتهم بعدما إكتشفوا وفهموا الأمور على حقيقتها ، بعد إنخفات الأضواء وتواري الإعلام والمحيطين عنهم ، وأصبحوا يعانون من الوحدة ، ولم يجدوا مايؤنسهم ، ولم يكونوا أسرة وأولاد وأحفاد بسبب إنشغالهم بالنجومية والشهرة ، ومنهم الممثل العالمى (عمر الشريف) 83عاما الذى صرح بهذا المعني واعترف أن كل مامر به من نجومية وشهرة كان وهم وسراب ولاقيمة له أمام الوحدة التى يعانى منها 
... وكان للممثل الأمريكي (كلينت استوود) 95 عاما تصريح يحمل نفس المعنى ، قال في كلمة مؤثرة له في ٱخر أيامه ، (مُرعبٌ هو التقدم في العمر أليس كذلك ؟! ، هاأنتم ترون كل شيء بأعينكم ، عظام لاتتحرك بلُيونة ، ونظر العينين متعبٌ لهما الضوء ، والرئتين تغتَنمان فُرصة الراحة من البحث عن نفسٍ متعب جداً ، لكن المُرعب والمُتعب أكثر هو حين تبلغ التسعين عاما ولاتجد أحداً مِن مَن تُحبهم بقربك يستمع بتذمرٍ لقصص تاريخك المليء بالبطولات الوهمية ، وأنت تعلم أنه غير مهتم ، لكن تستمتع كجد ، في نقل ماتراه مناسباً لأحفادك ، مرعب أن تكون وحدك بعد أن كان الجميع يبحث عنك ، وفي الأخير ، بعد قضاء عمرك بحثاً عن الضوء ، لم تفز بأسرة ، وعشت في الظلام حين احتجت ليدٍ تدلّك على الضوء ؟! ، إهتموا بتكوين أسرة ، فالجري خلف الشهرة ، كالرماد الذي نفخت فيه الرياح ، فلا هو أشعل ناراً ، ولاهو ظلّ ثابتاً في مكانه
... لذلك أرى أننا في عصرٍ تضاءلت فيه القيم وإهتزت منه المعايير ، وأرى زيف الشهرة والمال يحيط بأولئك الذين لايقدمون للمجتمع سوى اللهو والعبث والتفاهة ، الممثلون والمغنيون وأصحاب الظواهر الهدامة ، يغدق عليهم المال عن عمد ، وتُفرش لهم السجادة الحمراء بقصد تلميعهم وفتنة الناس بهم ، وكأنهم كائنات فضائية أو أبطال العصر الحديث ، أما أهل العلم والدين والأدب والطب والتربية ، فهم كالألماس تحت الركام ، لايرى أحد بريقهم ، ولايلتفت إلى جواهرهم الثمينة
... وكما قال أبو نواس :
فقل لمن يدعي في العلم فلسفةً *** حفظت شيئًا وغابت عنك أشياءُ
... إنه صوت كل عالم وأديب ، كل طبيب ومربٍّ ، هؤلاء الذين يضيئون دروب الحياة بعلمهم وحكمتهم ، ولكن نسيهم المجتمع في زحمة الرويبضة والتفاهه والضجيج السطحي والإهتمام الزائف
... ياله من زمان تُرفع فيه التفاهات وتُنسى فيه القيم الحقيقية ، ترى المثقفين والعلماء يكافحون بصمت ، يُبدعون ويبنون ويعلّمون ، بينما تُصرف الأموال الطائلة على من لايملك سوى بريق زائف لايلبث أن يخبو ، هذه الموازين المختلة في المجتمع لاتساهم إلا في تدهور القيم والمبادئ ، وتفشي الجهل والسطحية
... وحين تنقلب الموازين ، يصبح الأمل في إستعادة التوازن ضرورة ملحة ، يجب أن نعيد الإعتبار لأهل العلم والأدب والدين والطب ، لأنهم هم الأساس المتين لأي مجتمع يريد أن ينهض ويتقدم ، فلا نهوض بلا علم ، ولا تقدم بلا قيم ، ولا رقي بلا تربية صالحة
... وهناك من فهموا الحقيقة وأدركوا ماهية الشهرة وتبعاتها وسطحيتها وتفاهتها مبكرا يقول الممثل والمخرج (محمد هلال) ، عارف يمكن من نعم ربنا عليا في رحلة الفن والمسرح هو إدراكي المبكر للفرق مابين النجم والفنان ، واللي بالصدفة شفت (يوسف شاهين) بيشرح معناها من قريب في لقاء هو و (حسين فهمي) ، كان بيسمي الساعيين للشهرة والتفوق في عدد المشاهدات (الكواكب) ، معرفش ليه مش (النجوم) ، الحقيقة لكن لفظة (كوكب) كمان كانت ملفتة ، والحقيقة إني مع الوقت بشوف النموذج الذي لايعنيه الفن كقيمة ، ولكنه يهتم بالأضواء والبهرجة ، أشبه بالأراجوز في المولد ، ممكن يتشقلب علشان السوكسيه ، ممكن يعمل أي حاجة تخلي شكله عبيط علشان الشهرة والنجومية
... والشهرة عند هؤلاء هي الهدف الأعلى إن الناس تشاور عليهم وأظن إن دا مرض بيجذب ٩٠% من ممارسي العملية الفنية لكنك مع الوقت بتتخلص منه لوأدركت الحقيقة الكاملة ، وهنا تحصل الكارثة ، (إن المضمون مش شرط يقابله رواج) ، فالنسبة من الفاهمين اللي بيبطلوا ممارسة الفن وهم شايفين الحقيقة (إن الفن وسيلة لتشكيل وعي الناس) كبيرة ، (طه حسين) بالمناسبة مثلا كان شايف فلسفة (كامو) ومسرحياته هي نوع من الكلام الذي لايحمل أي معنى وإن المسرحيات الفلسفية عند (كامو وكافكا) هي مجرد إرهاصات ، وبالرغم إن طه حسين قيمة كبيرة في الأدب ، ولكن بالبحث لفترة طويلة في حياته وتصريحاته وجدنا أنه كانت تعنيه (الأنا) و (التعلم) من أجل الشعور ب (التميز) ، هل طه حسين قليل العلم ، أو كامو إتأثر برأيه ؟! ، لا ، إذاً المقصود في وجهة نظري أن الساعي للحصول على النجومية والشهرة من الفن أو التميز العلمي لايقابله بالضرورة جهل أو فراغ في المضمون ، لكن دور النقد هو التمييز بين الأشياء على حقيقتها ، وتوضيح النماذج الواقعية ، علشان الحيرة اللي بتصاحب ناس كتير في الرحلة النقدية
... ولوحظ مؤخرا إنتشار بوستات بعنوان (أنا أحسن منهم) وهى تحمل معنى ورسالة فيها نوع من الدفاع عن الذات ، من شخص يشعر بالدونية والإنحطاط الإجتماعي ، وبمناسبة هذه البوستات المنتشرة ، وتعقيبا علي مضمونها ، وهو 1= (ضعف) أهمية التفوق في الثانوية ، 2= وأن من فشلوا دراسيا نجحوا عمليا في حياتهم ، 3= وتأكيدا لفكرة أنا شخصية عامة أفضل من حملة الشهادات المرموقة ، فلابد من وقفة فالأمر جد خطير ، وأسأل صاحب هذا البوست ، هل تعرف ياهذا يامن تهدر قيمة العلم والعلماء ، أولا ماهوالنجاح ؟! ، هل هو أن تجمع (المال) بأي طريقة (مشروعة أو غير ذلك) لتذهب صيفا في دول الدولارات واليورو ، وتسكن بالكمباوندات الفاخرة ؟! ، أم هو (الشهرة والصيت) وصورك التي تملأ الإعلانات مثل أي سلعة يروج لها ؟! ، هل النجاح عبارة عن (علاقات) متعددة والبيوت خاوية ؟! ، فكر قبل أن تجيب ، وأعلم أن (الثراء) ليس ممنوعا أو محرما ولكن الأسلوب هو الفارق معنا ، و (السكن الفاخر) متعة لانزهدها ، ولكننا نقننها وفق ظروفنا بعيدا عن البذخ القاتل للقيم ، و (الشهرة) بالخلق والعلم والإضافة الطيبة للمجتمع ، شرف نرنو إليه ، كل هذه الأمور حزمة واحدة عليك أن تقبلها أوترفضها ، وبدايتها عندك في إختيار أسلوب وطريقة ومنهج العمل في فلسفة حياتك التي سطرتها بخطواتك ، نعم (النجاح) ليس مرهونا بمجموع درجاتك فقط في إختبار مرحلة ، ولكنه نتيجة (أهدافك وخططك ونمط تفكيرك) القادر علي الصعود بمعنوياتك وتنمية قدراتك وتطوير أهدافك بعد كل فشل ، فالحقيقة الأكثر تكرارا يوميا أمامنا أننا سنفشل لنعود وننجح ، فقط عليك البدء من جديد باستثمار ماكان ولاتهتم بالنجومية والشهرة السطحية والجوفاء
... ويؤكد ماسبق تصريح للشهير (حبيب نور محمودوف) نجم وبطل الأعمال القتالية الذي يؤكد فيه سر نجاحه في حياته الرياضية ويقول ، أنا مجرد رجل بسيط في داغستان أتذكر أنه في عام 2008 لم يثق بي أحد ، حتى في عام 2012 عندما وقعت مع UFC ، لم يصدق أحد أن الأمر سيأتي إلى أي شيء ، اليوم يقول (جوجل) أنني أكثر شخص نجومية وشهرة على وجه الأرض ، أردت فقط أن أكون بطلا وهذا ماحلمنا به أنا ووالداي ، لم يكن لدي أدنى فكرة ، كونك بطلا سيجلب الكثير من النجومية والشهرة ، وينصح جمهوره ومحبيه ، يارجل إذا كان لديك ٱباء وأمهات ، أقض الوقت معهم ، لدي أم واحدة فقط ، والٱن سأستمتع بها
... وإلى لقاء في الجزء السادس إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتى ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق