مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 29 سبتمبر 2024

المشاهير ووهم الشهرة«(6)» بقلم علوي القاضي

«(6)»المشاهير ووهم الشهرة«(6)»
دراسة وتحليل : د/علوي القاضي.
... في الجزء الخامس رأينا كيف أن (كلينت إستوُود) ندم على فترة شهرته ونجوميته ، ورأيه وقناعته في رحلة البَحث عن أسرَة ! هذا المُمَثل الأمريكي الذي بلغ ال 95 سنة تقريباً واستمتع بألقاب الشّهرة التي إعتبرها مجرد أوهام ، حين وجد نفسه وَحيداً بعد هذا العمر الطويل ، دون أن يجد مَن يوَاسيه أو يحكي له تجاربه الجَميلة ، ليصرُخ صَرخته الدّامية الأليمة ، (كوّنوا أُسرَة لأن أوهَام الشّهرة لا تدُوم ! فبعد أن كنتُ مطلوباً بإلحاح من أجل الإشتغال لاَأحَد اليَوم يسأل في) ، وشاركه في هذا الندم الفنان (عمر الشريف) ، تلك تجَارب حَارقة وقاسية ، عَاشها من إعتقدُوا أن الشّهرة وحدها كافية من أجل العيش الكريم ! 
... وأنا أرى أن من أبرز النتائج والٱثار المؤذية لوسائل التواصل الإجتماعي المعاصرة على الوعي الإنساني الراهن (حيث يتزاحم المشاهير والباحثون عن الشهرة بطرق مشروعة وغير مشروعة) ، ١. سحر الصورة ٢. غلبة الأماني ٣. سطوة أوهام الشهرة ٤ . عدم إدراك المغالطات المنطقية والإدراكية ٥ . الخضوع والإنسياق المستلب لصوت العواطف غير العاقلة في كل مانقرأ أونسمع أونشاهد ، وهذه (بمجملها) أمور ذهنية وفعاليات خطيرة للغاية على الفهم ، لأنها ببساطة تشل ملكة الحكم والتفكير المنطقي وتعطل ميزة التفكير النقدي ، وتعزز كسل الذهن في مزيد من الإستكانة والإستسهال والتصديق السريع وعدم الرغبة في البحث عن الحقيقة تماما 
... ووهم الشهرة يعتبر من الأوهام التي تسيطر على البشرية فهي من الفطرة الإنسانية ، لأن حب الشهرة والتميز من طبيعة البشر وتسكن الجحيم في أوهام النفس وفي نزوعها نحو السراب ومنها .. النزوع إلى الإستحواذ والإمتلاك .. النزوع إلى العُلُوّ في المناصب والمراتب .. النزوع إلى النجومية والشهرة والمجد .. النزوع إلى السيادة على الآخرين .. النزوع إلى التميّز .. النزوع إلى تقلد الألقاب والمناصب ، كل هذه النوازع سببها فجوات النقص والإحساس بالدونية في النفوس البعيدة عن جوهر الحق والنبل والشرف ، من أجل الوصول إلى السعادة الموعودة ، (ومايعدهم الشيطان إلا غرورا) ، وكلما وصل الإنسان إلى شيء مما تنزع إليه نفسه ، لم يجد ماكان يظن من السعادة ، بعد أن لهث وراء تحقيقها وشقي وفسد وأفسد وظلم ، فما نال في النهاية إلاخيبة الأمل وما يملأ عين بن ٱدم إلا التراب ، وذلك هو الجحيم بعينه ، فالجحيم (نار) الغل والحقد والصراع داخل النفس بين المطامع والنتائج ، في سبيل الوصول إلى حفنة تراب وإلى بِركة سراب ، ليس به قطرة مياه حقيقية ، أما (الجنة) فهي في التمسك بالحق والعدل والقيمة الخلقية والإنسانية ، وللحصول عليها يجب التخلي عن كل الأوهام السابقة والتوقعات الواهية ووعود الشيطان إلى الغرور والأبهة الكاذبة ، (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايُريدون عُلُوا في الأرض ولافسادا)
... ويجب الحذر والتحذير من طلب الصدارة وحب الشهرة ! ، ولذلك أكثر السلف من التحذير من طلب التصدر وحب الشهرة ، وأكدوا أنه ماصد عن سبيل الله مثل طلب المحامد وطلب الرفعة ، قال الذهبي رحمه الله (فربما أعجبته نفسه وأحب الظهور فيعاقب ، فكم رجل نطق بالحق وأمر بالمعروف ، فيسلط الله عليه من يؤذيه لسوء نيته وقصده وحبه للرئاسة الدينية ، فهذا للأسف ٱفة وداء خفي سار في نفوس (الفقهاء) ، كما أنه سار في نفوس (المنفقين من الأغنياء) ، وهو داء خفي يسري في نفوس الجند والأمراء والمجاهدين) ، فعلى العبد أن يجاهد نفسه في دفع هذا البلاء والداء العضال عنها ، ثم إن كان ماذكر مجرد أوهام أوخواطر ، فإنها لاتضره ولا تقدح في إخلاصه ، وكذا إن كان حديث نفس وهو يجاهده ويسعى في التخلص منه ، فلا يضره كذلك ، قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله (ماصدق الله عبد أحب الشهرة)
... كما قال الذهبي معلقا : علامة المخلص الذي قد يحب شهرة ولايشعر بها ، أنه إذا عوتب في ذلك لايحرد ولايبرئ نفسه ، بل يعترف ويقول (رحم الله من أهدى إلي عيوبي ، ولا يكن معجبا بنفسه ولايشعر بعيوبها ، بل لايشعر أنه لايشعر ، فإن هذا داء مزمن)
... السوشيال ميديا عالم إفتراضي ، كلها وهم مستشرى وٱفة من ٱفات التكنولوجيا ، وهم الإنجاز الذي لم يتم ، ووهم الونس الذي لم يحدث ، ووهم الشخصية التي تعانى من ضعف شديد ، ووهم الوجود الهلامى المبني على غير أساس ، ووهم الشهرة المزيفة ، لذلك يجب علينا الإعتراف بحقيقة أن السوشيال ميديا عبارة عن عالم إفتراضي ، ووهم في وهم ومكان غير حقيقي ، فصناعة المحتوى الحقيقي الفعال والمفيد تحتاج لمستوى جيد من الثقافة ، وصاحب الإنجاز يعمل في صمت ولايستطيع أحد أن يسطو على مجهوده بينما الٱخرين يتزينوا ويتباهوا فقط بأعمال غيرهم وسرقة محتواهم ، وهذا لايغير شيئا من الواقع 
... فالسوشيال ميديا تعطيك الإحساس بوَهْم الإنجاز ، ووهم الونس ، ووهم الشخصية ، ووهم الوجود ، ووهم طلب العلم ، ووهم العلم نفسه ، ووهم الشهرة ، ووهم الإنسحاق ، ويكفي أن نفهم حقيقة أن السوشيال ميديا عبارة عن وهم ومكان غير حقيقي (إفتراضي) وغير ملموس ، ولا نتوهم بعكس ذلك ، حتى نستطيع إنجاز المحتوى الحقيقي بشكل حقيقي وفي مكانه الحقيقي
... وخير مثال على ماسبق قصة (مكة محمد) من أكثر الشخصيات التي بحث عنها المصريين هي (مكة محمد طبيبة الأسنان) ، هي واحدة من أكثر الناس شهرة الفترة الماضية ، من صفحتها عرفنا أنها دكتورة أسنان في القصر العيني ، ٱلاف المتابعين على صفحتها (فيس بوك) وعلى (إنستجرام) ، إستطاعت أن تكون شخصية مشهورة على السوشيال ميديا ، ليس لأنها تقدم محتوى طبي مثلا" أو لأنها تقدم محتوى علمي ، لأ ، ولكن لأنها بنت جميلة ، وبعد البحث والإستقصاء إكتشفنا إنها ليست (بنت) ولا إسمها (مكة) ولا (دكتورة) وليس لها علاقة أصلا بالقصر العيني ، إذا ما الحقيقة ، إتضح إن صاحب الحساب ولد عمل أكونت (فيك) ، وسماه (مكة محمد) وطبعا عمل هيستوري للشخصية ، إنها إتخرجت من كلية طب سنة كذا وإشتغلت في كذا ، وشوية صور معدلة بالفوتوشوب ، يعني (مكة) ليست بنت أصلا ، هي شخص وهمي ليس موجودا ، والصور عادية وإتعملها تعديل علشان تبقى بهذا الشكل الجذاب ، وماذا إستفاد هذا الشخص من تقمص شخصية البنت ؟! طبعا أنشأ علاقات وهمية مع شباب ونصب عليهم ، (كروت شحن) مكة كانت بتطلب من الناس يشحنولها كرت بـ 100جنيه ، مثلا لو اللعبة دي صدقها 500 واحد ممكن يعملوا دا لشخصية مشهورة يعني 50 الف جنيه ، فلوس من دعاية وإعلانات وشهرة زائفة 
... أيها الأحباب إحذروا الشهرة وأوهامها ، الشهرة مرض ، مرض يجعل الإنسان أن يعمل أي شئ من أجل الحصول عليها ، الشهرة شهوة زيها زي الأكل ، وإذا تمكنت من شخص قضت عليه 
... القصر العيني نفى إن فيه طبيبة أسنان عندهم إسمها (مكة محمد) بل والأكونت نفسه إتقفل بعد ما إنكشفت حقيقته ، درس جديد يجعلك لا تصدق كل اللي ماتراه على السوشيال ميديا ، ويعلمك إن فيه ناس عندها الدهاء والمكر والتفكير إنها تتقمص شخصية وهمية وتعيش حياتها وراه ، وتستفيد من ذلك ، شخص ممكن يكون جارك أصلا وإنت لا تعرف أنه كذلك ، وهذه العناصر حولت السوشيال ميديا إلى وههم كبير
... وإلى لقاء في الجزء السابع إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتى ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق