مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأربعاء، 18 سبتمبر 2024

تمهل يا أبي بقلم محمد آبو ياسين

تمهل يا أبي .. إنني لا أستطيع المشي
حذائي الجديد يؤلم قدمَيَّ ، و تسريحة شعري الذي مشطته أمي أخشى عليها أن يبعثرها النسيم ، هاك محفظتي خذها على كتفيك لأنها ثقيلة ، و حط يدك في يدي إني أخاف أن أمشي في الطريق وحيدةً ، ترقَّب أبتاه و بين الحين و الحين عانقني أمام الناس ليشعر العالمُ أنك تدلِّلُني و تُحِبُّنِي ، و أنا سأغرقك بقبلاتي الرقيقة و إبتساماتي الحانية ، لا تتعجَّلْ في سَيْرِكَ ، إني أريد أن أستمتع بكل لحظة و أنت تُصاحبني إلى المدرسة ، و لا تقل لي أن هندامك غير مرتب ، فأنت في عيوني ملك الملوك ، و أفضل من قيصر الروم و أشجع من كِسرَى الفُرْس ، يداك الخشنة التي تمسك بي بالنسبةِ لي رقيقةٌ كالياسمين ،و عند ملامسة يدي كالقطن من شدة اللين ، قف حبيبي لحظة و تفقد أزرارَ مِيدعتي و أربط خُيوطَ حِذائي الجديدَ الذي يؤلمني من المشي و سأُقَبِّلُ رأسكَ و أنت لا تشعرُ لأنك أنت تاج رأسي و عنوان شُموخِي ، أَعِدُكَ يا مُلْهِمِي أن أنجح في دراستي ، أعدك أن تكون فخورًا بِي و أرفعَ رأسكَ عاليًا ، سَأُنَسِّيكَ عذابات العمرِ التِّي صَارَعْتَها من أجلي و بذلك من دمك و روحك و سعادتكَ من أجلي ، هيّّا أحملني قليلاً و سِرْ بي خطواتٍ لأطبع هذا الشعور في ذاكرتي و لا أنساه ، سأدَّخِرُ لك هذا المعروف لأتوِّجَك به عندما أكبرُ و أحملك أنا بدوري كما تفعلُ أجملُ بنتٍ لأبيها و أرحمُ ضعفكَ كما رحِمْتَ صِغَرَ سِنِّي و أشفقت عني و أنا ناعمةُ الأظافرِ . أَعِدُكَ يا سيِّدَ الرجالِ أن تكون رجلاً تَضِجُّ بذكره المجالسُ و ترفعُ هامتكَ عالياً مستبشرًا بأنَّنِي إبنتَكَ الحبيبة .
✍️ محمد آبو ياسين / تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق