مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 20 أكتوبر 2024

3)»لا راحة في الدنيا«(3)» بقلم علوي القاضي

«(3)»لا راحة في الدنيا«(3)»
تأملات وخواطر : د/علوي القاضي.
‏... أحبتي : في الجزء الأول ناقشنا (على العموم) الرأى الذي يقول (لاراحة في الدنيا) ، وناقشنا الرأي المقابل الذي (يربط الراحة) بثقافة ومفاهيم الشخص نفسه ، فهي تخضع للفروق الفردية ، وفي الجزء الثاني ناقشنا ٱراء علماء النفس والإجتماع والإقتصاد والسلوك ، ويتبقي لنا ٱراء الفلاسفة ورجال الدين
... وخلال بحثي وقراءاتي في الفلسفة فاجأني الفيلسوف (مات هيج) بكتابه الشهير عن (الراحة) وفيه يعكس تجربته الشخصية في البحث عن الراحة وكيف وصل إليها ، لذا حرصت على دراسة هذا الكتاب معكم
... كتاب (الراحة) ، في (202) صفحة للفيلسوف الكاتب (مات هيج) ، وهو كاتب عانى من البؤس والإكتئاب ، ووقف على حافة الإنتحار ، وفجأة تحول إلى شخص مفعم بالأمل ، والإيجابية ، والسلام مع النفس ، وروح التفاؤل ، مادفعه لتأليف هذا الكتاب الذي يشرح فيه تجربته من الإكتئاب والمعاناة إلى الأمل والحياة ، وبعد قراءتي للكتاب ، رأيت فيه الكثير من (المراجعات الإيجابية) عن هذا الكتاب ، التي زادت من شوقي لقراءته مرات ومرات ، وهو بالتأكيد كتاب جذاب ويعتبر منهاجا ودليلا لكسب الراحة من رحم المعاناة ، بل وجدت فيه نصوصا جميلة ، أعتبرها مذكرات وخربشات وومضات بسيطة عن حياة الكاتب حتى بعثرة أفكاره ، وتأملاته عن الأمل والنجاة والمعجزة الفوضوية للحياة ، وكيف خرج من عنق الزجاجة إلى الحياة الواسعة والفسيحة ، وقد كاد أن ينتحر ، وجدت الكتاب ليس بالعادي ، ويملأه شعور بتزاحم الأفكار في عقل القارئ ، والتشتت ، والتفكير الكثير بأشياء كثيرة بعيدة عن بعضها ، هذا الكتاب يتسم بكل ماسبق مع إختلاف بسيط ، حيث يصاحبك شعور بالراحة والسكينة بدلا من الإضطراب أثناء قراءته ، يقول فيه ، (وفي العتمة حتى أصغر شظايا النور بإمكانها أن تشرق ، أن تخطف أنظارنا ، أن تقودنا إلى الأوطان) ، (نحن ننمو في الأوقات العصيبة ، النمو هو التغيير ، وفي أوقات الرخاء تزول دوافع التغيير ، أكثر اللحظات ألما في حياتنا تؤدي إلى إتساعنا ، وحين يزول الألم ، يبقى فراغ فراغ نستطيع أن نملأه بالحياة ذاتها ، ثم طُبِعتْ على كدرٍ ، وأنتَ تريدُها صفوًا من الأقذاءِ والأكدارِ ؟! الدنيا)
... في (كتاب الراحة) ، بتأملاته عن الأمل ، والنجاة ، والمعجزة الفوضوية للحياة ، يأخذنا (مات هيج) في رحلة نتعلم فيها كيف نحوّل الأيام السيئة إلى أيام أفضل ، إنها تذكرة مجانية للسفر مع صديق للإسترخاء في نزهة وتذكّر أهمية الإعتناء بأنفسنا وأرواحنا رغم ضجيج العالم 
... إنه كتاب صغير ويهم كل مَن يبحث عن الأمل عن طريق حياة ذات معنى ، أو كان بحاجة إلى الدعم 
... قبل تأليف الكتاب بسنوات ، بدأ (مات هيج) بكتابة ملاحظاته إلى ذاته المستقبليّة ، كانت تلك (الملاحظات) بمثابة الهديّة لتلك النسخة المستقبليّة من الكتاب ، والتي خرجت من رحم الألم والمعاناة ، لتعرض عليه مساعدته لتجاوز أكثر لحظات حياته ظلمة ، ومع مرور الزمن ، أضاف لها أفكارًا وقصصًا جديدة ، وحوّلها إلى كتاب وأسماه (الراحة) ، حقا فقد كان إسما على مسمى ، ليتمكن الجميع من النهل من هذا النبع الثري بالطمأنينة والراحة الدنيوية
... يستعرض (مات هيج) في هذا الكتاب مجموعة من المصادر المتنوعة من العالم ، والتاريخ ، والعلم ، ومن تجاربه الشخصية ، ليمنحنا الدفء والطمأنينة وليذكرنا بضرورة الإسترخاء وتقدير جمال الوجود ومفاجآته الكثيرة
... في كتاب ( الراحة) يؤكد الكاتب بأن هناك لحظات مفصلية في تاريخ الإنسان ، يشعر معها بأنه الكائن الوحيد العاقل والخالد والمهيمن على قوى الطبيعة والكون ، لكن قلّما ينتبه إلى بعض التفاصيل والعبر والدروس من هذه الحياة المختصرة والموجزة التي يعيشها كل فرد فينا ، ويتساءل لماذا لانتعلم الحكمة ونستخلص الدروس من كل هذه الأحداث التي نمر منها تباعا ؟! ، ربما هذا هو اللغز الذي يجب أن يكشف عنه كل شخص منا ، وهنا يأتي كتاب (الراحة) ليذكرنا بهذه البداهة ، ويساعدنا على الطفو فوق كل الصعوبات والعوائق النفسية والتواصلية 
... كتاب (الراحة) كما يصفه صاحبه عبارة عن فكرة عشوائية ، فكرة تذكرنا بأهمية التواصل ، فجميعنا أشياء ، وجميعنا نتصل بكل الأشياء ، وهذا هو المأمول منا ككائنات إجتماعية تحتاج إلى بعضها البعض ، أي أننا في اللحظات الصعبة نحتاج إلى فلسفة الصبر والعزاء والراحة
... في كتابه (الراحة) ، يأخذنا (مات هيغ) في رحلة عميقة ومُلهمة نحو البحث عن (السكينة والسلام الداخلي) في عالم مليء ب (الفوضى والضغوط) ، ويشارك (هيغ) تجاربه الشخصية مع الإكتئاب والقلق ، ويقدم نصائح عملية وحكم نابعة من قلب الكتب والفلسفة والحياة اليومية
... في الفصل (الأول) يهتم بالبحث عن (السكينة) ، ففي هذا الفصل ، يتحدث (هيغ) عن أهمية إيجاد وقت للراحة في حياتنا اليومية ، وكيف يمكن لروتين بسيط أن يخفف من حدة القلق ، يقول ، (علينا أن نتعلم كيف نبطئ ونستمتع بلحظات الهدوء ، لأن السعادة تكمن في التفاصيل البسيطة) 
... وفي الفصل (الثاني) يؤكد على قوة تأثير (القراءة) ، ويشدد (هيغ) على دور القراءة في تحقيق الراحة النفسية ، حيث يقول (القراءة هي ملاذ للروح ، فهي تمنحنا الفرصة للهروب من واقعنا والعيش في عوالم أخرى) 
... وفي الفصل (الثالث) يهتم ب (الطبيعة) كعلاج ، ويتناول (هيغ) تأثير الطبيعة في تهدئة العقل والجسد ، ويقول (الخروج إلى الطبيعة هو أفضل دواء لأي روح مضطربة ، إستمع إلى أصوات الطيور ، تنفس الهواء النقي ، وستجد أن همومك تتلاشى)
... وفي الفصل (الرابع) ينصحنا ب (العناية بالنفس) ، ويناقش أهمية العناية بالنفس ، ووضع حدود صحية في حياتنا ، يشير (هيغ) لذلك بقوله (العناية بالنفس ليست رفاهية ، بل هي ضرورة علينا أن نتعلم قول (لا) للأشياء التي تستنزف طاقتنا ، ونقول (نعم) للأشياء التي تجلب لنا السلام)
... وإليك أخي القارئ إقتباسات من هذا الكتاب وأهم ماجاء فيه :
★ الراحة ليست في الهروب من الحياة ، بل في إحتضانها بكل تفاصيلها
★ تذكر أن السماح لنفسك بالراحة ليس ضعفًا ، بل هو علامة على القوة والوعي
★ في بعض الأحيان ، تكون أفضل طريقة لحل مشكلة هي التوقف عن التفكير فيها والإستمتاع بلحظة هدوء
... وإلى لقاء في الجزء الرابع مع رأي (رجال الدين) إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق