مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الجمعة، 11 أكتوبر 2024

مجرد خواطر بقلم عبد خلف حمَّادة

مجرد خواطر 
عبد خلف حمَّادة 
**********/***********
شاعر السبختين:
تمر عليك لحظات تصرخ بأعلى صوتك:ياهوووو،ولحظات تصرخ ذات الصوت في أعماقك،ولكن بقوة أكثر وإن كنتَ صامتاً،ويخادعك بصرك إذ يجول فيما حولك فيوهمك بوجود من يهرع إليك،ليكتشف سبب عويلك،لكن أعلم جيداً أن لا أحد،لا أحد البتة،كثيرون من يتجاهلون وجع شجرة السنديان ولا يكترثون به،وشموخ هذا السنديان يخدع من حوله بمقارعة الألم الذي في جذره وساقه وورقه وزهره ولحائه،ولكنه عندما يسقط يكون سقوطه مدوياً وهائلاً،ساعتها فقط يتراكضون لجهة الصوت:
_ناديتَ إذ أسمعتَ حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي..
""قلتُ لن يعأبوا بك،سيقولون كلمتين في عرفهم هما الواجب،ويخرجون سراعاً بقولهم المجامل المعتاد الذي سأمته:
عن إذنك...يهربون مسرعين مخافةً أن تعلق صنارة لسانك بكلام آخر يتحاشونه،ولا يرغبون سماعه..المشكلة فيك أنت،موديل إحساسك قديم،وقطع توفير إصلاح مشاعرك باتت غير موجودة في سوق الآخرين...ببساطة أنت عبارة عن سكراب...خردة كبيرة ولكنها لا زالت حتى اللحظة تتحرك تسير على قدمين واهنتين،لكنها أو شكت على النهاية..

كلمة أحبك،هي أقدس مافي الوجود بعد الوحي وهدي النبي صلى الله عليه وسلم،هي ثمينة جداً،ودقيقة جداً،وهي من السهل الممتنع،لن يفقهها إلا شخص ملائكي الفطرة،عالي التذوق والإحساس،وهذا الشخص نادر إلى درجة العدم المحض،بضاعتك التي تسميها الحب هذه،بضاعة مزجاة لا تسمن ولا تغني عن جوع،لا تعادل شروى نقير،ولا تبتاع القطمير،ألا تلاحظ كم أصبحت باهتة اللون،خشنة الملمس،أكلها غبار الجحود،وسفعها سموم الإهمال،وحرقها لهيب الإزدراء،منعوا عليك شواغر الأرصفة إذ جئت تعرضها،واستعانوا عليك بالتموين ،والبلدية ،فرموك مع بضاعتك بحاوية الإقصاء،ولم تيأس كنتُ في كل مرة تنظف ماعلق بها من أدرانهم،وتعطرها وتجملها ثم تعرضها،أما مللت أيها الراجل،مرة ...مرتان...ثلاثة...عشرة.....كذا عشرة،أرهقت نفسك وأرهقت القاموس بمفردات حبك،وأطَّتْ تحت رزح قوافيك سلالم أبحر الشعر،اعلم ياعدو نفسك،أنهم قد ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون،إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور،وأفئدتهم هواء،لملم أسلابك وامضِ،لا أحد يستحق كلمة أحبك لا أحد،والتجربة خير برهان،كم وعدوك وزينوا لك،وكم خذلوك،وكسروك،ونبذوك،وشرَّدوك،وامتهنوك،كفى...كفى،ثبْ لرشدك يا هذا

قالوا أجدادنا بحكمتهم المعهودة،ما إن يبلغ الرجل الثمانين من عمره،حتى يربط ملك الموت إلى جانبه حصان رفَّاس،يصكه مرة على يده فيصرخ،ومرة على رأسه فيجأر من الألم،ومرة على ظهره،على خاصرته،على ركبه،على.....على....على...
حتى يصكه القاضية فيهلك،فترى ألمه لا ضابط له،يقفز من مكان لآخر....
سامحكم الله أجدادنا الأفاضل،،،أصبح يُربط قرب الواحد منا...حصان،حصنان،ثلاثة دفعة واحدة،لكن ليست هنا المشكلة،المشكلة أن ربطها بجوارنا أصبح في سن الأربعين والخمسين،وأن رفسها صار أقوى،وضرباتها جداً مسددة....

ليخرجوا من الحرج،هناك أناس بلغوا بالتملق شأواً عالياً،بل أبدعوا،واتخذوا ذلك نهجاً وصنعة،ليس فقط صدَّقوا أنفسهم،بل سوَّل لهم مرضهم أن يفرضوا على الآخرين تصديقهم،عاملين بمنطق المثل(حلو لسان،قليل إحسان)،هؤلاء ما إن تحصل لك ضائقة،أو تلم بك لا قدَّر الله بمصيبة،تجد دعمهم لك بعبارات معهودة ومتكررة وممجوجة:
_هل أنت بحاجة شيء،وإن احتجت شربة ماء انسحب ولحس كلامه
_أنا معك،أنا سندك،وهو مع الدنيا عليك
_أحيي ثباتك،وهو يدعي ليلاً نهاراً لسقوطك
وهكذا دواليك،أخي الساذج المدعي المتشدق...لا أقول لك إلا قصة صغيرة جداً،تلمَّس الثعلب بيده ظهر الأرنب فقال مباركاً سمنها وكثرة شحمها قائلاً:(اسم الله)فأجابته(فقط دعني وشأني،فإن تركتني فأنا بألف نعمة من الله)

هناك مثل مصري يقول:عشمني بالحلق،قمت خرمت وداني... 
أحبتي،قلوبنا أثمن ما نملك،بل هي درر وجواهر حقيقية،بل تفوق الدرر قيمةً،لأن الدرر تُباع وتُشرى،وبذلك يمكن تعويضها،فتعالوا نتفق أن لا نبيع قلوبنا لأول شاري،أن لا نعطيها لأول طالب،أن لا نألوا جهداً في سبيل وضعها في مَنْ يصونها ويحرص عليها،هي كنوزنا والكنز من الحمق أن يُفرَّط به صاحبه،
أعزائي،كل الانتكاسات التي يتعرض لها أصحاب القلوب الرقيقة،هي نتيجة إعطاء قلوبهم لأول عابر سبيل،خذلان القلب أمر شديد الوطء ثقيل المؤونة،قد يكون من وراء تحطيم قلب أحدنا،تلاشينا وانعدامنا من الوجود،القلوب يُقال فيها العقل وفيها الروح،إذاً هي أوعية تنضح بكل ماهو طيب وجميل،فلنجعلها،تتلاقح وتتصالب مع قلوب أخرى،تحمل ذات السمة و ذات الشعور المرهف،قلبوب تعج بالحياة والنضارة والطيبة ،أحبتي الجسد وعاء القلب،لا تبحثوا عن الوعاء البرَّاق،فقد يكون صفيحاً مُذهباً،لكن داخله قاراً أسوداً،لا تنفروا من الأجساد التي يوحي منظرها بأنها رثة بالية عديمة القيمة،لأن هذه الأجساد غالباً ماتكون أوعية لقلوب كفصوص الجواهر،أما رأيت المحار داخله اللولؤ... 
هل وصلت فكرتي؟!!!!!

من المعلوم لدى الكل ظاهرة الفجر الكاذب،وكثير ما خُدع الناس بذلك،قبل تداول الساعات،فخرجوا لأعمالهم وسفرهم ظناً منهم أنَّ الصباح قد أبلج،فما إلا سويعة،حتي اشتدت حلكة الظلام واكتشفوا مدى مخاطرهم وخروجهم خاصةً من سافر منهم ببرية ملأى بالوحوش وقطاع الطريق،
وياليتها وقفت على الإصباح والإبلاج،كل شيء أصبح كاذباً،الحب الذي هو قوام الوجود والحياة،الثقة صارت اسم دون مسمى،الصدق نفسه أصبح كذبة كبيرة،اللطف والوداعة،صارت شماتةً وتوحشاً،تحسبه في الصباح معك،في الظهيرة عدو عادي،في المساء عدو خمس نجوم،يقولون لا يوجد مرارة أكثر من الصبر،لا الأمر من ذلك غدر الصاحب،وخيبة الأمل،وأن يتركك مَن كنت تظنه لن يتركك أبداً،من تظنه قمرك،يختفي في أشد الليالي ظلاماً عندك

رغم أنَّ سكاكينكم كانت حادة النصل،شديدة الفتك،محكمة الإصابة،مسمومة الشفرة،مهواها القلب،نقول لكم:استطعنا أن نحتمل فضاعة ألم جروحها،ووجع المخيط الذي قطبها،ليس هذا فقط،بل تجاوزنا فترة النقاهة،والحالة النفسية التي تركتها غدرتكم بنا،نحن الآن بخير،وجاهزون لتلقي طعنات أخرى،من ناكثين أُخَر،ولكن هذه المرة بحذر،فلا يُلدغ مؤمن من جحر مرتين،قال تعالى:قل موتوا بغيظكم....

أنا الصفيت محرومك و أناجيك 
ياريت الجدم يسعفني و أناجيك 
الليل شَعرك و الگمرة تراچيك 
البعد چتَّال و اش طالع بيديا

أنا اللي انفضخ دلَّالي و الم بيه
من زود ما صابو الگهر و الم بيه
أَنِيْ كل سنتيم من جسمي ألم بيه 
حرام عليك تهجرني و خطيه

إش ينفع المكتوب و كثر الحچي عالنيت
أنا بفرگاك ضيم و گهر عانيت
جرحى غميج وبسكوت عنيت
خذيتم فرحتي سوده عليا



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق