مجلة ضفاف القلوب الثقافية

السبت، 19 أكتوبر 2024

الخراب قادم بقلم فؤاد زاديكي

 الخرابُ قادِمٌ


بقلم: فُؤاد زادِيكِي


إنّ الذي خَرَّبَ المُجتَمَعاتِ العَرَبِيَّة، بمَا فِيهَا بَلَدِي سُورِيَّة، هُوَ ظَاهِرَةُ الفِكْرِ الظَّلامِيِّ، الَّذِي تَتَّسِعُ رُقْعَةُ انْتِشَارِهِ عَلَى امتِدَادِ سَاحَةِ الوَطَنِ العَرَبِيِّ وَ   مُعْظَمِ الدُّوَلِ الإِسْلَامِيَّةِ. فَالفِكْرُ الظَّلامِيُّ يُمَثِّلُ تَهْدِيدًا مُبَاشِرًا لِلثَّقَافَةِ وَ الحَضَارَةِ، إِذْ يَسْعَى إِلَى طَمْسِ مَعَالِمِ التَّقَدُّمِ وَ التَّنْوِيرِ، وَ يَحْرِمُ المُجتَمَعاتِ مِنِ النُّمُوِّ وَ الاِزْدِهَارِ.


فِي سُورِيَّةَ، كَمَا فِي غَيْرِهَا مِن دُوَلِ الوَطَنِ العَرَبِيِّ، اسْتَغَلَّتِ الجَمَاعَاتُ المُتَطَرِّفَةُ الوَاقِعَ السِّيَاسِيَّ وَ الاِقْتِصَادِيَّ المُتَرَدِّيَ لِنَشْرِ أَفْكَارِهَا الظَّلامِيَّةِ بَينَ الشَّبَابِ، هَذِهِ الأَفْكَارُ الَّتِي تَسْتَنِدُ إِلَى تَأْوِيلٍ خَاطِئٍ لِلدِّينِ تُؤَجِّجُ الكَرَاهِيَةَ وَ العُنْفَ، فَتُؤَدِّي إِلَى تَفْكِيكِ النَّسِيجِ الاِجْتِمَاعِيِّ وَ تَدْمِيرِ الهُوِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ.


لَمْ يَتَوَقَّفْ خَطَرُ هَذَا الفِكْرِ الظَّلامِيِّ عِنْدَ حُدُودِ دُوَلِنَا، بَلِ انْتَشَرَتْ شَظَايَا نَتَائِجِهِ إِلَى أَمْرِيكَا وَ الدُّوَلِ الغَرْبِيَّةِ، حَيْثُ بَدَأَتِ المُجتَمَعاتُ هُنَاكَ تُعَانِي مِن ظُهُورِ حَرَكَاتٍ مُتَطَرِّفَةٍ تَدْعُو لِلْعُنْفِ وَ التَّطَرُّفِ، وَ تُنْذِرُ بِخَرَابٍ قَادِمٍ.


إِنَّ التَّصَدِّي لِهَذَا الفِكْرِ يَتَطَلَّبُ وِعْيًا شَامِلًا، وَ تَعَاوُنًا بَينَ جَمِيعِ أَطْيَافِ المُجتَمَعِ لِتَعْزِيزِ مَبَادِئِ التَّسَامُحِ وَ الحِوَارِ، وَ تَشْجِيعِ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ وَ التَّعْلِيمِ الحُرِّ الَّذِي يَحْتَرِمُ الاِخْتِلَافَ وَ يُؤَسِّسُ لِلإِبْدَاعِ. و الأهَمّ مِنْ كُلِّ هذَا وُجُوبُ التَّخَلِّي عن أفكَارِ المَورُوثِ البَالِي، و الّذِي هُوَ السَّبَبُ الأسَاسُ في كُلِّ مَا جَرَى و يَجرِي مُنْذُ أرْبَعَة عَشَرَ قَرْنًا مِنَ الزَّمَانِ.


المانيا في ١٩ اوكتوبر ٢٤


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق