مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الخميس، 28 نوفمبر 2024

أم محفوظ بهلول البربري بقلم رضا الحسيني ( 1 )

.. أم محفوظ بهلول البربري .. رواية / رضا الحسيني ( 1 )
الست عزيزة امرأة تلقت تعليما قليلا كأغلب أسرتها ، والديها وإخوتها الأربع ، ولدان وبنتان ، ورغم ذلك كانت ترى في التعليم نورا تحتاجه روحها ولا تعيش بدونه ،عاشت عزيزة في بيت أبيها المتواضع الذي كان يقع على شاطيء نهر النيل ، تحب أن تجلس على درجات السلم التي تنزل منها للنهر تملأ مايحتاجه البيت من الماء للغسيل وأغراض البيت الأخرى ، أما ماء الشرب فكان مصدره وقتها عن طريق طلمبة ماء جوفية جهزها أبوها ، حين تجلس عزيزة هكذا تمشط شعرها كانت لاتخجل من شيء غير من بعض السمكات التي تسبح في النهر ، كانت تشعر بها تراقب تمشيطها لشعرها الأسود الطويل ، وبعض مراكب الصيادين التي تمر من بعيد ، وقتها تهرول مسرعة للداخل قبل أن يلمحها أحد هؤلاء الصيادين ، ولأنها كانت جميلة الشكل والروح تزوجت صغيرة من رجل غير متعلم أيضا أنجبت منه طفلا لم يسعفه القدر كي يراه وهو يكبر ويربيه ، فمات زوجها والطفل لم يكمل عامه الأول ، وكانت أمنيتهما أن يستطيعا تعليمه ليحمل لهما هذا النور الذي يحلمان به وتحتاجه روحهما
حين أتم ابنها وحيد هذا عامه الثاني جاءها من يطلبها للزواج ، كان أيضا رجلا قليل التعليم ، في عصرها كانت قلة من الناس هي التي تملك القدرة على التعليم الذي كان يحتاج الكثير من المال ، وأغلب الأسر لاتملك هذا المال ، وكيف تملك أي أسرة مالا لتعليم أربعة أولاد على الأقل
عادت عزيزة تحلم من جديد بالنور بعد زواجها الثاني من الأسطى زغلول السواق ، فبعد زواجها منه بثلاثة أعوام كانت الثورة التي جعلت من التعليم مجانيا ، حينها قالت لزوجها وهي في شدة ابتهاجها :
_ لو الثورة دي يازغلول جت بس عشان مجانية التعليم تبقى أعظم ثورة في الدنيا
_ والله عندك حق ياعزيزة ، كان نفسي أستمر في المدرسة زمان بس لظروف في عيلتي مقدرتش
_ دلوقتي خلاص يازغلول ولادنا هيتعلموا كلهم والبيت يملاه النور
كانت أسرة عزيزة وزغلول حين قامت الثورة قد صارت أربعة أفراد بعدما أنجبت بنتا وولدا ، ولم يطلب منها زغلول أن تتخلى عن وحيد ابنها ، لكن جدته لأمه طلبت من ابنتها عزيزة أن تأخذ حفيدها وحيد لتربيه كأحد أولادها الخمسة الذين تزوجوا جميعهم ، فالجدة كانت تشعر بفراغ كبير في البيت ، وافقها الجد الذي كان حفيده وحيد هو أول أحفاده ، وقد أنزل الله في قلبيهما محبة كبرى لهذا الحفيد اليتيم
غدا نعاود اللقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق