مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

5)التلاعب بالعقول ومهزلة العقل البشري(5) بقلم علوي القاضي

(5)التلاعب بالعقول ومهزلة العقل البشري(5)
دراسة وتحليل : د/علوي القاضي.
... وصلا بما سبق فهناك حكمة تقول أن ، (العقلُ يحتلّهُ الأسبَقُ إليه) ، وثقافةُ الإنسان ِماهي إلا نتاجُ بيئتهِ التي ولِدَ ونشأ فيها ، والبشرُ يستسلمون لِما ألِفوهُ ! ، وينقادونَ لِما اعتادوا عليه ! ، ويميلونَ إلى صدِّ وإنكارِ كُلّ ماهو جديد ! ، ومِن هنا جاءت مقاومةُ الأمم للرسلِ والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ومِن هنا أيضاً تستمرُّ الأوهام والخرافات والأفكار الخاطئة والجهالات الراسخة فتُهيمن على العقولِ رغم اتساعِ العلوم وانتشار المعارف 
... ولأنّ العقلَ مناطُ التكليف ولكونِ الإنسان سيردُ إلى اللهِ فرداً ، إذاً فكلٌّ مِنّا مسؤولٌ عن التحقُّقِ مِن صحّةِ ما في عقله ورأسهِ ، (فالأصل أنّ مافي عقلك ورأسك غير صحيح حتى تتحقّق منه) 
... يولدُ الأطفال عباقرة وفلاسفة بالفطرة (كائنات متسائلة تسيطر عليها الدهشة) ، حتى إذا كبِروا نمّطناهم وحولناهم إلى حمقى ، وكما جاء في حديث النبى صل الله عليه وسلم مامعناه (يولد الإنسان على الفطرة ثم أهله إما يهودانه أو ينصرانه)
... عندما كان إهتمام (العقل المسلم) بقضايا الفكر وعلم الكلام والفلسلفة والجدل المنطقي ، كان المسلمون قادة للفكر العالمي ورواد النهضة في كل فروع المعرفة ، حتى تحول الإهتمام وتغيرت البوصلة الثقافية والمعرفية نتيجة النكوص الحضاري الذي سببه تحيز السلطة السياسية لفئة ضد أخرى ، وإستخدام القمع الفكري ضد المفكرين والفلاسفة والمنظرين وتغييب حق الحرية ، حتى تحول إهتمام هذا العلم لتوافه الأشياء ، فصار الإهتمام بالجنس ، وإثارة الغرائز ، وحديث الحواري والولدان ، وإرضاع الكبير وتعظيم الملذات الجنسية محور التفكير والقاعدة العريضة التي يعتمد عليها الفقه والعقائد المستنبطة من الأحاديث الموضوعة والتزوير
... وحتى يعود العقل الإسلامي بفاعليته القادرة على الإرتقاء بالمجتمع واستعادة قوته التأثيرية بين الأمم والشعوب ، لابد من أن يعود إلى منطق الجدل الفكري والمعرفي والحوار المبني على القضايا الكلية وكبريات مسائل وإشكاليات الإنسان والوجود ، ويترفع عن التفاهات والقضايا السطحية المخلة بالتعقل التدبري
... الفلسفة تناقض الإيمان ، ورغم أن الفلاسفة عُقلاء ، فإن كُنت تظن بأنك مؤمن فإختبر إيمانك بمقياس المنطق ، فالمنطق هو السبيل الوحيد لإقرار العَدل ، و الله هو العَدل ، الله هو الحِكمة ، وإعمال العقل هو قمة الإيمان 
... فلا تُسلِّف عقلك لأحد فيَعبَث به ، و لاتَستَلِف عَقْل أحد ليفكر عنك فيُعبَث بِك ، لأنك تجهل كل مايحمله من أفكار ، فهنالك أشياء لا تُسلَّف ولا تُستَلَف وأهمها العقل 
... ولأن العقل مناط التكليف ، والجميع مُحاسَب على مافيه من أفكار ، فكُن مسؤولاً ، وفَكّر بنفسك وعن نفسك ، فلن يدافع عَن نَفسك أكثر من نفسك
... ولاتعطل عقلك ، ولاتترك غيرك يفكر عنك سواء كان شخصا ، أو حزبا سياسيا ، أو جماعة دينية 
... عقلك نعمة ستسأل عنه وعن غيره بسببه
... العقل هو مناط التكليف وبه ميزك الله وشرفك أيها الإنسان ، يجب أن نعرف بأنه لاتعارض بين (الدين والعقل) فالأول يحيل على الأخير (أفلا تعقلون) 
... وبالعقل تدرك صدق الدين وضرورته ، فمن نتائج التفكير قوله سبحانه حكاية عن إبراهيم عليه السلام (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) ، فلاتعطل نعمة الله عليك ، فكر بعقلك قبل أن تأخذ القرارات المصيرية في حياتك لأنك المسؤول عن نفسك بين يدي الله ، فكر قبل أن تسير في الركب ! ، ولا تغرنك كثرة السالكين ولاتبتئس إذا كان الثابتون في أماكنهم قليل ! ، فالعبرة في طبيعة الركب ومآلات المسير ! ، فكر وتدبر وقم بعرض مامضى من تصرفاتك على عقلك من جديد وستكتشف مواطن الخلل في حياتك
... وإلى لقاء فى الجزء السادس إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق