مجلة ضفاف القلوب الثقافية

السبت، 30 نوفمبر 2024

كلمات في القلب و اللسان بقلم فؤاد زاديكي

 كلماتٌ في القلب واللسان


بقلم الشاعر فؤاد زادبكى


إِنَّ مَا يَنطِقُ بِهِ اللِّسَانُ لَيْسَ كَمَا يَشْعُرُ بِهِ الْقَلْبُ،

فَالكَلِمَاتُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الشِّفَاهِ قَدْ تَكُونُ حُرُوفًا جُوفَاءَ، لَكِنَّ اَلْمَشَاعِرَ الَّتِي يُخْفِيهَا الْقَلْبُ هِيَ، الَّتِي تَسْكُنُ اَلْأَعْمَاقَ، وَ تَظَلُّ فِي صَمْتٍ، دُونَ أَنْ تَجِدَ لَهَا سَبِيلًا إِلَى اَلتَّظَاهُرِ.

اللِّسَانُ يُعَبِّرُ عَمَّا نُرِيدُ، لَكِنَّ اَلْقَلْبَ يَعْرِفُ مَا لَا يُقَالُ،

يَحْتَفِظُ بِالْأَسْرَارِ، الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ اَلْكَلِمَاتُ أَنْ تَلْمَسَهَا، وَ قَدْ يُعَبِّرُ اللِّسَانُ عَنْ اَلحُبِّ بِأَجْمَلِ اَلْعِبَارَاتِ،

لَكِنَّ اَلْقَلْبَ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي يَخْتَزِنُ أَعْمَقَ اَلحُبِّ وَ أَصْدَقَ اَلْمَشَاعِرِ.


فِي لَحَظَاتِ اَلفَرَحِ قَدْ يَمْلَأُ اللِّسَانُ اَلدُّنْيَا بِالضَّحِكِ وَ اَلْكَلَامِ، لَكِنَّ اَلْقَلْبَ قَدْ يَكُونُ حَزِينًا، مُكْتَئِبًا بِمَا لَا يُرَى، وَ ٱلْعَكْسُ أَيْضًا صَحِيحٌ، قَدْ يَظْهَرُ اَللِّسَانُ فِي صَمْتٍ، لَكِنَّ اَلْقَلْبَ يُغَنِّي بِمَشَاعِرٍ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يَلْمَسَهَا.

اَلْكَلِمَاتُ قَدْ تُخْطِئُ فِي اَلتَّعْبِيرِ، لَكِنَّهَا لَا تُخْفِي اَلحَقِيقَةَ، وَ ٱلْقَلْبُ وَحْدُهُ لَا يَسْتَطِيعُ إِخْفَاءَ مَا يَشْعُرُ بِهِ مَهْمَا حَاوَلَتِ اَلْأَقْنِعَةُ.


كَمْ مِنْ شَخْصٍ تَكَلَّمَ بِاللِّسَانِ عَنْ اَلفَرَحِ،

لَكِنَّ قَلْبَهُ كَانَ يَصْرُخُ بِاَلْحُزْنِ فِي صَمْتٍ عَمِيقٍ،

وَ كَمْ مِنْ شَخْصٍ أَخْفَى قَلْبَهُ بِكَلِمَاتٍ جَمِيلَةٍ، بَيْنَمَا كَانَتْ أَعْمَاقُهُ غَارِقَةً فِي بَحْرٍ مِنَ اَلْأَلَمِ.

مَا مِنْ لُغَةٍ أَصْدَقَ مِنْ لُغَةِ اَلقَلْبِ، إِذْ لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَرْجَمَةٍ أَوْ إِلَى تَفْسِيرٍ،

فَهُوَ يَفِيدُ بِاَلْمَشَاعِرِ اَلوَاضِحَةِ مَهْمَا حَاوَلَ اَللِّسَانُ إِخْفَاءَهَا.


لَنْ تَكُونَ اَلكْلِمَاتُ يَوْمًا حَامِلَةً لِجَوْهَرِ اَلْحَقِيقَةِ،

إِذْ أَنَّ اَللّسَانَ قَدْ يُغَنِّي وَ يَضْحَكُ وَ يَقُولُ، لَكِنَّ اَلْقَلْبَ هُوَ الَّذِي يُجِيدُ اَلْإِنْصَاتَ، وَ يَعْرِفُ مَا خَلْفَ اَلْكَلِمَاتِ مِنْ صَرَخَاتٍ خَفِيَّةٍ.

لِذَا، فَإِنَّ مَا يُقَالُ قَدْ لَا يَكُونُ هُوَ مَا نُرِيدُ،

لَكِنَّ مَا يَشْعُرُ بِهِ اَلقَلْبُ هُوَ مَا يَظَلُّ فِي أذْهَانِ النَّاسِ،

وَ يَتْرُكُ أَثَرًا لَا يُمْحَى فِي الأروَاحِ.


المانيا في ٢٩ نوفمبر ٢٤


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق