مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 10 نوفمبر 2024

فِي الإِنْعَاشِ بقلم الطَّيْبِي صَابِر

فِي الإِنْعَاشِ

لَا تَسْأَلُوا مَنْ أَنَا...  
فَمِنْ وَرَاءِ إِنْسَانِيَّتِي المُـمَزَّقَةِ...  
أُحَدِّثُكُمْ...  
وَمِنْ نِفَايَاتِ أَوْرَامِ العَالَمِ...  
أَنْتَعِلُ أَطْنَانًا مِنَ الإِسْمَنْتِ...  
وَفِي فَمِي تَنِقُّ مَلَايِينُ الضِّفَادِعِ...  
وَدَاخِلَ أُذُنِي جُيُوشُ البَرَاغِيثِ...  
فَلَا تَسْأَلُوا مَنْ أَنَا...  

حَمَلْتُ عَلَى أَكْتَافِي أَثْقَالَ ذَاكِرَتِي...  
وَفِي قَلْبِي دُمُوعَ الفَقْدِ...  
وَصِرْتُ أَسِيرَ هَذِي الأَوْهَامِ...  
زَرَعْتُ الأَمَلَ فِي قَفْرِ اليَأْسِ...  
وَفِي طَيَّاتِ اللَّيْلِ...
نَاحَتْ أَنْوَارِي...  
عَنْ صَدَى آلَامِ السِّنِينَ...  
فِي زَوَايَا الرُّوحِ مَنْسِيِّينَ...  
فَلَا تَسْأَلُوا مَنْ أَنَا...  

أَنَا حِكَايَةُ مَلْحَمَةٍ حَزِينَةٍ...  
لَمْ تَكْتَمِلْ بَعْدُ...  
غَفَتْ بَيْنَ سُطُورٍ مَكْسُورَةٍ...  
عَاصِفَةٌ أَبَتِ الرَّحِيلَ...  
وَفِي جُعْبَتِي أَحْلَامٌ تَرَهَّلَتْ...  
وَأَغَانِي عِشْقٍ... 
لَمْ تُعْزَفْ بَعْدُ...  
تَجَوَّلَتْ بَيْنَ أَرْوِقَةٍ غَرِيبَةٍ...  
تَسْتَعِيدُ أَنْفَاسَهَا المَفْقُودَةَ...  
مُحَاصَرَةً بَيْنَ صَدَإِ الأَصْوَاتِ...  
وَوَشْوَشَةِ الذِّكْرَيَاتِ المَوْؤُودَةِ...  
فَلَا تَسْأَلُوا مَنْ أَنَا...  

أَنَا الْقَاصِفُ المُتَجَوِّلُ...  
رَسَمْتُ عَلَى المَلَامِحِ أَحْزَانًا...  
وَعَزَفْتُ عَلَى أَوْتَارِ الفِرَاقِ أَلْحَانًا...  
تَبْحَثُ عَنْ مَكَانٍ آمِنٍ...  
فِي زِحَامِ الأَوْجَاعِ وَالخَيْبَاتِ...  
عَانَقْتُ حُرُوفِي...  
وَثَاقًا يَرْبُطُنِي بِالحَيَاةِ...  
فَلَا تَسْأَلُوا مَنْ أَنَا...  

أَنَا الشَّجَرَةُ الَّتِي مَاتَتْ وَاقِفَةً...  
تَجَذَّرَتْ فِي أَرْضٍ جَرْدَاءَ...  
رَاقَبَتْ شَمْسًا تَغْرُبُ عَنْهَا...  
وَتَاقَتْ لِلْمَطَرِ الَّذِي لَا يَأْتِي...  
تَكْتُبُ عَلَى حَبَّاتِ الرِّيَاحِ...  
أَمَلًا عَانَدَهَا...  
وَفِي غَيَاهِبِ اللَّيْلِ نَجْمَةٌ...  
تَحْكِي عَنْهَا دُونَ خَوْفٍ...  
تَارِيخًا عَالِقًا بَيْنَ الحُرُوفِ...  
عَبَّرَتْ عَنْ جِرَاحَاتِهَا بِلُغَةٍ...  
اخْتَلَطَتْ فِيهَا الدُّمُوعُ بِالضَّحْكَاتِ...  
فَلَا تَسْأَلُوا مَنْ أَنَا...  

أَنَا قَصِيدَةٌ...
لَمْ تُكْتَبْ بَعْدُ...  
تُرَاقِصُ الأَوْجَاعَ وَالأَحْلَامَ...  
تَائِهَةً بَيْنَ المَعَانِي...  
تَبْحَثُ عَنْ فَهْمٍ لِقَصْدِي...  
تَبْحَثُ عَنْ مَجَازَاتٍ...  
تَرْوِي قِصَّةً عَنْ صَدَى الأَمْوَاتِ...  

الطَّيْبِي صَابِر (المغرب)










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق