في حضرة الأنقاض
وسط الركام
وقف طبيب.
لم يكن مجرد طبيب
كان وطنًا يمشي على قدمين
كانت خطواته تقرع أبواب السماء
وكأنّ الأرض تتوسل إليه:
"لا تتركني وحدي."
في عباءته البيضاء
كان يحمل غزة بأكملها
يُضمّد نبضها المكسور
ويرفع جبينها إلى حيث لا تطاله يدُ العدو.
لم يكن يخشى النار
ولا ارتعشت يده أمام القذائف
بل وقف بين الجثث والحطام
كأنّه يقول للموت:
"لن تأخذهم دون معركة."
حسام أبو صفية...
لم يكن اسمًا
بل قصيدة تُكتب بدماء الصابرين
وأسطورة ترويها حجارة غزة
حين تنبت من بين الرماد.
حين احترق المستشفى
كان قلبه مشتعلا
ليس خوفًا
بل إصرارًا.
لم يكن يهرب من الدبابات
كان يتقدم نحوها
كأنّه يعلّمها دروس الكرامة
ويزرع في عجلاتها شكوكًا
حول معنى القوة.
أيها الطبيب...
كيف حملت كل هذا الحطام في قلبك؟
كيف صرختَ في وجه الليل:
"لن أترككم وحدكم"؟
كيف اعتقلتَ القهرَ بدل أن يعتقلك؟
في ملامحك
تقرأ التاريخ وهو ينحني أمامك
والأرض وهي تهمس:
"هذا ابني،
هذا شهيدي الحي."
يا غزة...
حين يُذكر اسمك
سيتردد صدى حسام في الأزقة
وفي أعماق الجراح
وفي عيون أطفالك
الذين تعلموا أن الطب ليس مهنة
بل معركة
وأن الموت ليس نهاية
بل بداية قصيدة جديدة
تكتبها أرواح الشهداء
وتقرأها السماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق