مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الاثنين، 9 ديسمبر 2024

دعيني بقلم محمد الدبلي الفاطمي

دعيني 

دَعيني في الظّلامِ بلا بصرْ
فقدْ أكل الدّجى وجهَ القـــــمرْ
دَعينـي لا أريدُكِ في خيالي
فقد تعبَ الفؤادُ من الضّـــجرْ
دفنْتُ الحُبَّ في الدّيجورِ ليلاً
فجفَّ النّهرُ وانقطــــعَ المـــطرْ
ومنْ عَطشِ النّفوسِ بكى الأهالي
ودمْدمَتِ العواصفُ بالخطرْ
وهبّ اللّيلُ مُتّــــــجِهاً إلينا
بِرفقتِهِ القـــــــضاءُ مع القدرْ

دَعيني كيْ أهاجِرَ منْ خَيالي
لأغْرقَ في البُحــــــورِ ولا أبالي
سَئمْتُ منَ الرّكوعِ لكلّ شَـــخصٍ
يُمارِسُ سُـــــلطةً تُبْكي عيالي
وأكـــــــرهُ أنْ أعودَ إلى قطيعٍ
تَشَرّدَ في البَهيمِ منَ اللّيالي
فما وطنــــــي عدا بلدٌ أسيرٌ
بِمُعتقلِ الصّــــــهاينةِ البـغالِ
كفى جهلاً فــــــيومُ الدفــنِ آتٍ
أكُنتَ منَ اليمــتـــينِ أوِ الشّمالِ

فقدْنا في النُّـــــــهى أدباً ودينا
فَحِدْنا عنْ صِراطِ المُهْتَدينا
وأحْرقْنا مِلفّاتِ البعْثِ عمْداً
بنارِ الغَيِّّ حَرقَ المُخْبِرينا
تركْنا للطُّغاةِ دَماً ثَمينا
فماتَ الحـبُّ مُخْتـنِقاً حزينا
تركْنا أهلنا حَطباً مُباحاً
ليُصـــبحَ جُلّـــهــــــمْ في الغابرينا
رأيتُ الطّعْنََ في أهلي فظيعا
فسُــــحقا للقُرودِ الحـاقدينا

دَعيني أنتِ خادمةَ الجُحودِ
و خائنةَ العقـــيدةِ والعــــهودِ
أحلّ بكِ الذّئابُ النّهْشَ فيـــــنا
وأُلحِقَتِ المعــــــابرُ بالحدودِ
وبالتّرْهيبِ صُودرتِ الأراضي
وصودرتِ القـبورُ منَ الجـدودِ
فيا عَرَبَ الخَوَرْنَقِ أينَ أنتمْ
وأين الفعلُ منْ تلــــكَ الوعـودِ
غدا سنَرى حينَ ينقشعُ الضّبابُ
بأنّ الحقّ يُؤْخَذُ بالصُّــــــمــودِ

فظيعٌ في المجازرِ ماحـــــصلْ
وجُبنٌ أنْ نعــــــــيشَ بلا أملْ
ندورُ على الرّحى ليــــلاً نهاراً
ولا حلّ هــــــــــناك ولا أجل
كأنّ النّاسَ في الظّلماءِ تاهوا
فما بقيت لهم إلاّ الحـــــيل
تقهْقرَ عَزمُهمْ في كلّ حقلٍ
فماتوا في الحــــياةِ منَ الـوَجلْ
ومنْ أمّ الخبائثِ قدْ أحَلّوا
شراباً قادَهُمْ نحْو النّــــــحلْ

سأمنـــــــعُ شمَّ رائحةِ البخورِ
وأمنعُ نشرَ شعــــوذَةِ القُبـــورِ
وفي الأحشاءِ أدْفِنُ كلّ عارٍ
يدلّ على الدّناءةِ والفـــجورِ
لعلّ الفـــــجْرَ يظهرُ من جديدٍ
فيبــعثُ أمّتي بينَ الحـــضورِ
وما طردُ القُرودِ أراهُ سهلاً
وهمْ مسَخوا العديدَ من الأمورِ
علينا بالتّــــوجُّهِ نحْو عـــصْرٍ 
نعيدُ به الحياةَ إلى العـصورِ

محمد الدبلي الفاطمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق