إذا ما الشّعْبُ أَصْبَحَ مُسْتَطيعا
سَيَرْفُضُ أَنْ يَكونَ لَهُمْ قَطيعا
تَقَهْقَرتِ الإرادَةُ في بِلادي
وَلَمْ يَعُدِ الكِتابُ لنا شَـــــفيعا
وَتِلْكَ مُصيبَةٌ لا ريْبَ فيها
لِاَنّ الشّعْبَ قَدْ خَسِرَ الرّبــــيعا
فَحُوِّلَتِ الشُّعوبُ إلى ضِباعٍ
تُزاوِلُ في تَوَحُّشِها الفظــــيعا
وهذا في المآسي زادَ عُمْقاً
فأَمْطَرَنا العَواصِف والصّقـــيعا
سَتُجْبِرُنا الوُحوشُ على الهُروبِ
إلى الدّيْجورِ منْ جِهَةِ الغُروبِ
وَحينَئذٍ سَنُصْبِحُ في بِلادٍ
بِشَرْعِ الغابِ تَحْكُمُ في الشُّــعوبِ
كأنّ عقولَنا سُقِمَتْ بِداءٍ
تَسَلَّلَ في الدّماءِ إلى القُلـــوبِ
تَهُبُّ على مواطِنِنا المآسي
فَنُنْهَشُ في الفَرائِسِ بالخُطــوبِ
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطعْ في البَحْرِ طَفواً
سَيَدْفَعُهُ الهلاكُ إلى الرُّسوبِ
أَلِفْنا في ثَقافَتِنا الظّلاما
فَصارَ الحَرْفُ في لُغتـي مُلاما
أَلمْ تَرَ شِعْرَنا أضْحى شَعيراً
وَأَمْسى النّظْمُ في لُغَتي حَراما
نُجَرُّ إلى النّخاسَةِ ليسَ إلاَّ
لِيَبْقى الجَهْلُ في وَطَني نِـظاما
وفي الدّركِ الحَضيضِ من التّدنّي
ارْتَطَمْنا بالصّهايِنَةِ ارْتِطاما
فَصِرنا كالبَهائمِ في زَمانٍ
أنارَ العلْمُ بالقَلَمِ الظّــــــلاما
رَضَعْنا من عوائِلِنا النّفاقا
فَكِدْنا أنْ نَموتَ بِهِ اخْـــتِناقا
نُتاجِرُ في النّميمةِ كلّ يَوْمٍ
فَتُنْبتُ مِنْ قَذارَتِها الشّـــقاقا
وَنَرْجُمُ بَعْضنا بالغَيْبِ رَجْماً
كَأَنّ نُفوسنا تَهْــــوى النّفاقا
تَعَلَّمْنا التّحايُلَ والتّخفّي
فَضيّعْنا الصّــــداقةَ والرّفاقا
وهذا العارُ جَرَّعَنا انْحِطاطاً
وَمِنْ عَدْواهُ أَنْجَبْنا الطّـــلاقا
نُعِدُّ الفاسدينَ منَ الذُّكور
ونَتّهمُ الثّقافَةَ بالقُصــــورِ
عَليْنا أنْ نُعِدَّ القادرينَ
على الأمواجِ في وسطِ البُحـــــورِ
نُعَلِّمُهُمْ مُنازلةَ انْكِماشٍ
تَغَلْغَلَ في الكَثير من الــــصُّدور
وَنُعْطيهِمْ دُروساً في التّرقّي
بِمَنْحِهِمُ التَّجارِبَ في الأُمــــورِ
وَإنْ نَحْنُ اسْتَطَعْنا فِعْلَ هذا
نَهْضْنا بالإناثِ وبالذُّكـــــورِ
على أَوْتارِ أشعاري أَبوحُ
بأَحْرُفِ مَنْطِقٍ عِطْراً يـــفوحُ
أُجاري جَهْلَ عَصْرٍ لا يُجارى
وَعَنْ وَطَني بِمَوْهِبتـــي أنوحُ
أُعَلّلُ بالمُنى قَلْباً جريحاً
وعَقْلي يَسْتَبِدُّ بهِ الجُـــموحُ
تُحاصِرُني الحياةُ بسوءِ حظّي
وما ذَنْبي سِــــــوى أَنّي أبوحُ
تَعَدَّدَتِ النَّوائِبُ والقَضايا
وساءَ الحالُ فاخْتَنقَ الطُّــموحُ
محمد الفاطمي الدبلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق