مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الخميس، 19 ديسمبر 2024

كيفيّة التّعامل مع الحياة بقلم فؤاد زاديكى

كيفيّة التّعامل مع الحياة

بقلم: فؤاد زاديكى

إنَّ التّمسُّك بالحياة ليس خطأً، بل هو تعبيرٌ طبيعيٌّ عن غريزة البقاء، التي وضعها الله في الإنسان. الحياةُ هبةٌ عظيمةٌ، و هي ميدانُ التّجربة و التّعلُّم و العمل. الإنسانُ يُدرِكُ أنّه يعيش في عالمٍ مليءٍ بالتحدّيات و الصّعوبات، و لكنَّ هذا لا يُبرِّر الاستسلامَ لليأس أو فقدان الرّغبة في الحياة. إنّ التّمسُّك بالحياة يعني أنَّ الإنسان يعترف بقيمتِها و يُدركُ أهمّيّتها كفرصةٍ لتحقيق النّجاح و إفادة الآخرين.

للتّعامل مع الحياة، يحتاج الإنسان إلى تبنّي نهجٍ متوازنٍ بين الرّغبة في تحقيق الأهداف و الطّموحات، و القدرة على تقبُّل الواقع بما فيه من فرحٍ و ألم. أوّلُ خطوةٍ في هذا السّبيل هي الإيمان بأنّ كلّ لحظةٍ تُشكِّل درسًا يُضيفُ إلى نضوجِ الإنسان و خبرتِه. عليه أن يتحلّى بالصّبر والإصرار، و أن يُقاوم الخوف من الفشل لأنّه جزءٌ من التّقدّم.

التّعامل مع الحياة يتطلّبُ أيضًا إدارة العواطف بحكمةٍ. فالفرح لا ينبغي أن يُنسينا الواقع، و الحزن لا يجب أن يُثني عزيمتنا. إنَّ الاعتدال في التّفاعل مع المشاعر يُساعدُ الإنسان على الحفاظ على توازنه النّفسيّ و الاجتماعيّ. كذلك، ينبغي للإنسان أن يتذكّر دائمًا أنّ الحياةَ ليستْ مجرّد سعيٍ للذّات، بل هي علاقةٌ مع الآخرين. التّسامح، التّعاطف، و مساعدة الغير تُضيف معنًى عميقًا للوجود الإنسانيّ.

لا شكّ أنّ التّحدّيات و المِحن جزءٌ لا يتجزّأ من الحياة، لكنّها ليست نهاية الطّريق. يجب على الإنسان أن ينظر إلى هذه العقبات على أنّها فرصٌ لتحسين نفسه و تطوير مهاراته. عندما يُواجه مشكلةً، عليه أن يبحث عن الحلول بدلًا من الشّكوى، و أن يُحوِّل طاقته من التّفكير السّلبيّ إلى العمل الإيجابيّ.

كما أنّ الرّضا بما يملك لا يعني التّخلّي عن الطّموح، بل هو تقديرٌ للنّعم المتوفّرة، و هو مفتاح السّعادة الحقيقيّة. على الإنسان أن يُوازن بين الرّغبة في تحقيق المزيد، ووبين القناعة بما قُدِّرَ له.

و في النّهاية، ينبغي أن يُدرك الإنسان أنّ الحياة ليست أبديّة، و أنّ التّمسُّك بها لا يعني التّعلّق المفرط بها. عليه أن يستغلّ أيّامه في العمل النّافع، و الاهتمام بروحه و مصيره، لأنّ الحياة الدّنيويّة مجرّد مرحلةٍ من مراحل الوجود.

يُمكن القول إنّ التّمسُّك بالحياة ليس خطأً بل هو جزءٌ من طبيعتنا الإنسانيّة، و التّعامل معها يتطلّبُ إيمانًا، و عملًا، و صبرًا، و قناعةً. بذلك يصبحُ الإنسان قادرًا على مواجهة الحياة بروحٍ متفائلةٍ و عزيمةٍ قويّةٍ تجعلُه يُضيفُ للحياة أكثر ممّا يأخذُ منها.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق