مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 5 يناير 2025

أم محفوظ بهلول البربري بقلم رضا الحسيني ( 22 )

.. أم محفوظ بهلول البربري .. رواية / رضا الحسيني ( 22 )
ومشوا بمن قبضوا عليهم من الشباب من محطة مترو المعادي حتى قسم المعادي بمدخل منطقة السرايات من الجهة الغربية ، هناك وضعوا الجميع بغرفة الحبس ، كان عددهم أكثر من العشرين ، ومن بين المقبوض عليهم شاب معه فتاة ليست خطيبته ، وجميعهم يتساءل باندهاش عن سبب تواجدهم بهذا المكان السيء ، وبعد السادسة مساء هذا اليوم تم إخراج المجموعة على مراحل ، وكان مأمور القسم وقتها إسماعيل الشاعر ورئيس المباحث كان فاروق لاشين اللذان كان يجلسان بحديقة القسم الأمامية :
_ إحنا بنعتذر لكم يا شباب على اللي حصل ده
_ الاعتذار هيفيد بإيه بعد اللي عشناه هنا
_ أصل إحنا يافندم كنا ناويين نسمع ماتش مصر وتونس بالراديو
_ ههههه احمدوا ربنا بقى إنكم ماسمعتهوش ، اتغلبنا 4/2
وهكذا كانت هذه المرة الثالثة التي يتم القبض فيها على محفوظ قبل أن يتم عامه الثامن عشر ، والمرة الثانية التي يتم فيها القبض على محفوظ ومعه ابن خالته رفيق الشقاوة ، ومن قبل لم يحدث هذا مع أحد غيره سواء من عائلة أمه أو عائلة أبيه ، وتذكر ماقالته له أمه عزيزة منذ سنوات عندما سألها عن السر في تسميته بمحفوظ ، فضحك مع نفسه وهو يردد :
( كل ده جرالي وأنا اسمي محفوظ ، مش عارف كان ممكن يجرالي إيه أكتر لو لي اسم غير محفوظ ؟! ؟!
.. ( محفوظ وانتفاضة الخبز )
لم يكن هذا الحدث هو الأمر المهم الوحيد الذي عاشه محفوظ في هذا العام 1977 ، فقد اندفع كأغلب المصريين رافضا الأسعار الجديدة التي أعلنتها الحكومة وقتها { زير الاقتصاد ..د . عبد المنعم القيسوني } ، يومها خرج هو ورفيق الشقاوة أيضا يعبران عن رفضهما ، وانضما للمتظاهرين بميدان التحرير بزعامة حمدين صباحي وآخرين ، مرورا بالجامعة الأمريكية ووزارة الداخلية حتى وصلوا لشارعي خيرت والمبتديان بالسيدة زينب ، وهناك التحموا مع قوات الأمن المركزي التي استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع ، كان هذا هو اللقاء الأول له مع هذه القنابل ، شعر بأن هذه القوات تحاربهم وكانهم صاروا من اليهود المغتصبين لسيناء حتى هذا الوقت ، في حين كانت هناك مفاوضات تتم مع الجانب الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر ، فكان يرى أن من الأولى أن تجري الحكومة حوارا معهم لمعرفة مطالبهم كشعب له حقوق كما عليه واجبات ، وقتها قالوا انها انتفاضة حرامية :
_ بصوا ياجماعة ، خلاص إحنا بقينا في مواجهة مع الداخلية ، ولازم نخليهم يخافوا مننا
_ بس هم يامحفوظ معاهم العصى والخوزة والدرع والقنابل دي
_ واحنا لازم ياجماعة ناخد منهم الحاجات دي
_ إزاي ده هيحصل ؟
_ مجموعة تستخبى هنا وقت مانتراجع إحنا ، فيتقدموا هما نحيتنا ، المجموعة هتبقى كده من وراهم ، هنهجم عليهم من وراهم وقدامهم نحاصرهم
وبالفعل نجحت الخطة واستطاع محفوظ ورفاقه من أسر مجند أمن مركزي والاستيلاء على معداته ، وقد دارت هذه المعركة على بعد أربعة بيوت فقط من بيت عمه بشارع المبتديان ، والبيت مواجه لدار الهلال الصحفية، ولم تتوقف هذه الثورة إلا بعد يومين حيث ألغى السادات هذه الزيادات ، ولكن أيضا بعدما قبضوا على الكثيرين واتهموهم بإشاعة الفوضى والسرقة وإتلاف الممتلكات ، وكان المفروض وقتها أن يحاسب من أصدر قرارات الزيادة التي أثارت الشعب الفقير الذي عانى ويلات ثلاث حروب متتالية
.. وغدا نستكمل مع محفوظ بهلول البربري23

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق