مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الاثنين، 13 يناير 2025

نجيب والكحول بقلم فتيحة المسعودي

نجيب والكحول    

غرفة جميلة بألواھا الزاهية لھا شرفة تطل على منظر خلاب ھنالك على بعد عدة أمتار تتعالى أصوات أمواج متلاطمة ،، كل المعاني الجميلة تكمن ھناك بين مد وجزر .. جمال يجلب الأنظار .. وروعة خاصة لا مثيل لھا تبدأ مع عملية الغروب حيث الشمس تودعنا وتنصرف مرورا بجبل عالي لتقطع مسافات فوق البحر .. مع استرسال خيوط ذھبية جميلة .. انعكست على البحر بمنظر مدهش خلاب .
ھكذا تابعنا عملية الغروب حتى النھاية .. ومع حلول الظلام اقفلنا باب الشرفة وعدنا الى الداخل .. حيث زوايا الغرفة تردد صدى الآھات .. وبأركانها ذكريات حزينة ..دمرت من كثر الضجر والألم ؛؛ وسائدھا بللت بالدموع الغزيرة .. كل شيء يتكرر يوميا ؛ كل شيء ؛؛. دخل نجيب كعادته في أول الصباح.
لا يبالي بشيء ، في مثل الساعة يسافر يوميا إلى عالم الخيال عالمه البارع الذي يجد فيه نفسه الضائعة بين الخيال و الواقع المر .
بينما في مثل الأثناء ، تقف زوجته المنكوبة في انتظار الصدق .. والإخلاص .. والدفئ .. والحنان ..
راجية من الله أن يستفيق زوجها من الغفلة فيحتاج حينها للإنصات .. والخدوع .. والليونة .. واللطافة .. ذهبت الرياح في الإتجاه المعاكس ..
ولخبطت كل الأمور .
دخل نجيب على بيته حوالي الساعة الثالثة صباحا .. استقبلته زوجته المتعبة بالسهر ،، كلما نامت سمعت صوت أحدهم يصعد السلم وقالت إنه نجيب.. فقفزت بسرعة إلى المطبخ لتعد له وجبة العشاء على الطاولة ، وتعود لفراشها بعد دقائق حين تعلم أن الشخص الصاعد على السلم أحد جيرانها وليس بزوجها نجيب .
  عادت للإنتظار مجددا .. تكررت العملية عدة مرات .. كان النوم يسرقها من حين لآخر ، فتستيقظ بنفس الطريقة كما سبق .
لتكرر نفس العملية ثم العودة الى فراشها .
نوم عميق لتستيقظت مذعورة على صوت حقيقي هذه المرة وكان زوجها نجيب .. مع أن الوقت متأخر هل الصباح .. وكادت الشمس أن تشرق .. فرحت وسررت لرؤيته .. واستقبلته بكل عفوية ولطافة .. ماهذا التأخر يا نجيب ؟ لقد نام الأولاد من زمان .. ،، نظر اليها نجيب دون أن يرمش جفونه وقال بكل برودة .. آه نعم .. فهمت !.. دخلت الزوجة المطبخ كي تحضر العشاء لزوجها. ولا تنفك تردد حمدا وشكرا لله على أنني محظوظة كون زوجي دخل بيته سالما غانما . 
  اتجهت نحو الطاولة لتضع أول طبق .. فوجدت نجيب ينزع قميصة .. بخفة ورقة دخلت الشرفة وأحضرت له حذاء البيت ووضعته أمام رجليه وهي تبتسم وتقول : 
العشاء جاهز .. سأضعه فورا .. نظر اليها نجيب نظرة غريبة .. نظرة تأمل وكأنه يتعرف عليها لأول مرة .. دخلت المطبخ بعدما ازدادت خفتها ونشاطها معتقدة أنها نظرة إعجاب واشتياق .. وضعت الطبق الثاني ونجيب لا زال يقاوم نزع قميصه من احدى ذراعيه !! .. وهي تبتسم وتنظر نظرة حب ووفاء دون مبالات لأي شيء .. انتهت من تحضير عشائها ..
وقالت وهي ترتب الصحون ، تفضل يانجيب .. انه الطبق المفضل لديك .. طبخته خصيصا لك .. لم يرد نجيب بكلمة .. فاستدارت نحوه وهي تظن أنه يمازحها بسكاته .. لكن ظنها كان خاطئا!؛ كان نجيب الزوج الصالح وأب الأولاد غارقا في نومه بشكل مختلف .. نائم بحذائه وملابس عمله وقد علق قميصه بيده اليمنى ، كانت نومة عميقة رجله في الأرض وكتفه متكأ على الطاولة بينما رأسه مائل بطريقة غريبة فوق طاولة العشاء .
كان استغراق نومه طويل الى اشعار آخر !، يوم الغد ساعة العمل ، ينتظره بعد استيقاظه .. حمام وتغيير ملابسه الملائمة للعمل ، ثم إغلاق الباب ورائه !؛؛ لتتكرر العملية المعروفة ، وتبدأ الزوجة بالإنتظار من جديد ليدخل البيت أول الصباح كالعادة وينام بعد توغل ذراعه بالقميص .

فتيحة المسعودي
     المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق