.. ..
بعد سهرة ممتعة بدار الأوبرا خرجنا نسير في شوارع القاهرة والوقت يقترب من منتصف الليل ، رغم الشتاء وكلام هيئة الأرصاد كانت نسمات الهواء حولنا غاية في الروعة ، فلا باردة ولا عادية ، وسط كل هذا الجمال توقفت مجموعة من الباصات ، فتحت الابواب ، انهمر منها سيل من البشر قادمين من السودان ، تحول المكان فجأة لبقعة سودانية ، لولا وجود كوبري قصر النيل وبرج القاهرة وميدان التحرير لاعتقدنا أننا في وسط الخرطوم
تعلقت زوجتي في ذراعي وهي تضحك قائلة :
_ أنت متاكد إننا كنا في الاوبرا المصرية ؟!
_ الحفل كله كان من الزمن الجميل للطرب المصري
_ مش جايز بيتهيألنا ! شايف حوالينا سودانيين قد إيه ومفيش حد مصري إلا قليل جدا
نظرت لزوجتي وأنا أضحك واستمرينا في سيرنا نحو محطة المترو ، عند شباك التذاكر كان أغلب الواقفين امامي في الطابور الطويل من السودانيين ، التفت لزوجتي وجدتها ماتزال تضحك مندهشة ، وضعنا التذاكر في الماكينة وعبرنا نحو السلم الكهربي ، كان كل من أمامنا وخلفنا من السودانيين ، وقفنا على رصيف المحطة ننتظر المترو القادم ، شعرنا أننا فقط المصريين الوحيدين على الرصيف ، جاء المترو مزدحما كعادته في الفترة الأخيرة ، عند فتح أبواب المترو وجدنا سيلا من السودانيين يغادرونه ليركب معنا كل السودانيين الواقفين على الرصيف مثلنا ، عندما أغلقت أبواب المترو وبدأ في التحرك كنا داخل العربة وحدنا مع ثلاثة من الركاب المصريين تقريبا وسط العشرات من السودانيين ، بقينا واقفين وهم يجلسون يضحكون ويتسامرون بمنتهى الأريحية ، كادت زوجتي تصرخ فيهم لينهض أحدهم وتجلس مكانه خاصة وأغلبهم صغار في السن ، جذبت يدها بسرعة حتى لا تصرخ ، وفجأة صرخت إحدى الجالسات من السودانين وبدأت توبخ زوجتي :
_ دهستي قدمي ألا ترين ، ألا تشعرين ؟
ساد صمت عميق في العربة وكادت زوجتي تنفجر فيها ولكني سارعت بالرد نيابة عنها :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق