مجلة ضفاف القلوب الثقافية

السبت، 15 فبراير 2025

مترو السودان بقلم رضا الحسيني

.. حكايات رضا
  .. .. 
 بعد سهرة ممتعة بدار الأوبرا خرجنا نسير في شوارع القاهرة والوقت يقترب من منتصف الليل ، رغم الشتاء وكلام هيئة الأرصاد كانت نسمات الهواء حولنا غاية في الروعة ، فلا باردة ولا عادية ، وسط كل هذا الجمال توقفت مجموعة من الباصات ، فتحت الابواب ، انهمر منها سيل من البشر قادمين من السودان ، تحول المكان فجأة لبقعة سودانية ، لولا وجود كوبري قصر النيل وبرج القاهرة وميدان التحرير لاعتقدنا أننا في وسط الخرطوم 
تعلقت زوجتي في ذراعي وهي تضحك قائلة :
_ أنت متاكد إننا كنا في الاوبرا المصرية ؟!
_ الحفل كله كان من الزمن الجميل للطرب المصري
_ مش جايز بيتهيألنا ! شايف حوالينا سودانيين قد إيه ومفيش حد مصري إلا قليل جدا 
نظرت لزوجتي وأنا أضحك واستمرينا في سيرنا نحو محطة المترو ، عند شباك التذاكر كان أغلب الواقفين امامي في الطابور الطويل من السودانيين ، التفت لزوجتي وجدتها ماتزال تضحك مندهشة ، وضعنا التذاكر في الماكينة وعبرنا نحو السلم الكهربي ، كان كل من أمامنا وخلفنا من السودانيين ، وقفنا على رصيف المحطة ننتظر المترو القادم ، شعرنا أننا فقط المصريين الوحيدين على الرصيف ، جاء المترو مزدحما كعادته في الفترة الأخيرة ، عند فتح أبواب المترو وجدنا سيلا من السودانيين يغادرونه ليركب معنا كل السودانيين الواقفين على الرصيف مثلنا ، عندما أغلقت أبواب المترو وبدأ في التحرك كنا داخل العربة وحدنا مع ثلاثة من الركاب المصريين تقريبا وسط العشرات من السودانيين ، بقينا واقفين وهم يجلسون يضحكون ويتسامرون بمنتهى الأريحية ، كادت زوجتي تصرخ فيهم لينهض أحدهم وتجلس مكانه خاصة وأغلبهم صغار في السن ، جذبت يدها بسرعة حتى لا تصرخ ، وفجأة صرخت إحدى الجالسات من السودانين وبدأت توبخ زوجتي :
_ دهستي قدمي ألا ترين ، ألا تشعرين ؟
ساد صمت عميق في العربة وكادت زوجتي تنفجر فيها ولكني سارعت بالرد نيابة عنها :
_ إحنا اسفين عشان بنزاحمكم في مترو السودان هذا !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق