قصة قصيرة
" عبور"
بقلم فاطمة حرفوش
منذُ أنْ سمعت الأخبارَ المتداولةَ بكثرةٍ على شاشاتِ التلفزةِ ومواقعِ التواصلِ الأجتماعي لم تصدقْ ماتراه عيناها .. هل حدثَ ذلك حقًا !. لم يعدْ هنالك شكٌ بذلك ، ما رأته وسمعته قد وقعَ فعلًا .
حينها لم تستطعْ أنْ تتمالكَ نفسَها أطلقت العنانَ لفرحها وراحت ترقصُ وتغني بسعادةٍ غامرةٍ . الحلمُ الذي سكنَه النومَ طويلا بدأ يستيقظُ ، ويعلنُ عن قدومه بقوةٍ ويمسحُ جزءً من الألمِ الذي عانته منذُ أن وطئت أرضَ الطهرِ المقدسةِ أقدامُ الطغاةِ .
رقصت كما لم يرقصْ زوربا اليوناني وبنشوةِ غجريةٍ ساقتها الريحُ لقدرها المحتومِ ترقصُ ابتهاجاً ويشاركُها الرقصَ شعرُها الكستنائيٌ المتموجُ كسنابلِ الحنطةِ فيطيرُ للأعلى ومن ثم يتهاوى للأسفلِ ثم ينتفضُ شمالاً ويهدأ يميناً وأرجلها تدقُ الأرضَ دقًا ليستيقظَ كلُ من غفى بداخلها وصوتها يشدو بالغناء بكبرياءٍ لا يعرفُ إنكساراً ، ترددُ مع معين شريف أغنيته التي طالما تغنت بها لازم تعرف يامحتل أنت مين ونحنا مين نحنا هيهات من الذل وأنت للذل عناوين . اتسعت حلبةُ الرقصِ عندما انتشرُ الخبرُ وشاركنها أخواتُها الرقصَ بفرحةٍ لا توصفُ ، الزغاريدُ تنطلقُ لعنانِ السماءِ .
عندما أكلَ التعبُ أجسادَهن هدأن فسكنت هي .
لم تكنْ لها صلةٌ بعلمِ الأرقامِ ولم تهتمْ يوماً لأمرها ولا تعرفُ كنهها لكنَ المفارقةَ أن الرقمَ سبعةٌ كان يستحوذُ ويستأثرُ على إهتمامها ولا تدركُ السببَ !!. ربما يعودُ ذلك لقدسيةِ هذا الرقمِ في المعتقداتِ الدينيةِ أو ربما لشكله الذي تتجهُ قاعدتُه للأرضِ وذراعاه مفتوحان تستقبلُ السماءِ . أو ربما حدسها أنبأها أن شيئًا ما سيحصلُ في يوم ما وقد صدقَ ..
إنه السابعَ من تشرينِ الأولِ ، شهرُ الإنتصارات الكبرى من ٦ تشرين عام ١٩٧٣ إلى عام ٢٠٢٣ ما أجملَه من يومٍ !!. كمْ كانت بشوقٍ لقدومه !!.
وها هو أتى مثقلاً بثمارٍ كثيرةٍ بطعمِ الإنتصارِ .
سرعان ما بدأت الصورةُ تتضحُ أكثر َلما حدثَ ، ليلتُها لم تنمْ فاطمة ظلت تتابعُ مشهدَ العبورِ وآثاره فقد أحدثَ الخبرُ دويًا مزلزلًا ترددت أصداؤه بكافةِ أنحاءِ العالمِ . الكلُ مندهشُ .. كيفَ لمدينةٍ محاصرةٍ لعشرات السنين من قبلِ قواتِ الأحتلالِ الإسرائيلي وأعوانه أن تفعلَ هذا ؟!.. وكيف غاب ذلك عن أعين العدو !! .
شعرت فاطمة بفخرٍ شديدٍ وهي ترى آسرى جنودِ الأحتلالِ منبطحين أرضاً أذلاءَ والمقاومين يجرونهم من بذلاتهم العسكرية .. كما تمنت لو كانت معهم ، أطفالٌ يعتلون دباباتٍ غنمها أبطالُ العبورِ ودخلت غزةَ تعلوها الأعلامُ الفلسطينيةُ ، وجوهُ نشوى لا يُمكنُ وصفُ سعادتها ، أسلحةٌ بكافة أنواعها يحملها شبانٌ .
أنباءٌ تتوالى عن اشتباكاتٍ تقعُ في عدةٍ مستوطناتٍ إسرائيليةٍ إقتحمها أبطالُ المقاومةِ وسقوطِ قتلى وجرحى في صفوفِ العدو راحت تتزايدُ أعدادهم يومًا بعدَ يومٍ حتى وصلت للمئاتِ ، إحتفالات ُ كبرى تجري ابتهاجًا بهذا الإنتصارُ الرائعُ في كافةِ مدنِ و بلداتِ وقرى قطاعٍ غزةَ وعمت العالمَ العربي ،
مسيراتُ دعمٍ لطوفانِ الأقصى الذي وصلَ هديره لكافةِ عواصمِ العالمِ الغربي .
هلعُ شديدُ يصيبُ المستوطنين ومسؤوليهم
كلُ يلقي اللومَ على الآخر ، ترقبُ وحذرُ في عواصمِ العالمِ .
إنها غزةُ ياسادة !!.. فقد قالت كلمتها وسمعها العالمُ وصفقَ لبطولاتها وصمودها الأسطوري وشجاعتها صرخت فاطمة ، وهدرَ طوفانُها فهل سمعَ من به صممُ ؟!..وراحت تنشرُ أخبارَ إنتصاراتها وهزائمَ عدوها وخسائره الهائلةَ وذُلَه وإنكساره ،
وهروبَ جنوده من المعركةِ بعدَ أنْ اشتدَ وطيسُها وبرزت وحشيةُ العدو الإسرائيلي وإرتكابه أفظعَ وأبشعَ المجازرِ بحقِ الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ التي يندى لها جبينُ العالمِ وإنتشارِ مشاهدِ الدمارِ التي تُحدثها طائراته وترمي أطنانَ الأسلحةِ على السكانِ العزلِ في كلِ مكانٍ من المشافي والمنازلِ والمدارسِ ومقرات الأممِ المتحدةِ والإعلاميين ومراسلي وكالات الأنباء وإجتياحها المجنونِ لغزةَ .
لم تعدُ فاطمة تكتفي بالمشاهدةِ ، أخذت تشتركُ في تقديمِ المساعداتِ الإنسانيةِ للنازخين في مخيماتهم وإنتسبت إلى قواتِ الصليبِ الأحمرِ الدولي لتقديمِ العنايةِ والمساعدةِ الطبيَّة للمصابين والجرحى التي تتزايدُ أعدادهم بشكلٍ يفوقُ كلَ توقعٍ .
فاطمةُ الفتاةُ السمراءُ التي تجاوزت العشرين ربيعًا بسنواتٍ .. طويلةُ القدِ حنطيَّةُ البشرةِ ساحرةُ الطرفِ بعيونٍ عسليَّةٍ ، عذبةُ اللمى تعيشُ مع أخواتها الثلاثةِ في منزلٍ متواضعٍ في إحد المخيماتٍ تركه لهم والدها بعدَ استشهاده في إحدى الغاراتِ الإسرائيليةِ التي شنتها قواتُه على القطاعِ أثناءَ تصديهم لمحاولةِ توغلٍ . ومنذُ ذلكَ الحينِ وهي ابنةُ عشرِ سنواتٍ تعوَّدت على تحملِ المسؤوليةِ باكرًا كانت ترعى أخواتها مع أمها وتعملُ بكلِ جهدٍ لتأمينِ متطلباتِ العيشِ القاسيةِ . لا همَ لها إلا رؤيتهن سعيدات لا يحتجهن
شيئًا ناجحاتُ في دراستهن . لهذا رفضت العديدَ من الشبانِ الذين تقدموا لخطبتها حُرِمت من متعِ الحياةِ الكثيرةِ التي كانت صديقاتها يتمتعن بها ومن حنانِ الأب فكانت بمثابةِ أمٍ ثانيةٍ لهن .
كانت تعودُ كلَ مساءٍ منهكةً من التعبِ ومن الألمِ مما تراه من جرائمِ الأحتلالِ الإسرائيلي ومن المعاناةِ من نقصِ الماءِ وانقطاعِ الكهرباءِ وقلةِ الموادِ الغذائيةِ ، المساعداتُ التي تأتي من الخارجِ عبرَ معبرِ رفحٍ الوحيد لا يسمحُ لها بالدخولِ وإن دخلت لا تسدُ رمقَ الجائعين فتنامُ من شدةِ التعبِ .
بعدَ أن تقضي دقائقَ قليلةٍ تتفحصُ مايردُ من أخبارِ المقاومةِ والعالمِ في هاتفها الخليوي ومن ثم تغطُ بالنومِ . وقد حدثَ أن شاهدَته مرةً في إحدى الفيديوهاتِ المنتشرةِ بكثرةٍ في مواقعِ التواصل ِالإجتماعي . شابُ طويلٌ قويُ البنيةِ بمعطفه الأسودِ الأنيقِ وحذائه الطويلِ يحملُ قاذفَ آربي جي على كتفه ويركضُ برشاقةٍ لافتةٍ من مكانٍ لآخرِ يتصيدُ آلياتِ العدوِ فيصيبُها بمقتلٍ ، خفقَ قلبها لرؤيته ، أعادت مشاهدةَ الفيديو أكثرَ من مرةٍ إبتسمت وأطفأت هاتفها واستسلمت للنومِ اللذيذِ .
حلمت ليلتها أنها تقفُ عندَ بوابةِ فاطمة في الجنوبِ اللبناني قُربَ الشريطِ الحدودي مع فلسطين ، تتوشحُ العلمَ الفلسطيني . بيدها مفتاحُ كبيرٌ اقتربت من البوابةِ فتحتها وعبرت للداخلِ .
إستيقظت صباحًا سعيدةً تقصُ حلمها على والدتها لعلَّها تجدُ تفسيرًا له ، ابتسمت الأمُ وأخبرتها أن حلمَها جميلٌ ويبشرُ بالخيرِ . خرجت بعدها من المنزلِ بعدَ أنْ تلقت اتصالًا بوقوعِ غارةٍ على منزلٍ ليس ببعيدٍ عنهم ، خلفت وراءها الكثير من الضحايا . خرجت بسرعةٍ وإنطلقت بسيارةٍ الإسعافِ بين المنازلِ التي سُوَّيت معظمها بالأرضِ ومنْ بقي من السكانِ قليلٌ ممن لم تتوفرُ لهم فرصةُ الهربِ لمكانٍ آخرٍ أكثرَ أمنًا حيث لا مكانَ آمنٍ بكل غزةَ .
أثناءَ سيرِ سيارةِ الإسعافِ في الشوارعِ الضيقةِ لمحته من بعيدٍ بأناقتهِ المعهودةِ ورشاقته يعدو بخفةِ نمرٍ يتوثبُ للإنقضاضِ
على فريسته ، لما اقتربت سيارةُ الإسعافِ منه وأصبحت بمحاذاته إلتفتت .. فرآها إلتقت عيناهما بنظراتٍ سريعةٍ خفقَ قلبها بشدةٍ ، إبتسمت له ومضى يلوحُ لها .
أدركت فاطمةُ بحدسها أنَّ ما كانت تنتظره قد أتى أخيرًا .. يطرقُ بابَ قلبها بقوةٍ .
إنه الحبُ يالسعادتها .. قررت الأستسلامَ له ، بات طيفَه رفيقُها الوحيدُ وأنيسها لا يغيبُ عن عينها ويتسللُ كلصٍ ماهرٍ رائعٍ لأحلامها .
لم تعرفْ إسمه ولم تسألْ عنه ولم تهتمْ لذلك يكفيها أنَّ قاذفَ الآربي جي هو هويته وأناقته هي سمته وراحت تغرقُ بأحلامِ اليقظةِ هل ممكن أن يحدثَ ذلكَ في المستقبل ويجتمعان سوية كزوجين ببيتٍ واحدٍ بعدَ إنتهاءِ هذه الحربُ ؟!. هي لا تريدُ مالًا . فقط الآلياتُ العسكريةُ الصهيونيةُ التي يتصيدها مهرها ..
كم صلت ودعت أن تمنحها الصدفةُ فرصةَ لقاءه مرةً أخرى فهل ستفعل ؟!!.
عندما تعود للمنزل تأكل ما تيسر من طعامٍ وما أقله !!. ثم تفتحُ جوالها لإلتقاطِ أخباره وصوره . وماأسعدَها عندما تجدُ ذلك ... تصلي لله أن يحفظه ويحميه ثم تنامُ قريرةَ العينِ .
مرت أسابيعُ عديدةٌ بعدَ يومِ مولدها لم تصادفه وكانت كلما خرجت في سيارةِ الإسعافِ تضعُ وردةً جوريةً حمراءَ تقطفها مما تبقى من ورودٍ حديقةِ منزلها وتضعها في جيبِ سترتها علَّها تلمحُه في عبورها ممتطية عربةِ الإسعافِ .
وشاءت الأقدارِ أن تفعلَ ذلك .
كان هذا في صبيحةِ يومٍ ماطرٍ أنْ خرجت لتأديةِ واجبها المقدسِ بعدَ غارةً صهيونيةً عنيفةً على مشفى وسقوطِ عددٍ كبيرٍ من المدنيين الذين هربوا من منازلهم لشدةِ الغاراتِ التي تشتدُ وحشيتها يومًا
بعدَ يومٍ بسبب تراكم خسائرِ العدو البشريةِ والماديةِ فإحتموا بالمشفى أملأ بالنجاة . تفاديًا للأنقاض
بالشوارع أبطات سرعتها ، فبدا عند أولِ الشارعِ يعدو كغزالٍ أهيفٍ . خفقَ قلبها بشدة وكادَت النبضات الصاخبة أن تصمَّ أذنيها عندما اقتربت السيارةُ منه رمت وردتها من نافذةِ السيارةِ وإبتسمت له ، لما رآها احمرت وجنتاها فإبتسم لها وانحنى والتقطَ الوردةَ ووضعها في جيبِ معطفه ومضى يقفزُ سريعًا سعيدًا .. يالله كم كانت سعيدةً وكم شكرت ربها وحمدته هل يمكن أن تمنحنا الحياةُ في أشدِ أيامها حُلكةً وسوادًا أملأ ونوراً وحباً تساءلت فاطمة ؟!!.
قضت عدةَ أيامٍ مستغرقةً في أحلامها الورديَّة هي لم تعرفْ طعمَ الحُبِ يومًا والآن قد أتى فاتحًا ذراعيه إحتضنته بكل مافي الحُبِ من ألوان الشغف حتى غمرَ كيانها كله .
كانت تلعبُ هي ورفيقاتها بعدَ عودتها من المدرسةِ وكتابةِ دورسها عندما وصلهم الخبرُ
المفجعُ اعتادت في فتراتٍ سابقةٍ على غيابِ والدها من المنزلِ ، كان يغيبُ لعدةِ أسابيعٍ وكانت والدتها تتولى رعايتهم في غيابه ، عندما كان يعودُ له كان يصحبُ السعادةَ والفرحَ والبهحةَ معه فتغمرُ حياتهم لكن هذه
المرةَ أتى على غيرِ العادةِ محمولًا على الأكتافِ وملفوفاً بالأبيضِ تحملُه القلوب قبل الأكفِ ، الزغاريدُ ترافقه كعريسٍ في ليلةِ دُخْلَته ألقت نظرةَ وداعٍ وقبلته هي وأخواتها والدتها والغصةُ تخنقهُن والدموعُ تغرقُ عيونهن وهي تودعه لجَنةِ الخلودِ .
يومها أقسمت فاطمةُ بكلِ المقدسات أنها ستثأرُ وتنتقمُ له من أعدائه ولن يذهبَ دمه و رفاقه هدرًا
بدأت بعدَ إنتهاءِ دروسها تغيبُ لساعاتٍ طويلةٍ في معسكراتِ تدريبٍ على القتالٍ حتى أتقنت بعدَ
سنواتٍ كافةَ فنونِ القتال وإستعمالِ الأسلحةِ كافةً .
بعد مضي شهرٍ على لقائه لم تعدْ تسمعُ شيئًا عن فارسها المغوارِ وبدأت تغيبُ صورُه عن مواقعِ التواصلِ الإجتماعي التي كانت تتابع أخباره بكثرةٍ ، أقلقها غيابه المفاجىء .
ياترى ماهو السبب .. هل أصابه مكروه ؟!
وكل يومٍ يمرُ يشتدُ إنقباضُ قلبها ولا تعرفُ سببَ إنقطاعِ أخباره ولا تدري مالعمل !!.
استمرت حالتها تلك عدة أيامٍ وأمها بدأت تقلقُ لوضعها عندما إزدادَ شحوبُ وجهها . وغادرت وجهها الألوانُ وفترت همتها ظنت أمها ربما ذلك بسبب إرهاقها بالعملِ وما تراه من مآسي ومواجعٍ بسببِ شراسةِ الحربِ وقسوتها التي طالَ أمدُها وسهرها الطويلِ في بعضِ الأحيانِ .
سهرت ليلتَها طويلًا بعدَ أن يئست من العثورِ
على أنباءٍ تطفىءُ لهيبَ قلبها وسهت قبلَ الفجر لساعاتٍ قليلةٍ وأفاقت مذعورةً من نومها بعد أن رآت والدها يأتي لزيارتها وهو
مشتاقٌ جدا لرؤيتها هي وأمها وأخواتها قَبلَها
ومضى برفقته فارسُها الأنيقُ .
بكت جداً وإستعاذت بالله من الشيطان الرجيم وسألت الله تعالى أن يجعلَ منامَها خيرًا صلَّت الفجرَ ، أصواتُ الطائراتِ الإسرائيليةِ تزمجزُ بحقدها وترمي أثقالها فهتزُ الأرضُ تحت أقدامهم حيثُ أن الغاراتِ الإسرائيليةِ تجري في منطقة قريبة منهم .
إستيقظت العائلةُ كلها وهي ترتعشُ من الخوفِ إحتضنت ٱخواتها بحنانٍ وقبلتهن . عندما بزغَ الفجرُ بنوره فتحت هاتفها الجوالِ فعلمت أن غارةً إسرائيلية ً إنقضت على مشفى قريبٍ منهم وأزالت ما تبقى منه مما بقي قائمًا من الغارةِ الإسرائيليةِ الأولى . وهي تتابعُ قراءةَ الأخبارِ الأخرى لفت نظرَها خبرً نزلَ على رأسها كالصاعقةِ فقد أعلنت بعضُ المواقعِ نبأ إستشهادِ فارسها الانيقِ مع مجموعةٍ من رفاقه كانوا يتصدون لمحاولةِ إقتحامِ أحد محاور القتالِ الرئيسيةِ فسقطت مغشيًا عليها من فورها تلقفتها أمها وأخواتها وأخذن يرششن الماءَ والعطرَ على وجهها إلى أن إستفاقت وإستعادت وعيها . تجلدت بالصبرِ ، وقامت لتثبت لوالدتها أنها بخيرٍ إطمئنت الأمُ والأخواتُ على حالتها .
نهضت فاطمة وارتدت ملابسها وٱخبرت والدتها أنها قد تغيب لأيامٍ عن البيتِ بسببِ كثرةِ الإصاباتِ والشهداءِ ودعتهم وخرجت .
مرت عدةُ أيامٍ وأسابيعٍ وفاطمة لم تعدْ ولم يسمعْ عنها أيُ خبرٍ لكن أنباءً كانت تترددُ عن مجموعةٍ من المقاتلين قد نصبت فخًا لمجموعةِ جنودٍ صهاينةٍ كبيرة جدًا كانوا متحصنين بمبنى فجرته فسقطَ معظمهم بين قتيلٍ وجريحٍ ومن أتى لجندتهم رصدته طلقاتُ القناصين وأردته قتيلاً من بين أعضاء المجموعة فتاةٌ عادوا جميعاً بعدها إلى قواعدهم سالمين .