مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 13 أبريل 2025

غثاء السيل بقلم أحمد علي صدقي

غثاء السيل:
كانت جالسة لوحدها في خيمة متبتة فوف ركام مباني قصفها جيش المغضوب عليهم. إنها وحيدة تبقت من مجموع أسرة كانت تتكون من عدة افراد. افتكرت دارها.. افتكرت زوجها.. افتكرت تلك اللحظات التي كانت تحتظن فيها ابنها لما هاجمهما أحد من صعاليك القردة وأطلق رصاصة اخترقت رأسه فتبعترت أشلاءه في كل أركان تلك الخيمة.. وقفت تحمل ابنا بلا رأس. زغردت بكل ما ملك لسانها من قوة.. تزعزع الظالم.. كلبوءة شرسة، قفزت قفزة ضفداع إلى عنقه.. خنقته بيدين مخضبتين بدم بريء. اضطرب بكل قواه ليتخلص من قبضتها، ما استطاع. اسقطته أرضا.. عضته في أنفه.. في خده.. وهي تزأر زئير لبؤة.. زغردت ثانية.. استنجدها من تحتها:
- دريني استرجع نفسي.. من فضلك لا تقتليني.. تذكرت قوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). هدنت عدوها.. أطلقت سراحه.. وقف.. وجه مسدسه إلى رأسها.. لم تندهش من تصرفه. قالت بهدوء امرأة، بألف رجل :
- أنتم هكذا تنقضون العهود في كل مرة!! أحمق هو من يتعاهد معكم...
ضغط على الزناد. كانت الطلقة خاوية.. ولى هاربا.. تبعته تجري.. فلت منها.. ندمت على شفقتها عليه.. 
دوت سفارة سيارة إسعاف.. رجعت لوعيها.. بكت طفلها.. بكت أطفالا آخرين كثيرين ماتوا بقربها. بكت وحدتها رغم مليار ونصف من العرب حولها.. بنية قانطة رددت:
- ناموا في سبات غفلتكم. قصعة أكل شهية أنتم، تداعت إليها كل الأمم...
أحمد علي صدقي/المغرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق