مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأربعاء، 23 يوليو 2025

هواجس منسية بقلم ياسمين عبدالسلام هرموش

 هَواجِسٌ مَنسيَّةٌ 


قلتُ تَركتُ الكتابَةَ

فما جَدوىٰ قَلمٌ وَ قِرطاسة،

معَ أُمةٍ تقدسُ الطُغاةَ حدّ العِبَادة 

كلُّ شيءٍ لَديهُم عُرفٌ وَ عادَةْ

التَّفاهةُ، 

الفُوضَىٰ، 

والبَلادَةْ 

سَلبُوا منا الإرادَةْ

أجهضُوا النَّفسَ قبلَ الوِلادَةْ

وَ خَنقُوا الأحلامَ

في قارُورَةٍ

و تَحتَ وِسادَةْ!


فما جدوى القلمِ…

في أمةٍ

تُقدّسُ الجلّادَ

وتسجدُ لظلِّ الحذاءْ؟

في أمةٍ

تقرأُ الموتَ صلاةً،

وتنسجُ للظلمِ عباءةْ؟


أمةٍ

فيها التفاهةُ مذهبٌ،

والبلادةُ ميراثٌ،

والفوضى سِمةُ الحياةْ!

أمةٌ تُصفِّقُ للدمار،

وتنحني للعَهرِ إن سُمِّيَ سِياسةْ.


سرقوا منّا الإرادةْ

ذبحوا الحلمَ في مهدهِ،

وسقَوهُ من لعابِ الذلِّ قبلَ الفطامْ

وأجهضوا أرواحنا

قبل أن نُدركَ المعنى

وقبل أن نفتحَ للحريةِ عينا


لا لا تُبالي 

ولا تُبالي لأطفالٍ تتشردُ 

وأبرياءٍ من حقوقِ البشريةِ تتجردُ


كلُ يومٍ خطاباتٍ وإِعَادة 

ومُؤتمراتٍ دُو ليّة دونَ إفادة


أين أنتِ، يا عُصبةَ الأُممْ؟

أيا مَن تتلذّذينَ بمؤتمراتٍ كاذبةٍ

وشاشاتٍ ملوّنةٍ

وابتساماتٍ زائفةْ؟

أيا مَن تغطّينَ الجريمةَ

ببياناتٍ إنشائيّةٍ

كأنها نشيدُ العارْ؟


ألا تسمعينَ صدى الجوعِ؟

قرقرةَ الأمعاءِ الخاويةِ

في حاراتٍ بلا أسماءْ؟

لقططٍ تموءُ على النوافذِ،

ولأطفالٍ يبحثون عن ظلّ جدارٍ،

عن كسرةِ خبزٍ

عن رائحةِ أُمٍّ

ضاعت في زحامِ الحطامْ!


دَعيني الآنَ أنا مَنْ يتكلمُ:


أَوما سمعتِ قراقرَ أمعاءٍ خاويةْ ؟!!!

 لقططٍ كلَّ ليلةٍ  تموءُ في الزاويةْ 

لا تُبالي بالفقيرِ فحالهُ كحالِ البعيرِ 

أوما سمعتَ  عن ابن آوىٰ يعوي؟!!!

لا لا تُبالي بعويلِ أمٍّ تستغيثُ

تنتظرُ منكم مستجيب


لا... لا تُبالي

بعيونٍ فقدت لونَها من فرطِ البكاءِ

ولا بقلوبٍ

تتعفّنُ في الغُربةِ

والحُفرِ

والمخيماتْ.


لا تُبالي

إن تَشَرَّدَ طفلٌ

أو تَيَتَّمَ ألفٌ

أو احترقَ وطنٌ

في نشراتِ الأخبارْ.


آهِ يا فلسطينْ…

يا طفلةً

تُرمى بالحجارةِ،

وتحملُ الدّميةَ

 ووصيّةَ الشهادةِ في آنٍ معًا!


يا من كُتب عليكِ

أن تُقاتلي بالحرفِ

حين يجفّ البارود،

وأن تُولدي من الرمادِ

كلَّما ماتَ النشيدْ!


ويحَكِ يا أمّةَ العربْ!

أين كنتم

حين انطفأتِ البيوتُ

 على رؤوسِ ساكنيها؟

أين كنتم

حين صلبوا الكرامةَ

في وضحِ النهارْ؟


السلامُ

على من أنشدوا الحياةَ في زمنِ الفناءْ

على مَن زرعوا الأملَ

في تربةِ اليأسْ

ورحلوا…

دون أن يُمهَلوا لحظةَ وداعٍ

أو حضنَ وطنْ.


ياسمين عبد السلام هرموش


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق