علوي بن محمود
الفصل الخامس :
مكث ملحف اسبوعين في لقوا وبعد تردد يفاتح امه :
يالغاليه كل مافي هذه البساتين تحت يدش انفقي ولا تبخلي وكل من فيها من عمال من القفيفي والقفقفي في خدمتش عسى مايقصر عليِّش شي
تجيبه امه :
ملحف هو ذاك ملحف الظاهر انك تهيضت للسفر
يجيبها ملحف بخجل مضطر يامه وبطول عليش سبوعين وبرجعلش وعدش ارخصيلي في شهر واحد في الخارج قفل شغل السفارة وبعدها بتحصليني تحت رجولش لما اموت
ترد امه بحنان انته في عيوني ياملحف عسى ربي يعوضك على مافات ويهديك من كثر الاسمار والاسفار
يردد ملحف آمين آمين يامه
ويتسلق ملحف سلم شاحنة الشامان ذات اللون الأصفر الرملي المحمر كلون الجمال ويستقر على مقعد السايق الوحيد اذ ان مقدمها مفرد بعكس كل سيارات الدنيا وكأنه مقصورة طائرة حربية واستوى رفاقه خلفه
فينادي رفاقه عبر اللاسلكي في شاحنات القافلة وركاب الواز الاثنتين التي جائت بلون زيتوني غامق
بسم الله توكلنا على الله هيا يالربع بنتحرك عسى الله يهون سفرنا ويكفينا شر الطريق
وينطلق الركب يشق طريقه في وعر الجبال متلقفا اصوات الأعجاب والتحايا بحجم الشامان وصوته العالي الرهيب يتردد صداه في الأرجاء
تتوقف القافلة للغداء نحو الساعه الواحدة ظهرا وفي نحو الثانية والنصف ينتقل ملحف الى سيارة واز يرافقه اثنين وينطلق في طريق فرعي لقرابة ساعة زمان اختبر ملحف متانة الواز التي نالت رضاه ورضا مرافقيه
واذ يصلون الى مفرق لثلاثة اودية يتوقف ملحف ويتفرس ايش معها ذي الحرمة
لم ينتبه مرافقيه انها تتحزم ( بجنبية ) سلاح ابيض شعبي للرجال على غير عادة نساء المنطقة
فيجيبان مظهرها نوابه ومعها عسل نحل ننزل نجيبلك منها
يبتسم ملحف وينزل قائلا ناولني ربطتين فلوس انا باجيب
يدس المال في حزامه ويمشي تجاه المرأة ويسلم عليها ويستفسرها ايش تبيعين يابنت الاجواد
فتجيبه بلهجة قفيفيه فيها رنة من لهجة اخرى قديمة تدعى الدويليه يعرفها ملحف جيدا وتقول معنا عسل ياوجه الخير ان بغيت عسل جبلي موجود وان بغيت من نوبي موجود وتنهض واقفه
فيسئلها ملحف بفضول ولمن هذه الجنبية ذي معش فتجيبه شادة على حزامها ذا سلب ابني من ابوه المرحوم بحفظه له لما يكبر شوي وهاك هم خلفي في الغار عند النوب معه اخته الكبرى ترعاه
فيخرج ملحف ربطتي المال ويقول لها عطينا بوحدة عسل جبلي والثانية لش هدية
تجيبه المرأة بحزم يابن الناس انا ماقبل الصدقه وعاد زنودي تطحن الحب ورجولي تشلني
فيعتذر منها ملحف ويقول خلاص عطينا بهم عسل كلهم
فتجيبه المرأة والله مابابيع لك انت تشتري ونيتك الصدقه خل عسلي معي والرزاق الله
فيجيبها ملحف والنعم بالله والحق معش هيا رخصيلي
فتجيبه الله معك ويمضي ملحف عائدا للسيارة الا ويأتيه صراخ الولد والبنت وهما مابين الست والسبع من العمر ياماه ياما بيحروقون نحلنا ياماه وتتصاعد غيمة من دخان ونار قرب الغار لتمتشق المرأة جنبيتها راكضة خلف الثلاثه النفر الذي يحرقون مناحلها صارخة عدمتكم لاعدمت نوبي
يركض ملحف خلفها وان له ان يدركها وقد اقتربت من الرجال المعتدين فيسحب مسدسه ويطلق طلقتين بدوي هائل في الهواء صارخا بالمرأة في وجهي .. في وجهي يابنت الناس
وكان لدوي الطلقات مفعوله اذ اوقفت المرأة هجومها وتوقف المعتدين عن احراق المناحل
فيدركهم ملحف ويقف بينهما حائلا ومسدسه في كفه وفي ايدي الرجال جنابيهم
فيصرخ ملحف بهم وقد ادركه مرافقيه ذلحين قولوا من انتم والنوب نوبكم ام نوبها فيجيبه الرجال لا النوب نوبها الا انها ضرتنا به وحنا من اهل العديله
فيجيبهم ملحف الضرر عندي
ويلتفت ملحف للمرأة ويسئل وانتي ايش قولش
فتجيبه وهي تغلي من الغضب وانا عديليه منهم ماكفاهم ذي شلوه من ميراث ابوي وبني وجوني واحرقوا نوبي ذي منه معيشة عيالي
فيجيبها ملحف العوض عندي
فتصرخ به المعوض الله ماهو انته انا بغيت الحق منهم
فيجيب ملحف اذن صبري ساعة واحدة
ويلتفت للرجال قائلا وانتم عودو الى قريتكم وجهزو جوابكم القضوة بتجيكم لاعندكم
فيصرخ الرجال ان هذه المرأة وعيالها لاهم فينا ولامننا
يرد ملحف بحزم لكنكم اعتديتم عامحلها والحق يلحقكم
فيصروخون بسخط واستهزاء وانته من تكون لأجل توقف بيننا
فيسكت ملحف مرافقيه عن التعريف به ويقول بثقة الحرمة في وجهي اذ كفت جنبيتها عنكم وانا قفيفي وواقف في ارض القفيفه والقفقفي ساعة وبيان الحق لكم او عليكم
فينصرف الرجال الى قريتهم التي تبعد عشرين دقيقه عن المكان
وينادي ملحف عبر اللاسلكي بقيت القافلة ان تعالوا بسلاحكم ومرو على المعسكر ثم يحول الموجه الى موجة حرس الحدود ويخاطب القائد الذي يعرفه جيدا طالبا عشرة جنود بسلاحهم من المعسكر قرب العديليه فيجيبه الى طلبه ان جاهزين فلتمر عليهم القافلة
وماهي الا وساعه وقليل الا وينزل الجمع في العديلية ومعهم المرأة وابنيها
والجمع مابين اعجاب بشاحنات الجلييدي وبين الخوف من عسكر الدولة
واذ استقر الجمع يأبى ملحف ومرافقيه شرب قهوة مستضيفيه حتى يتم حل المسئلة
فيبتدر ملحف الحديث بأولا هل هاذه المرأة منكم وفيكم ام لا
فيجيبه الجمع الخصم وينكرونها وبنيها من نسبهم
فيجيب ملحف اذن اشيرو الى الأرض التي تزعمها المرأة ميراثا لها ولبنيها وثمونها بكم وهو مهر للمرأة ان هي قبلتني زوجا وامرها بيدها
اندهش الخصوم وحارو في الجواب ان هم غالوا في الثمن فضحهم الحاضرين وطمعوا ان المرأة اذا طلقت الغريب بعد الصلح ان يعودو فيسلبوها مهرها غير عالمين بمن هو ملحف وما شئونه وقدر نفوذه ومتخوفين من عسكر الدولة ناظرين الى شاحنات ملحف اجابوا بثمن وسط منقسمين الاراء بمن هذا الغريب الذي ستذهب له ( عزيمة العديلي )
ليجيب ملحف صح انا غريب ولكن هي غريبة ايضا ماقلتوا انها ماهي منكم هيا اقبلوا ولكم شاحنة من ذولا فيأبون فيزيد هيا ولكم ثنتين فيجيبون ثنتين منهم بوزة فيجيب ملحف وجب وجب لكن البوزة حق الديزل بعطي اما حق الماء فلا فيقبلون عرض ملحف جاهلين بُعد غايته
ليلتفت ملحف للمرأة هل تقبليني ولش شاحنتين مثلهم لترد بخجل طالما امري بيدي قبلت ان شفت فيك خير لي ولعيالي معك وان ماشي ردني للغار ذي كنت فيه
فيجيبها ملحف تشوفي الخير مهرش لش ان بقيتي او رجعتي لكن هذولا هلش او لا
فتجيب عزيمة هم هلي وفي ذمتهم نوبي ذي احرقوه
فيلتفت ملحف اليهم وانا مصدقها ( أم محني ) هيا شلوا كما قيمة ارضها مرتين مهركم مني والأرض تصبح لي فيستبشر الخصوم قائلين واحنا بعنا طالما هذيك وعيالها يخرجون من عندنا
يقطع ملحف استبشارهم قائلا مرحبا مرحبا بتخرج هي وعيالها لكن انا مابخرج من عندكم الا بجهاز حرمتي وجهازها ثلاثة لبوس فضة سابغة من لباس حريمكم وشرطي هيا تختار لبوسها بنفسها ثمن نوبها ذي اعتديتوا وحرقتوه
فتختار عزيمة ثلاث من افضل فضة نساء خصومها فيوافقون مكرهين ويقطع ملحف كراهتهم بالقول ولكم مية جمل وميتين راس غنم وليمة العرس مامنها عذر عوايد البلاد فتنجبر خواطرهم وان كان على حسد واضح لعزيمة اليتيمة وعيالها
وهاان الشمس غابت ويستمهله العديليه للعشاء فيأبى عليهم ويقول الان انا في شغل لكن باجي بعد شهر او اثنين اتفقد ارضي عندكم وبرسل من ينوب عني خلال يومين
فيقولوا مرحبا بك انته الان جار وصهر يضحك ملحف من تقلبهم ويمسك بيد محني ابن الست سنين متوجها الى الشاحنة قائلا انا صهر محني ومحني صهركم ان شاء حد من بنات عمه
واذ ينفرد ملحف وزوجته الغير متوقعه في احد الشاحنات وينام الطفلين في طريق العودة الى القرية على الطريق الرئيسي اذ وعزيمه في الكرسي خلفه تسئلة فجأة هو انته من يتحدث عنه سوقة جمال لبن الماعز الذين يمرون بها في الليل فيجيبها نعم انا ملحف الجلييدي قفيفي ان شئتي وجذري من الدويلة الا انني ابن الجديدة
فتجيبه كأنها لاتأبه لسمعت الجلييدي الطيبه وجذورة التي تعود الى ماوراء البحر
شف يابن الناس انا مارديتك قدام ربعي وربعك ولاشي رغبة لي بالزواج الا المخرجه من ظلم اهلي شف يابن الناس ان اخذتني رحمة هنا بافارقك فرحمت ربي اوسع لي وان بغيتني حرمة فلاتدخل علي الا بعد شهرين
فيجيبها ملحف متفهما طلبها لاوالله ماخضتش رحمة انما يعجبني العود ذي يقرح شرار والصبر والهمه واعتزاز القفيفه بأهلها ويضيف ورنة لهجة الدويلة في صوتش خلتنا احن آووه ياحنين المهاجر ليته المغرب يعود وكيف بيعود الا القفيفه صنو الدويلة
وينادمها ملحف بمودة شفي ياعزيمه انا كنت طير مهاجر ومحب للأسفار وكان لي غربة في بلاد بعيدة لكن خلاص الان بستقر في القفيفه وماعندي الا امي العجوز وهي في لقوا ومعي فيها بساتين نخل وعلوب واخوتي واخواتي في عاصمة الجديدة ولي اولاد من حرمة سابقه فارقتها مصعب واية ونور والصدق انني ماشوفهم الا بالنادر عساهم في يوم يذكرون ابوهم ويعفون عن سنين اغترابه
ثم يمازحها ملحف بس هاه شفينا من قوم نثني في الزواج
فتضحك عزيمه قائلة ثني وثلت وربع الرجال ماترتبط وانته حر وانا حرة ماغير لاتضر عيالي
فيجيبها ملحف عيالش في الحفظ والصون عسى اني اخاويهم منش
فترد عزيمه ومن غيري من كثرت عياله زاد عزة
ثم تسئلة ليه اعطيت العديليه بوزة الديزل وهي زاد مراكبك
فيجيبها ملحف مقهقها شر واضمرته للعديليه على ظلمهم لش خليهم يبيعون ديزلها ومن هنا لعاصمة القفيفه او الجديدة ولاحد بيعبيلهم ديزل الا بأمري وقد نزعت منها اللاسلكي فلايعلمون بتحركاتي وماتنفعهم الا للماء بعد ماتنفك منها ريحة الديزل
ثم انني سأسلط عليهم الشقي الزري يقوم على ارضي عندهم ويوريهم كيف هو الظلم وجحود النسب والقربة وظلم اليتيم والأرمله
تعجب عزيمة بذكاء ملحف وبُعد اغراضه وكيف اخفى مرامية ليبدو خسران وقد فاز خلسه على خصومه وترجوه قائلة ان كان لي خاطر عندك لا تجور على اهلي
فيستغربها ملحف كيف تحنين عليهم وقد ظلموش فتجيبه من ذاق الظلم مايتمناه لأحد ليزداد اعجاب ملحف بها ويقول والنعم بأم محني هيا كرامة لش امرهم بيدش ثقلي او خففي ولكن انا مابعفو عنهم الا بعد عام والى ما انتي تعفي عنهم وتردين ارضهم لهم فأنا مابغيت جوارهم ولش ولعيالش مني مقابلها ارض بنخلها ذبرها ونبرها خالصة سواء ان فارقتني او ضليتي معي على الا تعودي الى جوارهم فيطمعوا فيش مرة اخرى
فتجيبه عزيمة والنعم فيك قد بالغت واكرمتني وعزيتني وعزيت عيالي وانا مايهون علي تعطيني من رواحلك ثنتين مثلهم وتبقالك بوزة ماء والصغار فرواحلي اذن لك
يبارك فيها ملحف ويسئلها ان لاترد عطاه الذي قدمه بهناء نفس فتأبى واذ يلحف عليها تقول شفنا حب النوب والنحل هاتلي منهم يكفيني فيرضى ملحف عن تواضعها وان كان يضمر الا ان يرد كرمها يوم ما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق