***************************
حين بلغ الوجع حدّه الأخير
حيث لم يعد للبكاء صوت..
ولا للصبر معنى
تكوّن في قلبي فراغ..
كان أوسع من الإحتمال
أقبل عليّ جوادٌ..
بياضه كنسيج الغيب..
حين يتجلّي بلا حجاب
إقترب.. غرقت في السكينة..
من جمال ما رأيت
وما أن وضعت يدي على عنقه..
حتى انشقّ الوجع عن جناحين عظيمين
امتدّا من الجواد بمد الفضاء
وانفتح الفضاء.. كسؤالٍ عظيم
حيث تسقط الأسماء..
وتبقى الحقائق مجرّدة من كل زيف
طار بي بعيداً إلى مدن لم تعرفها خرائط البشر
مدنٌ شفافة.. كأنها خلقت من حبات الندى
أو من حبات المطر الأول
الذي لم تمسّه غيوم النّدم
مدنٌ بنيانها من المعرفة
شفافيّتها من اليقين
حين يصفو من الشك
أهلها برقة قلوب الطير..
التي لا تعرف المقاومة
لا يجرحون الهواء إذا مرّوا
لا يتكلمون..
فالكلام عندهم ثِقَلٌ لا يُحتمل
يتواصلون فقط.. بالنور
ومن فَهِم النور.. استغني عن الحروف
الأنهار هناك يجري فيها الجمال
الشوارع تمتد كالفكرة الطيبة..
والخواطر الرقيقة
شوارعهم في النهاية.. تؤدي إلى الذات
أزهارهم تنبت كالطيف الجميل
لا تجرؤ على قطفها
لا تجرؤ أن تلمسها..
لأنّها خلقت فقط.. لكي تُفهَم
وقفت في ساحة بلا حدود..
سمعت صوتاً من داخل الروح
هذا ما تبحثين عنه منذ بدأ السؤال فيكِ
سألت الجواد..أهذه جنّة؟
إبتسم دون أن ينطق
أدركت هنا.. أن اللغة.. أدنى من المعنى
أدنى كثيراً.. كثيراً جداً
سمعت الصوت من داخل روحي مرّة أخرى
كأنه آتٍ من مقامٍ عالٍ
إنّ كل ما مررتِ به منذ بداية الرّحلة..
لم يكن إلّا حال
إنّها ليست أماكن
ومن عرف حاله.. استغني عن الطريق
تعجبت وسألته.. لماذا لم أبق هنا إذن؟
أجابني.. لأن من عرف المعنى يحمله
المعنى لا ينبغي أن يُسكَن
ثمّ أُعيدت إليّ أثقالي وجراحي
ولكن.. شيئاً ما لم يعد إليّ..
الخوف.. فقد انكسر الي الأبد
أما الوجع.. فقد تحوّل إلي مُعلّم كبير
تعلّمت من الرحلة..
اننا حين نهرب من الوجع.. لا نشفي
وأن الوجع الصادق.. يحمل على جناحيه رسالة
لا يراها... إلا من سلّم قلبه للنور.
بقلم : حنان الجوهري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق