بقلم/نشأت البسيوني
في لحظة مافيهاش أي مقدمات بنصحى على نفسنا مختلفين مش زي إمبارح ولا زي اللي قبله بنبص في المراية نلاقي ملامحنا هي هي بس الروح من جوه اتبدلت كأنها عدت في طريق طويل محدش شافه غير قلبنا والغريب إن التغيير ده ما بيعلنش عن نفسه لكنه يظهر في تفاصيل صغيرة في رد فعل هادي في كلمة كنا زمان ننفعل عليها في وجع كنا ننهار بسببه دلوقتي بنعديه زي اللي اتعود
يشيل حمل أكبر من عمره ومع الأيام بنكتشف إن النضج مش حاجة بنقررها ده نتيجة لحاجات كتير خسرناها لقلوب خرجت من حياتنا لمواقف علمتنا وجعها قبل ما نفهم معناها لطرق مشيناها وإحنا مش فاهمين نهايتها ولحظات قاسية كسرتنا ومحدش حس بينا فيها وكل ده بيكبر جوانا فكرة إن الإنسان مش بعدد سنينه لكن بعدد المواجع اللي قدر يقوم منها ونتعلم إن كل سقطة فيها درس وكل
وجع فيها فرصة وكل ضياع فيها طريق جديد وكل خذلان فيه حكمة ونتعلم إن الحياة مش دايما عادلة لكن قلبنا قادر يلاقي العدل في اللي جوانا وفي اللي نختاره لأنفسنا في مرحلة معينة بنبعد عن الناس اللي وجودهم عبء مش غلا بنبعد مش كراهية لكن حفاظا على نفس بقت تستاهل نراعيها بنختار الصمت بدل الجدال ونختار المسافة بدل القلق ونختار السلام بدل أي حاجة
تاخد من روحنا أكتر ما تديها وده مش ضعف ده أعلى درجات القوة اللي بتخليك تمشي وإيدك ماسكة في قلبك مش في الناس ونتعلم إن القوة الحقيقية مش في السيطرة على الآخرين لكنها في السيطرة على نفسنا وفي القدرة على التعافي من كل ما آذانا ومع كل خطوة هادية بنكتشف إن أكبر خسارة في الدنيا إنك تضيع نفسك علشان ترضي حد عمره ما حاول يفهمك وإن أكبر مكسب
إنك تلاقي روحك بعد غياب طويل بنلاقي إننا بقينا نميل للهدوء مش لأن الدنيا هديت لكن لأن الوجع علمنا إن الصوت العالي مش دليل حق والغضب مش دليل قوة وإن السكوت ساعات بيقول أكتر مما بتقوله الصفحات ومع الوقت نفهم إن العلاقات مش بالعِشرة العلاقات بالأمان فيه ناس تقعد معاها ساعة وتديك راحة سنين وناس تقعد معاها سنين وتاخد منك راحة العمر كله ونعرف إن اللي
ما بيحافظش عليك مش لازم نحافظ عليه وإن اللي يفتح لك باب قلبه بصدق أفضل ألف مرة من اللي يسيبك واقف برا بتستنى تفسير مش هييجي ومع النضج بنشوف الحياة من زاوية تانية زاوية هادية واضحة صادقة بنبطل نركض ورا اللي مش لينا وبنحمد ربنا على اللي مشي وبنرحب باللي جاي بقلب واعي مش متعلق بروح مفتوحة مش منكسرة بعقل فاهم إن كل شيء مكتوب
له ميعاد وإن اللي اتأخر ما كانش خير ليك في وقته وبنوصل للحظة نفهم فيها إننا ما كبرناش علشان نقسى إحنا كبرنا علشان نفهم نفهم نفسنا نفهم احتياجاتنا نفهم قيمة الراحة ونفهم إن السلام مش مكان ده حالة داخلية بيبنيها الإنسان من جواه وفي آخر الطريق نكتشف إن الروح دايما بتنضج قبل العمر وإن اللي اتكوى بالوجع ما ينضجش قليل واللي عرف نفسه ما يعودش تائه
واللي فهم معنى السلام عمره ما يرضى بغيره ونتعلم كمان إن التجارب مش دائما بتظهر في الوقت الصح لكنها دايما بتظهر في اللحظة اللي نكون مستعدين فيها إنها تظهر ونتعلم كمان إن الناس اللي رحلت ما رحلتش عبثا كل واحد اتصرف بالطريقة اللي المفروض يتصرف بها علشان إحنا نتعلم ونقوي نفسنا وكل اللي اتأخر أو اتأذى له سبب يمكن نكتشفه بعد سنين يمكن في لحظة
صمت أو نظرة لنفسنا في المراية بنفهمها وفي النهاية نعرف إن النضج الحقيقي مش اللي بنشوفه في المراية لكن اللي بنحسه جوانا لما الدنيا تغيرنا وتعلمنا وترجع تخلقنا من أول وجديد وده بيخلينا نعرف إن كل يوم بيعدي مش مجرد وقت بيعدي لكن فرصة جديدة لإعادة ترتيب روحنا وقيمنا وحياتنا وإن كل لحظة وجع أو فرح أو ضياع أو ضحك أو بكاء أو هدوء أو صمت أو كلام بنختاره أ
أو نسكت عنه بيبني فينا نسخة أقوى وأعمق وأكثر وعي من الإنسان اللي بدأ الرحلة دي وإننا مهما اتعقدت الحياة أو اتلخبطت أو حصلت مواقف خيالية صعبة أو غريبة أو قاسية دايما الطريق بيرجعنا لنفسنا الطريق بيرجعنا لقلوبنا الطريق بيرجعنا لروحنا ونفسنا اللي كانت ضايعة أو متوهة وده بيخلينا نعرف إننا قادرين نكون موجودين بسلام حتى وسط الفوضى قادرين نكون واقفين
مهما اتكسرت أو اتألمت أو اتوهنا أو ضاعنا أو اتأخرنا أو اتأذينا وكل ده بيخلينا نكتشف إن الحياة رحلة ضخم جدا الروح فيها بتتكون قبل أي شيء وبتكبر قبل العمر والعقل والقلب والوجدان وكل اللي جوانا وكل اللي حوالينا وكل اللي عدى وكل اللي جاي وكل اللي نختاره وكل اللي ما نختارش وكل ده كله بيخلي النص نفسه ضخم متواصل عميق غني بالمعاني كأنه رواية طويلة واحدة لا نهاية لها إلا بفهم النفس وإعادة اكتشافها في كل لحظة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق