( ١٧ )
الوَصيَّة / ٢٠٠٧
١
هَمسُ حَفيفٍٍ كالنَّحيبْ..
كَصَدى خُطىً مَذعورَةٍ،
في الباحةِ القَصواءِ مَذهولٌ تُقاضيهِ ١ شُجونْ،
في صالةٍ عَزلاءَ كالعُشِّ الأمينْ،
كأنها رَيْحُ الملوكِ الغائبينْ، ٢
حَفيفُ مَروَحَةٍ تدورْ،
تهُشُّ هادئَةَ السّكونْ،
على البِلاط مُحشَّداً يَمتطُّ كالتّمثال يَبتلعُ الغُضون، ٣
جُفونُه مُتكسّراتْ،.
يَتَرهّلُ الجَسدُ النحيف،
وجهٌ تَغَرِّبُ في مَداه،
في غَوْرِ أهل الكَهْفِ
تاه،
مُنسابُ يخطفُُ ناظِريهْ..
للمشهدِ المُمتدِّ حتى السَّقفِ..
شَقَّقَ وجهَهُ شَرْخٌ فَضيعْ،
رَوْعٌ وصَمتٌ وانحباسْ،
----------
شرح المتن
١. الباحة: الساحة، الفَناء.
٢. الرَّيْح: مكان الأستراحةِ والأستجمام.
٣. يَمْتَطّ: يُمدّد جسمَه، الغُضون-
فتراتُ الوقت.
**
٢
نياسِمٌ تَسفي
النمالُ بها،
لتُوغِلَ في الصُّدوعْ،
تَدُبُّ تقتحِمُ الخُطوطْ،
تَهيجُ هَوْجَةَ أُخطُبوطْ،
تَحوكُ في قُربٍ حَميمْ.. بِساطَ صوف، ١
مُتأمِّلاً.، يطفو على سطحِ البِساطْ،
مُسَدَّل الجَفنينِ يَزحَمُهُ قُنوطْ،
يَحوطُ في يدهِ الجّبينْ،
جَزَعٌ بداخلهِ يَغوصْ،
يَتنفسُ الصُّعَداءَ
من خَفَقِ النُّكوصْ،
بِئراهُ غائرتانِ ٢ مُجدبَتينِ من مِلحِ الجّبينْ.،
خلف الزجاج..
تطوفُ عٌنقاءٌ مُفَرَّدَةَ الجَّناحْ،
شَجواءَ.،
هل تُنبيهِ في تَلَفٍ ذَهاباً، أم صَلاحْ !
----------
شرحُ المتن
١. في المقطع: السقفُ الذي يَدُبّ عليه النملُّ، يبدو عليه مثلَ بسطَةِ صوفٍ مُحاك، إشارةً إلى الفساد المُشرّع السّاند بعضُه بعضاً.
٢. بِئراه: كنايةً عن عينيه.
**
٣
يَستَلُّ منها دفترَ الذّكرى وسالِفَةَ الرُّسومْ..
وشَميمَ ريحٍ خَثِّرُت..
في حياةٍ عُلِّقَتْ، مَرصوصَةٍ في لَوحِ خائِلهِ لِحينْ،
تَنتابُه الأشكالُ يَرقُبُ في الجِباهِ وفي العُيونْ، فيدُلُّه الضِّلُّ النّحيفْ..
مُتساقِطاً فوقَ الوُجوه،
فَيَنبري المجهولُ من خَلفِ
الشّفوف..
البارحونَ على القوارعْ.. ١
هل يَرجِعونْ،!
وعلى الطريقِ الفاتحونْ،
هل يطرئونْ،؟
المُلهَمونَ بطارئاتِ السَّهوِ،.
إفرَنجُ، عِبرانٌ وأشتاتٌ عُفاةْ، ٢
يَتَربَّصونْ،
ألبارِحونْ..
هل يَقطعونَ الشَّوْطَ مِن غيرِ رجوعْ،
شرحُ المتن
----------
١. القَوارِعُ: القارِعَة- مُعضمُ الطريق تقرعُه أقدامُ المارّة.
٢.. الأفرَنجُ:- الأوربيون، سكان الغَرب، العِبران- مفردها عِبري، عِبراني، عابر، سُمّوا عِبراناً لأنهم يقطعون سبلَهم عَبرَ الصحراء بحثاً عن الماء والكلأ، الأشارةُ في البيت لما يمتاز به البدوي من تقوقُعٍ يحملُه على العَدائيةِ بمثلِ ما يحملُ مِن شهامةٍ وكرم، وثابتٌ أنَّ البَدوَ أكثرُ أصناف الناس في التنازعِ والتباغُض والأقتتال-
-وفي مثلِه قال الشاعر: إذا استُنجِدوا لم يسألوا من دعاهُمُو لِأيّة حربٍ أو لِأيّ مكانِ.
****
٤
أَمْ... أوديبْ.. ١ خَبِّرْهُ
ألا يصلونَ من لُغزِ السُّؤالْ..
مَمْفِسْ يُؤمِّنُها أبو الهَوْلِ العتيدْ، ٢
للوقتِ سُلطتُه عليهِم والسؤالْ..
الوقتُ يَغرَقْ،
أم يرحلونْ!..
والشمسُ تَشفِقْ،
أيؤونُ لِلُّقيا أوانْ،!
والنجوم.. لابدَّ تأفلْ،
والطيورْ.. غَبَشَاً تُهاجرْ.،
هو ذا يخطَّ مُقَدَّراتِهْ مِن دَواليبِ الزمانْ،
لابدّ ثَمَّ يَدٌ تعابثُ صُبحَه تُقصي نهارَهْ،
يُوشي سوادُ اللّيلِ لونَ الفجرْ.،
يُطفي أُوارَهْ،
هل يَطرَئونْ..؟
فاضطُرَّ أنْ يُقصي سُؤالَهْ.. يَخُطَّ في يَدهِ وَصايا في رسالةْ..
شرحُ المتن
----------
١.. أوديب:- في أساطير مصر ٢٥٠٠ ق.م، قَتَلَ أباه مَلِكَ طيبةَ ونصّبَ نفسَه خَلَفاً له، وتزوجَ أمّه التي هي زوجةَ الملك، دون أن يَدري أنها أمُّه.
٢. أبو الهَوْل- يحرسُ مدينةَ مَمْفِس (طيبة)، ولا يسمحُ للغريبِ دخولَها إلّا بعد أن يطرحَ عليه سؤالاً هو: ما الكائنُ الذي يمشي في الفجرِ على أربعٍ، وفي الظّهيرة على اثنتين، وفي المساء على ثلاثة، فَحَلَّ أوديبُ اللّغزَ، وكان الأنسانُ، العَتيد- الحاضرُ المُتَهيّئ.
**
٥
إي بُنَيْ.. أوصيكَ أمّا بَعدُ..
فاستمعِ المقالةْ..
لا تَدّعي دَربَ الخَلاصْ..
فَلَسَوفَ تَنزَعْ،
ولدي...
إذا ما زَهرُ قُفّازِ الثّعالبِ يَزدَهي بالهندِ عالَةْ،. ١
يَشوبُ عُشبتَه الذُّعافُ، ٢
يَلتاثُ حورٌ في عُجالةْ، ٣
وإذا تعذَّرَ مِن شُجاعُ،
يقولُ في الأبقارِ.. يُؤكلُ لَحمُها.،
ولا ضَلالةْ، ٤
أَبِّلْكَ ولْيَكبُرْ هَواكا.. ٥
فَيريعَ من صَيْبٍ نَواكا.. ٦
يُشبِّكونَ لهُ ظِلالَةْ، ٧
حتى يَغُصَّ بكَ انتشاءْ..
يُزهيكَ في ألَقِ الجَّلالةْ،
فَتصيرَ قُطْباً فاضِلاً..
غرسُهُ ذَرْوُ النِّخالة.
شرحُ المتن
----------
( ١٧ )
الوَصيَّة / ٢٠٠٧
١
هَمسُ حَفيفٍٍ كالنَّحيبْ..
كَصَدى خُطىً مَذعورَةٍ،
في الباحةِ القَصواءِ مَذهولٌ تُقاضيهِ ١ شُجونْ،
في صالةٍ عَزلاءَ كالعُشِّ الأمينْ،
كأنها رَيْحُ الملوكِ الغائبينْ، ٢
حَفيفُ مَروَحَةٍ تدورْ،
تهُشُّ هادئَةَ السّكونْ،
على البِلاط مُحشَّداً يَمتطُّ كالتّمثال يَبتلعُ الغُضون، ٣
جَفناه مَرهوقا ذُعُور،.
يَتَرهّلُ الجَسدُ النحيف،
وجهٌ تَغَرِّبُ في مَداه،
في غَوْرِ أهل الكَهْفِ
تاه،
مُنسابُ يخطفُُ ناظِريهْ..
للمشهدِ المُمتدِّ حتى السَّقفِ..
شَقَّقَ وجهَهُ شَرْخٌ فَضيعْ،
رَوْعٌ وصَمتٌ وانحباسْ،
----------
شرح المتن
١. الباحة: الساحة، الفَناء.
٢. الرَّيْح: مكان الأستراحةِ والأستجمام.
٣. يَمْتَطّ: يُمدّد جسمَه، الغُضون-
فتراتُ الوقت.
******
٢
نياسِمٌ تَسفي
النمالُ بها،
لتُوغِلَ في الصُّدوعْ،
تَدُبُّ تقتحِمُ الخُطوطْ،
تَهيجُ هَوْجَةَ أُخطُبوطْ،
تَحوكُ في قُربٍ حَميمْ.. بِساطَ صوف، ١
مُتأمِّلاً.، يطفو على سطحِ البِساطْ،
مُسَدَّل الجَفنينِ يَزحَمُهُ قُنوطْ،
يَحوطُ في يدهِ الجّبينْ،
جَزَعٌ بداخلهِ يَغوصْ،
يَتنفسُ الصُّعَداءَ
من خَفَقِ النُّكوصْ،
بِئراهُ غائرتانِ ٢ مُجدبَتينِ من مِلحِ الجّبينْ.،
خلف الزجاج..
تطوفُ عٌنقاءٌ مُفَرَّدَةَ الجَّناحْ،
شَجواءَ.،
هل تُنبيهِ في تَلَفٍ ذَهاباً، أم صَلاحْ !
----------
شرحُ المتن
١. في المقطع: السقفُ الذي يَدُبّ عليه النملُّ، يبدو عليه مثلَ بسطَةِ صوفٍ مُحاك، إشارةً إلى الفساد المُشرّع السّاند بعضُه بعضاً.
٢. بِئراه: كنايةً عن عينيه.
******
٣
يَستَلُّ منها دفترَ الذّكرى وسالِفَةَ الرُّسومْ..
وشَميمَ ريحٍ خَثِّرُت..
في حياةٍ عُلِّقَتْ، مَرصوصَةٍ في لَوحِ خائِلهِ لِحينْ،
تَنتابُه الأشكالُ يَرقُبُ في الجِباهِ وفي العُيونْ، فيدُلُّه الضِّلُّ النّحيفْ..
مُتساقِطاً فوقَ الوُجوه،
فَيَنبري المجهولُ من خَلفِ
الشّفوف..
البارحونَ على القوارعْ.. ١
هل يَرجِعونْ،!
وعلى الطريقِ الفاتحونْ،
هل يطرئونْ،؟
المُلهَمونَ بطارئاتِ السَّهوِ،.
إفرَنجُ، عِبرانٌ وأشتاتٌ عُفاةْ، ٢
يَتَربَّصونْ،
ألبارِحونْ..
هل يَقطعونَ الشَّوْطَ مِن غيرِ رجوعْ،
شرحُ المتن
----------
١. القَوارِعُ: القارِعَة- مُعضمُ الطريق تقرعُه أقدامُ المارّة.
٢.. الأفرَنجُ:- الأوربيون، سكان الغَرب، العِبران- مفردها عِبري، عِبراني، عابر، سُمّوا عِبراناً لأنهم يقطعون سبلَهم عَبرَ الصحراء بحثاً عن الماء والكلأ، الأشارةُ في البيت لما يمتاز به البدوي من تقوقُعٍ يحملُه على العَدائيةِ بمثلِ ما يحملُ مِن شهامةٍ وكرم، وثابتٌ أنَّ البَدوَ أكثرُ أصناف الناس في التنازعِ والتباغُض والأقتتال-
-وفي مثلِه قال الشاعر: إذا استُنجِدوا لم يسألوا من دعاهُمُو ** لِأيّة حربٍ أو لِأيّ مكانِ.
******
٤
أَمْ... أوديبْ.. ١ خَبِّرْهُ
ألا يصلونَ من لُغزِ السُّؤالْ..
مَمْفِسْ يُؤمِّنُها أبو الهَوْلِ العتيدْ، ٢
للوقتِ سُلطتُه عليهِم والسؤالْ..
الوقتُ يَغرَقْ،
أم يرحلونْ!..
والشمسُ تَشفِقْ،
أيؤونُ لِلُّقيا أوانْ،!
والنجوم.. لابدَّ تأفلْ،
والطيورْ.. غَبَشَاً تُهاجرْ.،
هو ذا يخطَّ مُقَدَّراتِهْ مِن دَواليبِ الزمانْ،
لابدّ ثَمَّ يَدٌ تعابثُ صُبحَه تُقصي نهارَهْ،
يُوشي سوادُ اللّيلِ لونَ الفجرْ.،
يُطفي أُوارَهْ،
هل يَطرَئونْ..؟
فاضطُرَّ أنْ يُقصي سُؤالَهْ.. يَخُطَّ في يَدهِ وَصايا في رسالةْ..
شرحُ المتن
----------
١.. أوديب:- في أساطير مصر ٢٥٠٠ ق.م، قَتَلَ أباه مَلِكَ طيبةَ ونصّبَ نفسَه خَلَفاً له، وتزوجَ أمّه التي هي زوجةَ الملك، دون أن يَدري أنها أمُّه.
٢. أبو الهَوْل- يحرسُ مدينةَ مَمْفِس (طيبة)، ولا يسمحُ للغريبِ دخولَها إلّا بعد أن يطرحَ عليه سؤالاً هو: ما الكائنُ الذي يمشي في الفجرِ على أربعٍ، وفي الظّهيرة على اثنتين، وفي المساء على ثلاثة، فَحَلَّ أوديبُ اللّغزَ، وكان الأنسانُ، العَتيد- الحاضرُ المُتَهيّئ.
******
٥
إي بُنَيْ.. أوصيكَ أمّا بَعدُ..
فاستمعِ المقالةْ..
لا تَدّعي دَربَ الخَلاصْ..
فَلَسَوفَ تَنزَعْ،
ولدي...
إذا ما زَهرُ قُفّازِ الثّعالبِ يَزدَهي بالهندِ عالَةْ،. ١
يَشوبُ عُشبتَه الذُّعافُ، ٢
يَلتاثُ حورٌ في عُجالةْ، ٣
وإذا تعذَّرَ مِن شُجاعُ،
يقولُ في الأبقارِ.. يُؤكلُ لَحمُها.،
ولا ضَلالةْ، ٤
أَبِّلْكَ ولْيَكبُرْ هَواكا.. ٥
فَيريعَ من صَيْبٍ نَواكا.. ٦
يُشبِّكونَ لهُ ظِلالَةْ، ٧
حتى يَغُصَّ بكَ انتشاءْ..
يُزهيكَ في ألَقِ الجَّلالةْ،
فَتصيرَ قُطْباً فاضِلاً..
غرسُهُ ذَرْوُ النِّخالة.
شرحُ المتن
----------
١. زهرةُ قُفّازِ الثّعلب: زهرةٌ سامة تنمو بارتفاع ثلاثةَ أمتار، إذا تناول الأنسان أي جزء منها تصيبه بمشاكل في القلب ونوبة غَثَيان وإسهال. ٢. الذُّعاف: نوعٌ من السُّموم يقتلُ في ساعة.
٣. الحُور: زهرةٌ تُستخدمُ لعلاج الخوف مِن الشّر. المُرتقب، والقلق.
٤. الضَّلالَة، بفتح الضّاد: التّيه وحَمل الأثم.
٥. أبّلْكَ: أبِّلْ- فعلُ أمْر أبَلَ إبالَةً، ساسَ سياسةً، داولَ أمورَ الناس.
٦. يَريعُ: ينمو ويزدهر، الصَّيْب- النافعُ من المطر.
٧. الظِّلالة: بكسر الضاء- السَّقيفة أو العَريشة تنمو من نبتة مُتَسلّقة يُستظلُّ مِن تَحتِها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق