قصة قصيرة "أنا والعائلة"
أعيش وحيدًا؛ بعد رحيل زوجتي، ودائمًا ما اقضي، أطول وقت، في حجرة مكتبتي، وبين كتبي، فقد كنت أعشق مكتبتي، ولكي أتمكن أيضاً من القضاء على هذه الوحدة القاتلة ٠
كان الطقس شتويًا قارصًا، يكاد يجعل الدماء تتجمد في عروقي، وكان ينتابي في أوقات كثيرة شيء من الرتابة والملل، فالوحدة شعور سييء، لولا مكتبتي العتيقة، لكان قضي عليِّ يأسًا ٠
منذ فترة كنت اشعر ببعض الحركات الخفيفة في شرفتي، وقد أوعزت الأمر للرياح أو ماشابه، وفي هذه الليلة كان صوت الهمهات أعلى عما اعتدته من ذي قبل، وكانت الحركة أشد وضوحًا، مابعث في نفسي شيئا من الخوف والتوتر، فازددت إلتصاقًا بغطائي، فيما يبدو أنني أحتمي به ٠
تواترت الحركة والهمهمات ،فازددت التصاقا بغطائي وكأنني أعلن تحالفي معه، فلم تواتيني الجرأة، لكي أنطاع ماذا يحدث، وقررت ما أن تشرق الشمس، أن استجلي الأمر،
ولم أستطع أن أمنع نفسي من تذكر زوجتي الراحلة، ومضيت أستعيد جزءًا جميلًا، من حياتي معها، فعلت شفتىًّ إبتسامة واهنة، برغم بعض قطرات الدموع، التي تساقطت من عينييَّ، وذهبت في رحلة ممتعة، عبر الذكريات، فقد كانت زوجتي شلالًا متدفقًا، من الحنان، صحيح أننا لم نُرزق باولاد، وارتضينا الأمر، بعد رحلةٍ طويلةٍ وشاقةٍ، مع الأطباء، فعندها قررنا التوقف، بعد أن ايقنا انه لا فائدة تُرجى، ولم نعد الكرة مرة أخرى، واستلمنا لقضاء الله وقدرة ٠
ويبدو أنه بعد هذه الرحلة الطيبة ساعدتني كثيرًا، على تحول شعوري إلى الهدوء والسكينة، لأنني ذهبت في سبات عميق، ولم أشعر إلا بشعاع الشمس الدافئ، يداعب وجعهي، بعد أن تخطى، بابي المطل على الشرفة، فرأيت أشعة الشمس، تدخل متلصصة وكأنها تراقبني، لتعرف أحوالي أو لعل زوجتي الحبيبة، هي من طلبت ذلك لتطمئن علي أحوالي، وسرعان ما تذكرت حركة وهمهمات الأمس وماسبق، فاعتدلت، وأفقت نفسي، وذهبت إلي شرفتي، ولم أجد ما يريب، ولاشيء سوى صندوق، كانت زوجتي الحبيبة تضع فيه بعض الاشياء البسيطة، وكنت أخرجت هذه الأشياء، منذ فترةٍ طويلةٍ، وقمت بتنظيف الصندوق، لعلي أعيد استعماله، وكنت قد نسيت الامر تمامًا، وما أن اقتربت منه، ومددت رأسي، لأرى مابه، ويالا الدهشة !! وسرعان ماانتابني السرور، نعم لقد وجدت بيضًا للعصافيرٍ، وأدركت أنه ستصبح لديًّ عائلة، وكم كنت سعيدًا ،بانها أختارتني ٠
لأكون من بين العائلة ٠ ٠ ٠
قصة قصيرة
بقلم/ رشاد علي محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق