مجلة ضفاف القلوب الثقافية

الأحد، 1 مايو 2022

قصة مرداس زوج الشاعرة الخنساء و صديقه حرب و بيت الشعر

 قصه مرداس زوج الشاعرة الخنساء وصديقه حرب

وبيت الشعر 

وقبر حرب بمكان قفر 

وليس قرب قبر حرب قبر

مرداس وحرب

أحرقوا وادي الجن .. فوضع الجن رأسيهما على قائمة المطلوبين لعالم ما وراء الطبيعة !!

القصة هي عن سيرة رجل من سادة العرب في الجاهلية ومن سادة كنانة و قريش .. 

حرب ابن أمية ابن عبد شمس ابن قصي ابن كلاب .. وهو جد عثمان ابن عفان و جد معاوية و جد أبو سفيان .. وهو الذي أسس لقريش رحلة الشتاء و الصيف المذكورة في القرآن .. وهو أول عربي قال : ( بسمك اللهم ) في حادثه شهيرة له مع الجن !

حرب ابن أمية كانت نهايته نهاية مأساوية على يد الجن .. فجميع كتب الأدب و التاريخ العربي تجمع و تقر رسمياً أن هذا الرجل قد قتله الجن !

بدأت القصة عندما عاد حرب ابن أمية من حرب الفجار .. وهي حرب كانت بين قيس عيلان و كنانة .. و ابن أمية كان قائد جيش كنانة .. وعند انتهاء الحرب و أثناء عودته مر ابن أمية ليزور صديقه من بني سليم و اسمه مرداس ابن ابي عامر السلمي .. وهو زوج الخنساء الشاعرة العربية الشهيره في التاريخ ..

كان مرداس صديق حرب و شريكه في التجارة .. وكان يقيم في منطقة نائية اسمها القرية .. وكان في تلك القرية وادي كثيف الأشجار .. 

فقال مرداس لحرب ما رأيك في هذا الوادي ؟ .. فقال حرب انه لمزدرع .. أي انه يصلح لنقيم فيه مزرعه لخيولنا و مواشينا .. لكن مشكلته انه مليء بالأشجار ..

فقال مرداس نقتلع الشجر و نتشارك الموقع انا وأنت لترعى فيه خيولنا و مواشينا .. لكن مشكلة هذا الوادي أن أهل القرية يقولون أنه مسكون بالجن !

فقال حرب لمرداس إذاً إحرق الوادي و الشجر الذي فيه ليهرب منه الجن ! 

فقال مرداس وهل نجرؤ ! .. قال له حرب وهل تخشى شيء وأنا معك !

فأخذ مرداس شعلة النار و بدأ يحرق الشجر وهو ينشد : 

إني انتخبت لها حرباً و إخوتهُ .. إني بحبلٍ وثيق العهد دساسُ

إني أُقوم قبل الأمرِ حجتهُ .. كي لا يقال أن ولي الأمرِ مرداسُ 

وكأنه يقول للجن أني لست وحدي في هذا الأمر .. فمعي حرب و إخوانه .. وإني شاورت حرب في الأمر ولست أنا صاحب فكرة إحراق الوادي ..

وأخذ شعلة النار و بدأ يحرق في الوادي و حرب يقف خلفه ليشجعه ..

وعندما بدأت النار تأكل الشجر سمعوا ضجيج و صراخ و بكاء داخل الوادي .. و يذكر في كتب التاريخ أن الوادي خرجت منه أفاعي بيضاء مجنحه تطير هرباً من النار !!

ومع الصراخ و البكاء في الوادي سمع مرداس و حرب صوت جني في الوادي يقول لهما : 

ويلٌ لحربٍ فارساً مُطاعناً مُخالسا .. 

ويلٌ لعمرٍ فارساً إذا لبسوا القوانصا 

لنقتلن بقتله جحاجحاً عنابسا ! 

فقد مات في الحريق زعيم الجن و عرف لحظتها مرداس و حرب أنهما قد جنو على أنفسهم !

فبعد حرق الوادي أصبح حرب ابن أمية و مرداس ابن عامر على رأس قائمة المطلوبين في عالم ما وراء الطبيعة ..

أما موت مرداس ابن عامر فكان في لحظتها في نفس المكان .. فقد خنقه الجن في مكانه .. وعندما شاهد حرب صديقة وهو يموت شنقاً فر و هرب من الوادي ..

مرت الأيام و الأشهر و السنين و إعتقد حرب ابن أمية أنه نجا من الحادثه .. وخرج في أحد السنوات الى التجارة مع القوافل الخارجه الى الشام .. 

فكان حرب خارجاً مع قافلة تجارية يتواجد فيها أمية ابن ابي الصلت الثقفي .. وكان أمية ابن ابي الصلت رجل متدين .. فقد كان نصرانياً .. وليس وثني كحرب

وفي أحد ليالي سفرهم الى الشام وأثناء هم جالسين بجوار النار يتسامرون .. جاءت إليهم إمرأة تمشي .. كانت إمرأة من الجن مخيفة المنظر .. كان بيد المرأة قضيب حديد مشتعل .. فضربت قضيب الحديد في الأرض ضربة شديدة و صرخت عليهم صرخة مرعبة .. فهربت النوق التي معهم و ذعرت القافلة و تشتت .. فذهبوا يبحثون عن النوق و جمعوها من جديد .. فجاءت المرأة إليهم مرة أخرى و صاحت عليهم و ضربت قضيب الحديد في الأرض .. فهربت النوق مجدداً .. فجمعوا نوقهم مجدداً .. فعادت لهم المرأة للمرة الثالثة ففرت النوق مجدداً .. وهذه المرة وهم يجمعون النوق شاهدوا خيمة منعزلة في الصحراء .. كان أمام الخيمة رجل عجوز شائب الرأس يجلس أمام النار .. كان شكل العجوز من أبشع الأشكال .. لم يشاهدوا أبداً مثل هذا المخلوق .. خيمة منعزلة و عجوز بشع وحيد في صحراء شاسعة بين الحجاز و الشام .. فإستغربوا الأمر .. 

فقال أمية ابن الصلت للرجل العجوز أخبرنا بقصة هذه المرأة .. ماذا تريد منا ؟!!

فأشار الرجل العجوز الى حرب وقال لهم انها تريد صديقكم هذا .. فإذا أتتكم مرة أخرى فقولوا لها بسمك اللهم .. ولن تشاهدوها مرة أخرى !

فحفظوا كلمة بسمك اللهم .. وجلسوا حول النار .. فجاءت المرأة تمشي بإتجاههم .. فقام إليها أمية بن ابي الصلت و صرخ في وجهها قائلاً بسمك اللهم .. فكان أول رجل في العرب جميعاً يقول بسمك اللهم .. وعندما قال لها أمية بسمك اللهم صاحت صيحه مرعبه ثم اشتعلت وأصبحت رماد !

انتهت تلك الليلة على خير .. وفي الصباح تابعت القافلة مسيرها .. وأثناء مسير القافلة أغار نفر من الجن على القافلة و خطفوا حرب ابن أمية و عذبوه و قتلوه و دفنوه في منطقة مقفره .. 

وذهب رسول من الجن الى مكة ووقف على مدخل مكة ونادى على الناس قائلاً : 


 وقبر حربٍ بمكانٍ قفر


وليس قرب قبر حرب قبر


وهذا البيت من الشعر يعتبر من الأبيات الإعجازية المستحيلة في اللغة العربية .. وهو يدل على انه كلام جن لا كلام بشر .. لأنه في علم اللغة يعتبر من المتناثرات ..

ويعتبر هذا البيت من الأبيات الخرافية التي لا تستطيع أن تكررها مهما كانت فصاحتك ثلاث مرات دون أن تغلط فيه !!


حرب ابن أمية قتل قبل الإسلام بستة وثلاثون سنة .. وقد قتلته الجن بإتفاق جميع رواة التاريخ العربي !


وهذه لم تكن أول قصة ولا آخر قصة بين الجن و البشر في التراث العربي قبل الإسلام أو بعد الإسلام ! 


مصادر القصة : 


كتاب الكامل في التاريخ و كتاب التعريف و الأعلام للسهيلي 

وكتاب التاريخ و الأعلام للزرقلي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق